اختيار الزوجة الصالحة في الإسلام
الزواج وبناء المجتمع
رغَّبت الشريعة الإسلامية الرجال والنساء على حدٍّ سواء بالزواج، كونه يعتبر الخطوة الأولى في طريق بناء مجتمع صالح، مُصلح، يعيش وفق قيم أخلاقيّة، ويحتضن الإنسان، ويرعاه حتى إذا ما شب عن الطوق صار قادراً على المساهمة في البناء، والعطاء، واحتضان غيره كما احتُضِن هو صغيراً.
وحتى يُكتب النجاح للزواج، ولمؤسسة الأسرة التي ستتأسس بناءً عليه، فقد كان من الضروري أن يكون الطرفان المؤسسان الرجل والمرأة على قدر عالٍ من الوعي بهذه المسؤولية العظيمة التي ستلقى على كاهليهما بمجرد أن يجتمعا تحت سقف واحد، ومن هنا فقد اهتمت الشريعة الإسلامية بهذا الأمر، ووضعت مواصفات دقيقة وواضحة للزوج الصالح، والزوجة الصالحة اللذين بمقدورهما بناء أسرة نموذجية، تسهم في تطور الأمة وارتقائها، وفيما يلي بيان ذلك.
اختيار الزوجة الصالحة في الإسلام
غير الإسلام في معايير الاختيار لدى معتنقيه، بعد أن كانت المعايير المادية هي المسيطرة على عقولهم، وقد كان للزواج نصيب وافر من هذا التغيير، فلو بقي الأمر على ما هو عليه، لما نهضت الأمة، ولما استطاعت صنع هذا التاريخ المجيد.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك). من هذا الحديث الشريف يمكن القول إنّ السائد بين الرجال عندما يهم الواحد منهم بالبحث عن شريكة حياته، أن يفكر بالنواحي المادية الفانية: كالمال، والجمال، والحسب، والنسب، وهنا استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغير من هذا التفكير النمطي العاجز عن إنشاء أمة متكاملة، وأن يضع الدين كمعيار أول يجب البحث عنه، وضمان توفر وجوده في شريكة الحياة، ولم يحرم الإسلام البحث عن باقي الأمور السالف ذكرها إذا ما توفر الدين.
والدين لا يتضمن فقط على النواحي التعبدية التي لا يمكن الانتقاص من أهميتها، بل يتضمن أيضاً أموراً أخرى عديدة، تشكل جوهر الدين، وأساسه، وعلى رأسها: الأخلاق، والبعد عن الرذائل، وأمراض النفوس بشتى أنواعها وصورها. ومن هنا فإن ضمان هذه الأمور في شريكة الحياة يعتبر من أولى الأولويات، خاصة وأن للمرأة أثر كبير في حياة الأبناء مستقبلاً، وفي تكوين شخصياتهم.
اختيار الزوج الصالح في الإسلام
لم يقتصر اهتمام الإسلام على وضع شروط ومعايير للزوجة الصالحة، بل وضع في الوقت ذاته شروطاً أيضاً لاختيار الزوج، حيث يجب على المرأة ضمان توفرها في شريك حياتها الذي سيقع اختيارها عليه، وهذه المعايير لم تخرج هي الأخرى عن دائرة الدين، والأخلاق، فهذان الأمران هما الأساس كما سبق وأسلفنا.
وفي هذا الصدد فإنه لا ينبغي ولا بأي حال من الأحوال استمرار بعض الأفكار العقيمة التي لا تكترث بأخلاق الرجل عندما يتقدم لخطبة امرأة، وإنما تكترث فقط بأخلاقها هي، معوِّلة على أن الزواج سيصلح حاله فيما بعد، ففي هذا الأمر ظلم كبير للمرأة أولاً، وللأبناء ثانياً، وللمجتمع ثالثاً، وهو لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية، والهدي النبوي.