صفات الزوج المسلم
مشروعية الزواج في الإسلام
أولى الإسلام اهتماماً كبيراً لعقد الزواج، وأوضح مشروعيته، وأحكامه في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولذلك فقد أولى فقهاء المسلمين اهتمامهم به، ووضعوا المصنّفات لبيان أحكامه، ومقاصده، وآثاره، وغير ذلك، فما ورد في القرآن الكريم من ذكر مشروعية الزواج قول الله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)،[١] والله -تعالى- جعل الزواج من سنن الأنبياء والمرسلين، ودليل ذلك قوله: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)،[٢] وقد تزوّج خير الأنبياء والمرسَلين محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم، وأخبر أنّه أخشى الناس لله تعالى، ومع ذلك فقد تزوّج النساء، حيث قال: (فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني)،[٣] وحثّ أيضاً الشباب على الزواج، بل والزواج ممّن تلد، وتسعى لإكثار الأمّة، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (تزوجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثرٌ بكم الأممَ يومَ القيامةِ).[٤][٥]
صفات الزوج المسلم
حرص الإسلام حرصاَ شديداً على بناء الأسرة، والحفاظ عليها بعد ذلك، ويكون الدوام والاستقامة للأسرة، إذا بُنيت على أساسٍ صحيحٍ منذ البداية، وحتى يتحقّق ذلك الأساس القويم، فقد شُرع لكلا الزوجين؛ الرجل والمرأة، أن يختاروا بعنايةٍ صفات الشريك، الذي سيقبل أحدهما على اختياره، ولقد جاء النصح للمرأة، حين يتقدّم لها خاطبٌ، أن تختار الرجل صاحب الدين والخلق، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إذا خطَب إليكم مَن تَرضَون دينَه وخلُقَه، فأنكِحوه، إلّا تفعلوا تكنْ فتنةً في الأرضِ، وفسادٌ عريضٌ)،[٦] وفيما يأتي بيان بعض الصفات التي يجب على المرأة مراعاتها عند تقدم أيّ خاطبٍ لها:[٧][٨]
- أن يكون الرّجل موحّداً لله تعالى، فالتوحيد أساس الدين، وأوله، وما يناقضه؛ هو الكفر، والنفاق، والجاهلية، وإذا صحّت عقيدة الإنسان؛ فحياته تبتعد عن الخرافات والأساطير، وتسلم عباداته من الخطأ والعيوب، ومن ثمّ تحسّن أخلاقه؛ فيسهُل التعامل معه، والتوحيد أصل قبول الأعمال عند الله تعالى، ولا يُمكن أن يكون الرجل موحّداً ومنافقاً معاً، فإمّا أن يكون موحّداً، فإنّه بذلك يكون قد فاز برضوان الله، في حياته وآخرته، وإمّا أن يكون منافقاً؛ فيكون بذلك قد حبط عمله؛ بموالاة أعداء الله تعالى، ومعاداة أهل الدين والإيمان، ولذلك وجب على المرأة أن تختار الرجل، الذي تطمئن إلى توحيده، وبالتالي فتكون بذلك قد ضيّقت دائرة الخلاف بينهما، وباعدت عدداً كبيراً من المشاكل الزوجية.
- أن يكون الزوج تقيّاً، يخشى الله تعالى، فالمرأة التي تختار زوجاً تطمئنّ على تقواه؛ فقد نالت خيراً كثيراً، وبركةً وفضلاً، فأهل التقوى؛ هم أهل الله تعالى، وبالتقوى يُرزق الإنسان، وتُفتح له بركات السماء والأرض، حيث قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)،[٩] وبالتقوى ينال المسلم محبة الله -تعالى- ورحمته، فينعم أهل البيت بالرحمات، والبركات جرّاء ذلك، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)،[١٠] وتقوى الله -تعالى- دليل وجود حياءٍ من الله تعالى، وخوفٍ يعتري القلب، من الجبّار المهيمن العظيم، فذلك يدعو أهل التقوى، إلى البُعد عن ظلم الناس، أو الاعتداء عليهم، ولذلك فحين سأل رجلٌ الحسن البصريّ، لمن يزوّج ابنته، فأجاب: ممّن يتقي الله، فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، والتقيّ يقابل الإساءة بالإحسان، والتقي حاملٌ للقرآن، فإنّ أخلاقه تبعده عن الاحتدام مع الناس، أو بغضهم، أو الانتقام منهم، وكلّ تلك الصفات تحتاجها المرأة في الرّجل، الذي تختاره ربّاً لبيتها.
