تيسير الزواج في الاسلام

الزواج في الإسلام

إنّ الزّواج من ضروريات الحياة للإنسان، فالرجل يحتاج المرأة، والمرأة تحتاج الرجل، حيث إنّ في الزواج كمال الدين، وتحقيقٌ للعفّة والطهر، مع نيّة الحصول على الأجر من الله تعالى، كما أنّ فيه إعمارٌ للأرض من الإنسان؛ طاعةً وإقامةً لأوامر الله تعالى، وذلك عن طريق إنجاب الأولاد، وتربيتهم تربيةٌ إسلاميةٌ، وتنشئتهم ضمن بيئةٍ أُسريّةٍ ملتزمةٍ صالحةٍ، كما أنّه يؤدّي إلى سكون النفس، وراحتها، وطمأنينتها، واستقرارها، كما أنّ العلاقة الزوجيّة علاقةٌ قويّةٌ في مواجهة متاعب الحياة وهمومها، مع القضاء على مشاعر الخوف والقلق والوحدة، ولتحقيق جميع ما سبق لا بدّ من كلا الطرفين أن يُحسنا الاختيار، وإنّ الدين من أهمّ ما يجب تحقّقه في الطرف المقابل، مع الانتباه إلى أهميّة الخُلُق والأمانة، وشكل كلٍ منهما، والمحبّة والألفة والقبول القلبيّ، ومن الجدير بالذكر أنّه لا بدّ من رؤية كلّ طرفٍ للطرف الآخر؛ حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (فانظُر إليْها، فإنّهُ أحرى أن يؤدَمَ بينَكُما)،[١] مع تجنّب كلّ طرف للمثاليّة، والبقاء ضمن دائرة الواقعيّة في الحياة الزوجيّة، والتشارك في أهداف الحياة، والاشتراك في الكفاءة، سواءً أكانت من حيث المستوى المادي، أم من حيث مستوى التعليم أو النسب.[٢]

تيسيير الزواج في الإسلام

حثّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على تيسيير أمور الزواج؛ حيث قال فيما روته عنه أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أعظمُ النساءِ بركةً؛ أيسرُهنَّ مؤنةً)،[٣] كما أنّ التيسيير في الزواج كان من هدي الصحابة رضي الله عنهم،[٤] ومن الأساليب المستخدمة في تيسيير أمور الزواج:[٥]

  • التخفيف من مظاهر الزواج والتكاليف وإجراءات الحفلات، والتخفيف من المهور، وعدم المغالاة فيها، وجعل ذلك بما يتناسب مع أحوال الشباب، وخاصّةً في بداية حياتهم.
  • تخصيص قروض للزواج، وجعل تسددها بأمورٍ مُيسّرةٍ، مع اشتراط عَقد القِران عند الاقتراض.
  • إقامة قاعاتٍ وصالاتٍ خيريّةٍ خاصّةٍ بالأعراس، وتأجيرها بأسعارٍ رمزيّةٍ؛ بما يؤدّي تكاليف الصيانة والخدمات الأخرى.
  • تقديم الدعم للمشاريع التي تقوم على مساعدة ومساندة الشباب؛ في الأثاث والمواد الغذائية وغير ذلك ممّا يحتاجه الزوجين في بيتهما.
  • نشر الثقافة والتوعية بجميع وسائل الإعلام المتاحة، ومن خلال الوزارت والدوائر الرسميّة المعنيّة بذلك، كما أنّ للخطب والدروس والمواعظ دوراً فاعلاً في نشر الثقافة في المجتمعات المختلفة.
  • توفير فرص عملٍ للشباب بمختلف التخصصات، سواءً أكانت الوظائف في القطاع العام أم في القطاع الخاص، مع ضرورة دعم المشاريع الناشئة.
  • تشجيع تعدّد الزوجات؛ إعفافاً للنساء والأرامل والمطلقات، كما أنّ في الزواج منهنّ تحقيق الكفالة للأيتام والأرامل منهنّ، وذلك مشروطٌ بمن يتحقّق لديه شروط التّعدد الشرعيّة.
  • إقامة مكاتبٍ خاصّةٍ للاستشارات الأسريّة، وللإصلاح المجتمعي؛ تخفيفاً من نِسَب الطلاق، وتوفيقاً وإصلاحاً بين الأطراف المتنازعة.
  • حثّ الأغنياء على إخراج زكاة أموالهم، وإعطاؤها للمحتاجين، والفقراء والمساكين من المتزوجين.
  • إقامة أوقافٍ خَيريّةٍ؛ على أن يكونَ العائد منها مساعدةً ومساندةً للأزواج.
  • منع الاختلاط بين الجنسين، وخاصّةً ما يكون في حفلات الزواج، ومن ذلك دخول الرجال إلى قاعة النساء.
  • إعطاء كلّ مولودٍ من المواليد مساعدةً شهريّةً، حتى بلوغه سنّاً معيّنةً.
  • الحثّ على الزواج الجماعي في العائلة الواحدة، أو القرية الواحدة.
  • تربية الأولاد على تحمّل المسؤولية، وتنشئتهم تنشئةً هادفةً.

