طريق الإيمان
الإيمان بالله تعالى
إنّ الاعتقاد الجازم بوجود الله تعالى، وبربويته، ووحدانيته، وأسمائه، وصفاته، هو ما يطلق عليه الإيمان، فالإيمان بوجود الله دلّت عليه الكثير من النصوص الشرعية، وكذلك الفطرة السليمة، والعقل، حيث إنّ كل مخلوقٍ يُؤمن بخالقه ومُوجده، دون الحاجة إلى التفكير أو التعليم، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (ما من مولودٍ إلا يولَدُ على الفَطرَةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه أو يُنَصِّرانِه أو يُمَجِّسانِه)،[١] كما أنّ المخلوقات لا بدّ أنْ يكون لها خالق، فلا يُمكن أن تُوجد صدفةً، أو أنْ تُخلق نفسها، فالشيء لا يخلق نفسه، ولا بدّ لكلّ أمرٍ قد حدث من مُحدثٍ ومُسببٍ، وخاصّةً ما خُلقت عليه المخلوقات من إتقانٍ، وإحكامٍ، ونظامٍ في خلقها، وبناءً على ما سبق؛ فإنّ الخالق الوحيد هو الله تعالى، ودليل ذلك ما قاله الله في كتابه الكريم: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ*أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ)،[٢] كما يجب على المسلم الإيمان بأنّ الله تعالى هو الرب الوحيد، دون أنْ يكون له شريكٌ و مُعينٌ، أيّ أنّ الخلق، والتدبير، والملك، له وحده، لا يُشاركه به أحدٌ، ويجب أيضاً الإيمان بألوهية الله تعالى؛ أيّ أنّه المعبود الوحيد؛ حباً له وتعظيماً، وكلّ ألوهيةٍ غير ألوهية الله تعدّ ألوهيةً باطلةً، لا أصل لها، وآخر أمرٍ يتضمنه الإيمان بالله تعالى؛ الإيمان بأسمائه وصفاته؛ ويعني ذلك إثبات أسمائه التي أثبتها لنفسه في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية المطهّرة، من غير تحريفٍ، أو تعطيلٍ، أو تكييفٍ، أو تمثيلٍ.[٣]
طريق الإيمان
يتحقّق الإيمان في قلب المؤمن ويزداد؛ بفعل العديد من الأوامر، وفيما يأتي بيان بعضها بشكلٍ مفصلٍ:[٤]
- الالتزام بالتقوى، وتحقيقها في القلوب؛ بجعلها وقايةً، وحاجزاً بين العبد وبين عذاب الله تعالى وسخطه، واستشعار مراقبة الله تعالى سرّاً وعلانيةً، مع التمعّن والتفكّر بنعمه ومِنَحه على العباد.
- التعرّف على الله عزّ وجلّ، حيث إنّه خلق الإنسان في أحسن تقويمٍ وأجمل هيئةٍ، كما أنّ نعمه لا تُعدّ ولا تحصى على عباده، وأفضل النعم على العباد نعمة الإسلام.
- إقامة الصلاة بأركانها، والخشوع فيها، حيث إنّ الصلاة من أعظم أركان الإسلام بعد توحيد الله تعالى، كما أنّها صلةٌ بين العبد وربّه؛ ممّا يؤدي إلى تحقيق طمأنينة النفس، وراحتها، وسكونها، وتهذيب الأخلاق وتحسينها، وحفظ النفس من الفواحش والرذائل، ويجب على المسلم الحذر من تأخير إقامة الصلاة، أو التقليل من أهميتها.
- قراءة القرآن الكريم، وتدبّر آياته والخشوع فيها، والحرص على ذكر الله تعالى في كلّ الأوقات والأحوال، وبذلك يأمن المسلم على روحه ونفسه.
- الحرص على طلب العلم الشرعي؛ فالعلم يعدّ أساس العمل ومنطلقه، فلا يظهر العمل، ولا تظهر حقيقته، إلّا بالعلم النابع من القلب.
- المداومة على قيام الليل، ومناجاة الله تعالى وقت السَحر، وسؤاله من أفضاله، وطلب الحاجات منه، فقيام الليل من أسباب مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات.
- مصاحبة أهل الإيمان؛ فخيرهم دائمٌ لا ينقطع حتى يوم القيامة، مع التفكّر والتدبّر بيوم القيامة وأحواله، وكذلك التفكّر بالموت وسكراته، وما يكون بعده من أحوال القبر وظلامه، وما يكون من أحوال يوم القيامة، من السير على الصراط، والوقوف بين يدي الله تعالى للحساب.
- الدعاء؛ حيث إنّه عبادةٌ من العبادات التي يتقرّب بها العبد من الله تعالى، كما أنّه حلقة وصلٍ دائمةٍ بين العبد وربّه.
زيادة الإيمان ونقصانه
من المقرّر عند أهل السنة والجماعة أنّ إيمان العبد يزيد وينقص، فالزيادة تتحقّق بالطاعة، أمّا النقصان يحصل بالمعاصي والذنوب، ودليل ذلك قول الله تعالى: (إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ)،[٥] وورد أنّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن عدي أنّ للإيمان شرائعٌ، وفرائضٌ، وسننٌ، لا بدّ من إتيانها لاستكمال الإيمان، ومن لم يقم بها لم يستكمل دينه، كما أنّ الإيمان يزداد بزيادة أفراده؛ كالزيادة في الخشوع والهدى، ويزداد أيضاً بتفاضل أهله فيه، ودليل زيادة الإيمان ونقصانه من السنة النبوية قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (الإيمانُ بِضْعٌ وسبعونَ أو بِضْعٌ وستُّونَ شُعبةً، فأفضلُها قول لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطَّريقِ، والحياءُ شُعبةٌ من الإيمانِ)،[٦] كما وردت العديد من الآثار عن الصحابة -رضي الله عنهم- تدلّ على أنّ الإيمان يزداد وينقص، حيث ورد أنّ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- كان يمسك يد الرجل، ويقول له: (قم بنا نزدد إيماناً)، فالنفس الإنسانية قد تُصاب في بعض الأوقات بالفتور، والكسل عن الأعمال الصالحة، إلا أنّ الهمة يجب أنْ تكون متوقدةً بالأعمال الصالحة، والطاعات التي تقرّب من الله تعالى بشكلٍ كبيرٍ، ويجب أيضاً عدم التعلّق بالحياة الدنيا، وما فيها من أهواء النفس، ودليل ذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)،[٧] ويجب على المسلم أنْ ينظر إلى من هو أفضل منه من أهل الإيمان والصلاح، والتقوى، دون الابتداع في الدين، وفي سنّة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ممّا حذّر منه الله تعالى، وعليه أنْ يتعلّم من الأفضل منه.[٨]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1358، صحيح.
- ↑ سورة الطور، آية: 35-36.
- ↑ “معنى الإيمان بالله”، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 1-9-2018. بتصرّف.
- ↑ “مقوّمات تجديد الإيمان في القلوب”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 2.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 35، صحيح.
- ↑ سورة لقمان، آية: 33.
- ↑ “زيادة الإيمان”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-9-2018. بتصرّف.