- أن يكون الرجل أميناً، فإنّ الزوجة تحتاج إلى الرجل الأمين، الغيور على بيته وزوجته، حيث قال الله -تعالى- على لسان ابنة شعيب عليه السلام: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)،[١١] وإنّ الأمين حاملٌ للمسؤوليات التي عليه، يودّيها على أكمل وجهٍ، فلا يقصّر في حقوق زوجته وأولاده، ويدرك أنّه مسؤولٌ عنهم أمام الله تعالى، والأمانة جزءٌ من حُسن الخلق، وحُسن الخلق ضروريٌ جداً، وأساس التعاملات بين الرجل والناس من حوله، وبينه وبين زوجته، التي تحتاج إلى المعاشرة بالمعروف، وتبتغي الميل له، إن كان صاحب معروفٍ، وإحسانٍ، وحُسن الصحبة معها، ومع أبنائه.
فوائد الزواج للفرد والمجتمع
حثّ الإسلام الشباب على الزواج؛ لما في ذلك من فوائدٍ عظيمةٍ، تعود على الشباب والمجتمع بشكلٍ عامٍ، وفيما يأتي بيان بعض فوائد الزواج التي تتحقّق بانتشاره:[١٢]
- تحقيق عفّة النفس، وغضّ البصر، وحفظ الفرج، والتحصين من وسوسة الشيطان، فإنّ الشاب أو الفتاة العزباء، يكونان أقرب للوقوع في الزلات، والآثام؛ لكثرة الفساد، والمُغريات من حولهم.
- إنجاب الأطفال؛ وهو أمرٌ رغّب به النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ ليكاثر بأمّته الأمم يوم القيامة.
- تحقيق السكينة والرحمة، في النفوس، والوصول إلى الود والطمأنينة بين الزوجين، وذلك لا يتحقّق في علاقةٍ سوى الزواج، فالزوج يبثّ همومه ومشاكله لزوجته، والزوجة تجد من يقاسمها شيئاً من أعباء الزواج والحياة؛ فتزول وحشتها، وتأنس بقربها من زوجها.
- استطاعة الرجل أن يتفرّغ للعمل خارج المنزل؛ لتحمّل مسؤوليات الحياة ونفقاتها، والركون إلى أنّ الزوجة تعمل في بيته، وتربي أبنائه، وتتهيأ لاستقباله، وذلك العمل عظيمٌ في ميزان الله تعالى، فهو يكافئ الجهاد في سبيل الله تعالى.
- نيل الأجر والفضل من الله تعالى، عندما يقوم كلّ من الزوجين بتحمّل مسؤولياته، وبناء البيت والعائلة بناءً مستقيماً معتدلاً، ففي ذلك العمل خيرٌ كثيرٌ، وكلّ عملٍ دخل في نطاق الخير؛ فهو معروفٌ ويؤجر المرء عليه.
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 3.
- ↑ سورة الرعد، آية: 38.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5063، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 198، صحيح.
- ↑ “مشروعية الزواج وفوائده”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 101/3، إسناده حسن.
- ↑ “الصفات المطلوبة في الرجل الذي تختاره المرأة زوجاً”، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.
- ↑ “من أسس اختيار الزوج”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 96.
- ↑ سورة التوبة، آية: 7.
- ↑ سورة القصص، آية: 26.
- ↑ “كيف تحصلين على زوج مناسب؟”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-11-5. بتصرّف.