كيفية طاعة الزوجة لزوجها

الحقوق والواجبات في الإسلام

قامت الحياة في الإسلام بين الناس على مبدأ الحقوق والواجبات، ومن هنا كانت التشريعات الإسلامية معنيّةً بتنظيم حياة الناس في المجتمع بما يُصلِح حالهم في الدنيا؛ لتحقيق مهمّة الاستخلاف في الأرض، والفوز برضا الله -تعالى- ودخول جنّته في الآخرة، وكانت سعادة الزّوجَين محطّ نظرٍ واهتمامٍ في الإسلام؛ فهما نواة الأسرة التي هي العنصر الأهمّ في بناء المجتمع، ولذلك حرِص الإسلام على توفير السكينة والمودّة والرّحمة كأساس للأسرة المسلمة، وفي سبيل تحقيق ذلك جعل قيام كلٍّ منهما بواجبه تجاه الآخر عبادة وقربى يُؤجَران عليها، كما جعل طاعة الزوجة لزوجها واجباً شرعيّاً تؤدّيه الزوجة بملء الرّضا، فما حدود هذه الطاعة، وكيف تستطيع الزوجة أن تُرضي ربّها بطاعة زوجها؟

كيفيّة طاعة الزوجة لزوجها

طاعة الزوجة لزوجها تكمنُ باستجابتها لِما قرّره الشرع عليها من واجبات؛ فعندما تؤدّي ما عليها من واجبات تكون بذلك زوجةً صالحةً، ومن واجبات الزوجة الصّالحة تجاه زوجها، وحقوقه عليها ما يأتي:[١][٢][٣]

  • حقّ الطاعة: هذا الحقّ منبثقٌ من قِوامة الزوج على الزوجة؛ فالقِوامة تشمل الأمر والرّعاية وإسداء النّصح، وعلى الزوجة أن تمتثل له في أمره، إلّا ما كان في معصية الله تعالى، ويجب عليها أن تُقيم مع زوجها في المسكن الذي آمنها فيه على نفسها ومالها، وإذا خرجت منه بغير إذنه تكون زوجة ناشزاً، وعليها أن تكون مُحسِنة لأهله، وحافظةً لماله، وكلّ ذلك ضمن أحكام مُفصَّلة في فقه الأحوال الشخصية.
  • ولاية التّأديب: هذا الحقّ للزوج ثابت في قول الله تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا)،[٤] فإن تخلّت الزوجة عن حقّ زوجها في طاعته فله أن يؤدِّبها بالموعظة الحسنة، ثمّ بالهجر في المضجع، فلا يبيت معها في فراشٍ واحدٍ، ثمّ بالضرب غير المُؤذي، فليس له أن يضربها ضرباً أليماً لأيّ سبب كان، وقد ذكر الحنفيّة عدّة مواضع يجوز للزوج فيها تأديب زوجتِه بالضرب، منها: عصيانه إذا دعاها إلى فراشه وهي طاهرة، وتركها للصلاة، وخروجها من البيت بغير إذنه، وولاية التّأديب بكلّ حالاتها لا تُخوِّل الزوج المساس بمال زوجته ولو كانت ناشزاً، فهو ملك خاصّ وخالص لها، ولها الحقّ في أن تتصرّف فيه كما تشاء.
  • حقّ الاستمتاع: على الزوجة أن تُمكِّن الزوج من الاستمتاع بها، وتُسلّم نفسها له إذا طلب ذلك، وإذا منعت نفسها عنه في الجِماع تكون قد ارتكبت كبيرةً من الكبائر، وأوقعت نفسها في المعصية، إلّا أن تكون معذورةً شرعاً بالحيض، أو بصوم الفرض، أو بالمرض، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دعا الرَّجلُ امرأتَه إلى فِراشِه، فأبَت أن تَجيءَ، لعَنَتْها الملائكةُ حتَّى تُصبِحَ).[٥]
  • حقّ طلب الإذن: على الزوجة عدم السّماح لأحدٍ يكرهه زوجها بدخول بيته، وله عليها عدم الخروج من البيت إلّا بإذنه، وذهب الشافعيّة والحنابلة إلى عدم جواز خروجها لعيادة أبيها المريض إلّا بإذن الزوج، وله منعها من ذلك.
  • حقّ المُعاشَرة: على الزوجة معاشرة زوجها بالمعروف، وذلك لقول الله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)،[٦] والآية تشمل الأمر بأداء كلّ حقوق الزوجيّة.
  • حقّ الطاعة: على الزوجة أن تُدرك أنّ عصيان زوجها والتقصير في أداء حقوقه يوغِر صدره، ويُسيء إلى قِوامته، وهو مَن أشغل كثيراً من وقته وجهده، وأنفق كثيراً من ماله في سبيل إسعادها، وعلى الزوجة أن تعِيَ أنّ هذه عبادة تضافرت الأدلّة والشواهد على فضلها وعظيم أجرها، وقد جاءت بعض الرّوايات لتضع طاعة الزوج في مصافّ العبادات الواجبة التي تُوصِل إلى رضوان الله تعالى ودخول جنّته، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا صَلَّتْ المرأةُ خمسَها، وصامَتْ شَهْرَها، وحفظَتْ فَرْجَها، وأَطَاعَتْ زَوْجَها، قيل لها: ادْخُلِي الجنةَ من أَيِّ أبوابِ الجنةِ شِئْتِ).[٧][٨]
  • حقّ حُسن المُعامَلة: من الأمور التي تُعين الزوجة على كسب ودّ زوجها وتحقيق طاعته أن تشكره على طيبِ معاملته، وأن تصمت إذا تكلّم، وتستقبله إذا حضر، وتودّعه إذا خرج، وتترك ما يُغضِبه، وتتعهّد نفسها بالنّظافة وطيب الرّائحة، ودوام الزينة في حضرته، وتقدّم حقّه على حقّ غيره، وتُحسن عشرة أهله وأقاربه.[٩]

