شروط وقوع الطلاق

شروط وقوع الطلاق

إنّ من أبغض الحلال عند الله الطلاق، لأنّ الطلاق هو فسخ عقد الزّواج بين الزّوجين، بحيث يعمل على إنهاء العلاقة الزّوجية فيما بينهما، حيث تقع خلافاتٌ كثيرة بين الأزواج، ممّا يجعلهم يقررون الانفصال، واستكمال حياتهم بدون بعضهم البعض، و لكي يصحَّ وقوع الطلاق، يجب أن يتمَّ بشروط، وهذه الشّروط متعلّقة بثلاثة أطراف، هم: الزّوج المطلق، والزّوجة المطلقة، وصيغة الطلاق، وفيما يلي تفصيل لذلك.

شروط المطلّق

هناك مجموعة من الشّروط المتعلقة بالزّوج المطلق، وهي على النّحو التالي: (1)

  • أن يكون زوجاً، ويعتبر زوجاً من كان بينه وبين المطلقة عقد زواج صحيح وسليم.
  • أن يكون بالغاً، حيث يرى جمهور العلماء أنّ طلاق الصّغير لا يقع، سواءً أكان مميّزاً أو غير مميّز، وسواءً أأذن له بذلك أم لم يؤذن، أو تمّ إجازته من الولي أم لا، وذلك خلافاً لراي الحنابلة في الصّبي الذي يعقل الطلاق، حيث قالوا:” إنّ طلاقه واقع على أكثر الرّوايات عن الإمام أحمد، أمّا من لا يعقل فوافقوا الجمهور في أنّه لا يقع طلاقه “.
  • العقل، حيث يرى العلماء أنّه لا يصحّ الطلاق من المعتوه أو المجنون، وقد اختلفوا في طلاق السّكران أيقع أم لا.
  • القصد والاختيار، والمقصود بذلك هو قصد اللفظ الموجب للطلاق من غير إجبار، وهذا باتفاق العماء على صحّة طلاق الهازل، أمّا من كان مخطئاً أو مكرهاً، أو غضباناً، أو سفيهاً، أو مريضاً، فإنّ هناك اختلافاً بين العلماء على صحّة طلاقهم.

شروط المطلقة

هناك مجموعة من الشّروط ليقع الطلاق على المرأة المطلقة، وهي على النّحو التالي: (1)

  • قيام الزّوجية، سواءً أكان ذلك حقيقةً أم حكماً، وذلك على اختلاف بين العلماء في بعض الصّور والحالات التي تدخل تحت هذا الشّرط.
  • تعيين المطلقة، سواءً أكان ذلك بالإشارة، أم من خلال الصّفة، أم بالنّية، وهذا باتفاق جمهور العلماء والفقهاء.

شروط صيغة الطلاق

هناك مجموعة من الشّروط التي تتعلق بصيغة الطلاق، ومعنى صيغة الطلاق اللفظ المعبّر به عنه، إلا أنّه يمكن أن يستعاض عن اللفظ في بعض الحالات بالكتابة أو الإشارة، ولكن هناك مجموعة من الشّروط التي يجب ان تتوافر حين استخدام اللفظ أو الكتابة، وإلا فإنّ الطلاق لا يعدّ واقعاً. (1)

أمّا الألفاظ المستعملة في الطلاق فإنّ لها شروطاً، وهي على النّحو التالي: (1)

  • أن يتمّ القطع أو الظنّ بحصول اللفظ وفهم معناه، والمقصود بذلك هو أن يحصل اللفظ ويفهم معناه، وليس أن تكون نيّة وقوع الطلاق به، ومن الممكن أن تكون نيّة الوقوع شرطاً أيضاً، فمثلاً لو لُقّن شخص أعجميّ لفظ الطلاق، وهو غير عالم بمعناه، فإنّه لا يقع به شيء.
  • أن تكون هناك نيّة لوقوع الطلاق باللفظ، ويعتبر هذا أمراً خاصّاً بالكنايات من الألفاظ، أمّا في حالة الصّريح منها، فإنّه لا يشترط لوقوع الطلاق به أن تكون هناك نيّة الطلاق من الأساس، وقد قام المالكيّة باستثناء بعض ألفاظ الكتابة، حيث قالوا أنّ الطلاق يقع بها من دون نيّة، مثل الطلاق الصّريح، وهذه هي الكنايات الظاهرة، ومثال ذلك أن يقول المطلق لزوجته: سرّحتك، وذلك في حكم طلقتك.