حكم الزواج في الإسلام

اختلف الفقهاء في حكم الزواج بشكلٍ عامٍ، وفيما يأتي بيان آراء العلماء، وأدلّة كلّ رأيٍ منها:[٦]

  • ذَهَبَ كلّاً من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والأوزاعي والليث بن سعد، إلى القول بأنّ النكاح مستحبٌ وليس واجبٌ، على حدٍ سواءٍ للرجل والمرأة، واستدلّوا بقول الله تعالى: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُو)،[٧] حيث إنّ تعليق الزواج بالاستطابة يدلّ على أنّه غير واجب، كما أنّ التخيير بين الزوجة الواحدة وبين ملك اليمين المباح يدلّ على ذلك، فلو كان الزواج واجباً، لما خُيّر بين ملك اليمين المباح؛ حيث إنّ التخيير لا يكون بين الواجب والمباح، وإنّما يكون بين واجبين، أو نفلين، أو مباحين.
  • ذهب المذهب الظاهري إلى القول بأنّ الزواج واجبٌ، واستدلّوا بقول الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه عنه الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث قال: (يا معشرَ الشّباب، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصّومِ؛ فإنّه لهُ وِجاءٌ)،[٨] حيث إنّ الأمر الوارد في الحديث السابق يدلّ على الوجوب، كما أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- نهى عثمان بن مظعون عن التبتّل؛ والنهي عن التبتّل يدلّ على أنّ الزواج واجبٌ.

إلّا أنّ حكم الزواج بشكلٍ مفصّلٍ يختلف بشكلٍ كليّ عن حُكمه بشكلٍ عامٍ، وفيما يأتي بيان حكم الزواج بشكلٍ تفصيليّ:[٦]

  • الزواج الواجب: يكون الزواج واجباً في حقّ مَن كان لديه رغبةٌ في النساء، مع خشيته على نفسه من الوقوع في الزنا، مع قدرته على الزواج، وذلك مَن ينطبق عليه الزواج بقصد إحصان نفسه.
  • الزواج المندوب: وهو الزواج لمن كان قصده منه التناسل والتكاثر.
  • الزواج المباح: ويكون لمن كان في نفسه رغبةً في النساء، ولكنّه لا يخشى على نفسه الوقوع في الزنا.
  • الزواج المكروه: وهو في حقّ من يخشى على نفسه إِلحاق الضّرر بزوجته، وليس لديه رغبةٌ في النساء، ولا يخسى على نفسه الوقوع في الزنا.
  • الزواج المحرّم: وهو فيمن يُلحق ضرراً بزوجته بشكلٍ مؤكّدٍ؛ كأن يكون مُصاباً بمرضٍ خطيرٍ جداً.

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن أنس بن مالك، الصّفحة أو الرّقم: 1523، صحيح.
  2. “الزواج؛ الأهداف والفوائد”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  3. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عائشة أمّ المؤمنين، الصّفحة أو الرّقم: 1182، صحيح.
  4. “الحثّ على تيسير الزّواج وعدم المُغالاة في المهر”، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  5. “40 وسيلة لتيسير الزواج”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  6. ^ أ ب “حكم النكاح”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-7-2018. بتصرّف.
  7. سورة النّساء، آية: 3.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصّفحة أو الرّقم: 5065، صحيح.