الإسلام والمرأة
نظرة الإسلام للمرأة
خلق الله -سبحانه- الكون العظيم، وعدّد فيه المخلوقات ونوّعها، وجعل من بين المخلوقات الإنسان، وجعله ذكراً وأنثى، وعلم فطرة كلّ مخلوقٍ منهما على حدة، فجعل الرجل قوياً صبوراً يتحمّل المشاقّ والصعاب، وفرض عليه الجهاد في سبيل الإسلام، وجعله القائم على الأسرة وحاجاتها، فيخرج للعمل طول النهار لا يضرّه هذا ولا يُعجزه، وفي المقابل فقد خلق الأنثى أقلّ قوةً وبطشاً، وأضعف جسداً من الرجل، وحدّد لها الوظائف التي تستطيع أن تأتيها دون أن يخدش لها حياءً، أو يؤذيها في جسدها الضعيف، وجعل لها جاذبيةً في الخلق ليميل إليها الرجل، فتكون المحبة والسكينة داخل الأسرة التي رسم الله -تعالى- لها حدودها وظروفها.[١]
وكذلك فالمرأة في بيتها تحفظ زوجها، وتُعينه على طاعة الله سبحانه، وتقضي حاجاته، وهو قوّام عليها بما عمل وكسب من خارج المنزل، لكنّ الواجب عليه احترام المرأة وتقدير المهمة العظيمة التي تؤدّيها خلفه، إذ كانت شريكته في تسيير الحياة باستقامةٍ ويسرٍ، حيث قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)،[٢] وقال أيضاً: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)،[٣] وكان ممّا أوجبه الله -تعالى- على المرأة ارتداء الحجاب تأكيداً على حيائها وعفتها، ولم يكن الحجاب يوماً هضماً لحقوقها، أو تقييداً لحريتها أبداً، ولكنّه ضمانٌ لعفّتها وطهرها، وأكّد الإسلام على الحجاب بعمومه، كعدم الخضوع بالقول كذلك، حتى لا تستهوي بجمالها وأنوثتها من لا يحقّ له التمتّع بها، وكلّ ذلك تكريماً لها، وحفظاً لجمالها وحقوقها، وليس كما يغرّر أعداء الإسلام أنّ ذلك هضماً لحقوقها، وتقييداً لحريتها وما إلى ذلك من شبهاتٍ صارت تدور حول الإسلام والحجاب والمرأة.[١]
الإسلام والمرأة
كرّم الإسلام المرأة ورفع قدرها، ويظهر ذلك في الكثير من المظاهر والدلائل، منها:[٤]
- قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّما النساءُ شقائقُ الرجالِ)،[٥] وفي ذلك بيانٌ جليٌّ أنّ النساء مساوياتٌ للرجال في القدر والمكانة، فلا يوجد أي شيءٍ ينتقص مكانهنّ وقيمتهنّ، ولقد كانت وصية النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالنساء، والأمر بمراعاتهنّ والاهتمام بهنّ دائماً، إذ قال في وصيته يوم الحجّ: (استوصُوا بالنِّساءِ خيراً).[٦]
- كرّم الإسلام المرأة في حال كونها أماً؛ فقد أوصى الله -تعالى- بالأمّ في القرآن الكريم في أكثر من موضعٍ، حيث قال الله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)،[٧] وأتى رجلٌ إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يستأذنه أن يخرج معه للجهاد، فأجابه النبي عليه السلام :(فقال: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ فقلتُ: نعمْ، فقال:الزم رجلها فثمَّ الجنَّة).[٨]
- الإسلام رحم المرأة فأسقط عنها صلوات الجماعة حتى تبقى في بيتها تسيّر أموره.
- الإسلام كرّم المرأة وهي طفلة، وجعل لها حقوقاً، ورفع درجة من أدّب ابنته وربّاها، حيث قال النبي عليه السلام: (من ابْتُلِي من هذهِ البناتِ بشيٍء كُنَّ لهُ سِترًا من النارِ).[٩]
- أسقط الإسلام عن المرأة الجهاد، فلم تحاسب عليه، لضعفها وصعوبة ذلك عليها.