حكم الطلاق

ورد حكم الطلاق في فقه السّنة على النّحو التالي:” اختلفت آراء الفقهاء في حكم الطلاق، والأصحّ من هذه الآراء رأي الذين ذهبوا إلى حظره إلا لحاجة، وهم الأحناف والحنابلة، واستدلوا بقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: لعن الله كل ذوّاق مطلاق.. ؛ ولأنّ في الطلاق كفراً لنعمة الله، فإنّ الزّواج نعمة من نعمه، وكفران النّعمة حرام، فلا يحلّ إلا لضرورة، ومن هذه الضرورة التي تبيحهُ أن يرتاب الرّجل في سلوك زوجته، أو أن يستقر في قلبه عدم اشتهائها، فإنّ الله مقلب القلوب، فإن لم تكن هناك حاجة تدعو إلى الطلاق يكون حينئذ محض كفران نعمة الله وسوء أدب من الزّوج، فيكون مكروهاً محظوراً “.

وأمّا الحنابلة فهم يرون أنّ الطلاق قد يكون واجباً أو محرّماً، أو مباحاً، وقد يكون مندوباً إليه، ففي حالات الطلاق الواجب مثل طلاق الحكمين في حالات الشّقاق بين الزّوجين، وذلك في حال وجدا أنّ الطلاق هو الوسيلة الأفضل لإزالة الشّقاق، ومثال ذلك أيضاً طلاق المولي بعد التربّص لمدّة أربعة شهور، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:” لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ “، البقرة/226-227.

وأمّا في حالات الطلاق المحرّم، فهذا هو الطلاق الذي لا يكون هناك أيّ حاجة إليه، وهو محرّم لأنّه يضرّ بنفس الزّوج، ويضرّ زوجته كذلك، وفيه إزالة للمصلحة الحاصلة لهما، وذلك من دون أيّ حاجة تستدعي ذلك، مثل إتلاف المال، وذلك لقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:” لا ضرر ولا ضرار “.

وهناك وراية عن أحمد أنّ هذا الطلاق يعدّ طلاقاً مكروهاً، وذلك لول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:” أبغض الحلال إلى الله الطلاق “، وفي لفظ:” ما أحلّ الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق “، وهو مبغوض لأنّه لا حاجة إليه، وقد سمّاه النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – حلالاً؛ ويعتبر مكروهاً لأنّه يعمل على إزالة النّكاح الذي يشتمل على المصالح المندوب إليها.

والطلاق المباح هو الذي يكون عند الحاجة إليه، سواءً أكان بسبب أخلاق الزّوجة، أو سوء معشرها، أو بسبب التضرّر بها، أو عدم حصول الغرض منها، والطلاق المندوب إليه هو الطلاق الذي يحصل عندما تفرّط المرأة في الحقوق التي أوجبها الله عزّ وجلّ عليها، مثل صلاتها أو غير ذلك، قال الإمام أحمد رضي الله عنه:” لا ينبغي له إمساكها، وذلك لأنّ فيه نقصاً لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه، وإلحاقها به ولداً ليس هو منه، ولا بأس بالتضييق عليها في هذه الحال، لتفتدي منه، قال الله تعالى:” وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ “، النساء/19 “، قال ابن قدامة:” ويحتمل أنّ الطلاق في هذين الموضعين واجب “، قال:” ومن المندوب إليه الطلاق في حال الشّقاق أو في الحال التي تخرج المرأة إلى المخالعة لتزيل عنها الضّرر “. (1)

المراجع

(1) بتصرّف عن فتوى رقم 28554/ شروط صحة الطلاق من حيث المطلِق والمطلقة والصيغة/ 15-2-2003/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net