أهميّة طاعة الزوج

جاءت الواجبات الشرعيّة التي كلّف الإسلام بها الزوجة تجاه زوجها مصحوبةً ببيان مكانة الزوج وفضل طاعته، وتُظهِر الأدلّة الشرعيّة عِظَم حقّ الزّوج على زوجته، كما بيّنت الأحاديث الشريفة الأجر العظيم للزوجة التي تؤدّي حقّ زوجها ابتغاء مرضاة الله تعالى، فقد حَظِي الزوج بمكانة عالية في الإسلام، وحثّت الشريعة الإسلاميّة على حفظ حقوقه وطاعته بالمعروف، وفيما يأتي بيان مكانة الزوج:[٨]

  • منزلة الزوج في الإسلام كبيرة، وحقّه على الزوجة عظيم، فقد رُوِي أنّ عائشة -رضي الله عنها- سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت: (يا رسولَ اللهِ، أيُّ الناسِ أعظمُ حقّاً على المرأةِ؟ قال: زوجُها)،[١٠] وعلى ذلك فعلى الزوجة طاعة زوجها وبرّه، ما لم تكن الطاعة إثماً أو أمراً بمعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
  • أعلى الإسلام مكانة الزوج وطاعته بالمعروف؛ فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما ينبغي لأحدٍ أنْ يسجُدَ لأحدٍ، ولو كان أحدٌ ينبغي أنْ يسجُدَ لأحدٍ لَأمَرْتُ المرأةَ أنْ تسجُدَ لزوجِها، لِمَا عظَّم اللهُ عليها مِن حقِّه)،[١١] وأوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- امرأة، فقال لها مُرغِّباً ومُرهّباً: (فانظُري أينَ أنتِ منهُ؟ فإنَّما هوَ جنَّتُكِ ونارُكِ).[١٢]
  • جعل الإسلام أكثر النساء خيراً التي تلينُ لزوجها فيما أمر، وتتزيّن له إذا حضر، فقد ورد في الحديث الشّريف أنّه: (قيل لرسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: أيُّ النساءِ خيرٌ؟ قال: التي تَسُرُّه إذا نظر، وتُطيعُه إذا أمر، ولا تُخالِفُه في نفسِها ولا مالِها بما يَكْرَهُ).[١٣]

المراجع

  1. محمد المنجد (25-2-2001م)، “ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017م. بتصرّف.
  2. “حق الزوج على الزوجة”، www.alukah.net، 29-11-2016م، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017م. بتصرّف.
  3. عبد الوهاب خلاف (1938)، أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتب المصرية، صفحة: 123. بتصرّف.
  4. سورة النساء، آية: 34.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5193 ، صحيح.
  6. سورة البقرة، آية: 228.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم: 1932 ، حسن لغيره.
  8. ^ أ ب ندا أبو أحمد (27-6-2012م)، “الحقوق الزوجية (حق الزوج)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017م. بتصرّف.
  9. خالد الجهني (26-3-2015م)، “من حقوق الزوج على زوجته”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017م. بتصرّف.
  10. رواه البوصيري، في إتحاف الخيرة المهرة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 82/4، إسناده حسن.
  11. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4162 ، أخرجه في صحيحه.
  12. رواه الألباني، في آداب الزفاف، عن عمة حصين بن محصن، الصفحة أو الرقم: 213 ، إسناده صحيح.
  13. رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3208، إسناده حسن.