- تحريم طلاق المرأة وهي حائض، لما تمرّ فيه من ضيقٍ وتعبٍ جسديّ ونفسيّ.
- فرض الميراث لها من زوجها وأخيها ووالدها وولدها، مع أنّها ليست مكلّفة بالإنفاق على أيٍّ منهم.
- جعل التقصير من شعرها حِلّاً من إحرامها؛ وذلك مراعاةً لشكلها وجمالها.
- جعل الإسلام للمرأة مهراً حقاً شرعياً حال العقد عليها، وحرّم أخذ شيءٍ منه.
- إنزال عقاب عظيم فيمن يتّهم المرأة في عرضها زوراً وبهتاناً، وقد جعل الإسلام عقوبة من يتّهم امرأة في عرضها كذباً الجلد ثمانين جلدةً، كما لا تُقبل شهادته بعد ذلك أبداً.
- الإسلام كرّم المرأة حتى بعد وفاتها بأن جعل من يغسّلها زوجها، أو أحد النساء؛ مراعاةً لعفّتها وطهرها.
- الإسلام كرّم المرأة حين أجاز لها الإسلام الخلع من الرجل إذا كرهت المرأة زوجها، ورفض أن يطلّقها.
حال المرأة قبل الإسلام
شهدت الفترة الجاهلية قبل ظهور الإسلام ظلماً شديداً للمرأة، إذْ كانت تعتبر شيئاً من المتاع، يمتلكها الشخص إذا شاء ويتخلص منها إذا كرهها، ولم تكن المرأة ترث في الجاهلية، فهي كالمتاع تماماً، فكانت دون أي قيمة أو إنسانية، فكانت تُورّث كسائر المتاع، فإذا مات الرجل وله زوجة ثانية ورثها ابنه الأكبر، وكانت من حقّه، فإن شاء أمسكها، وإن شاء فارقها، ولقد كان الرجل يعدّد زوجات له ما استطاع، فلا حدّ لعدد زوجاته مهما أكثر منهنّ، كما أنّ الطلاق كان عند العرب دون عددٍ معينٍ، وكان من ظلم المرأة أنّها تحدّ على وفاة زوجها عاماً كاملاً، وبأشنع صورةٍ؛ إذ كانت تلبس أرثّ ثيابها، وتسكن شرّ غرف مسكنها، ولا تمسّ طيباً، ولا تتطهّر، ولا تقلّم ظفراً أو تهذّب شعراً، ولا تخرج على أحدٍ، وذلك لمدة عامٍ كاملٍ.[١٠]
ولقد وصل فساد الرأي والخلق عند جهلاء العرب أن كان لديهم عدّة أنواعٍ من الزواج، فهناك زواج المتعة، وهو الزواج المؤقت بأجلٍ، وهناك زواج الاستبضاع؛ وهو أن يرسل الرجل زوجته إلى أحد كبار الرجال ليكون له ولدٌ منه يحمل صفاته الحسنة، وكذلك فقد جرت عادةٌ سيئةٌ بأن يشترك عدّة رجالٍ بالدخول على امرأةٍ، وحين تلد تُلحق المرأة الولد بمن تشاء من الرجال، وكان الرجال في الجاهلية يكرهون البنات، ويخافون من العار إن شبّت، فيدفنونها حيةً؛ ليتخلصوا من العار الذي قد يلحق بهم، وبقي الحال بهم هكذا، وطال حتى جاء الإسلام بتعاليمه السمحة، وعدله بين الرجال والنساء، فارتفع شأن النساء.[١٠]
المراجع
- ^ أ ب “المرأة كما يريدها الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-11. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 34.
- ↑ سورة البقرة، آية: 228.
- ↑ “مكانة المرأة في الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-11. بتصرّف.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2545، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 960، صحيح.
- ↑ سورة لقمان، آية: 14.
- ↑ رواه ابن كثير، في جامع المسانيد والسنن، عن طلحة بن معاوية السلمي، الصفحة أو الرقم: 5529، إسناده حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1418، صحيح.
- ^ أ ب “مدخل إلى فهم مكانة المرأة في الإسلام”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-15. بتصرّف.