تزكية معاذ بن جبل والثناء عليه

تزكية معاذ بن جبل والثناء عليه

إنّه السيد الإمام أبو عبدالرحمن معاذ بن جبل الخزرجي الأنصاري أسلم شاباً في مقتبل العمر رضي الله عنه كان عظيم العينين حسن الثغر، جمع القرآن الكريم في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، شهد العقبة في الشباب مع السبعين وحضر غزوة بدر وهو في العشرين أو الواحد والعشرين، وروى عن الرسول العديد من الأحاديث كما روى عنه إبن عمر وإبن عباس وأنس والعديد من الصحابة والتابعين،[١] أثنى عليه النبي الكريم في أكثر من واقعة فعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله: (خُذوا القرآنَ مِن أربعةٍ مِن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ وعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ وسالمٍ مولى أبي حُذَيفةَ)،[٢] وقد أثنى الرسول على معاذ بن جبل في موضع آخر بأن وصفه بأعلم الأمة بالحلال والحرام حيث قال: (أرحمُ أمَّتي بأمَّتي أبو بَكرٍ وأشدُّهم في دينِ اللَّهُ عمرُ وأصدقُهم حياءً عثمانُ وأقضاهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ وأقرؤُهم لِكتابِ اللَّهِ أبيُّ بنُ كعبٍ وأعلمُهم بالحلالِ والحرامِ معاذُ بنُ جبلٍ وأفرضُهم زيدُ بنُ ثابتٍ ألا وإنَّ لِكلِّ أمَّةٍ أمينًا وأمينُ هذِه الأمَّةِ أبو عبيدةَ بنُ الجرَّاحِ)،[٣] وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: معاذُ بنُ جبلٍ، أمامَ العلماءِ يومَ القيامَةِ بِرَتْوَةٍ)،[٤] ويجدر بالذكر أنّ النبي زكّاه بجعله في مكة المكرمة بعد الفتح يعلّم الناس فيها القرآن الكريم والفقه، بالإضافة إلى أنّه بعثه لليمن للقضاء بين الناس.[٥]

ثناء الصحابة والتابعين على معاذ بن جبل

أثنى الرسول صلّى الله عليه وسلّم على معاذ بن جبل فإنّ عدداً من الصحابة قد فعلوا ذلك أيضاً ومنهم الفاروق عمر بن الخطاب حيث قال في الثناء على معاذ وهو يخطب بهم في الجابية (من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل)،[٦] فيما قال به في موضع آخر رضي الله عنهما (خرج معاذ إلى الشام لقد أخلّ خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه وما كان يُفتيهم)، أما عبد الله بن مسعود فقد أثنى عليه بقوله: (إن معاذ بن جبل كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يكُ من المشركين … كان يعلّم الناس الخير وكان مطيعاً لله ولرسوله)، وقال فيه جابر بن عبدالله (كان معاذ بن جبل أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً وأسمحهم كفّاً)، وكان أبو نُعيم الأصفهاني ممن أثنى على الصحابي معاذ بن جبل بألفاظ مُعبّرة حيث قال: (أبو عبدالرحمن معاذ بن جبل المُحكم للعمل التارك للجدل مقدام العلماء وإمام الحكماء ومُطعم الكُرماء القارئ القانت المُحبّ الثابت السهل السريّ السمح السخيّ المولى المأمون والوفيّ المصون).[٧]

مرض معاذ بن جبل ووفاته

انتشر مرض الطاعون في الشام ففتك بالناس حتّى قالوا إن هذا طوفان لكنّه ليس بماء فعلم معاذ فخطب بهم قائلاً: (إنه قد بلغني ما تقولون وإنما هذه رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وكموت الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك أن يغدو الرجل منكم من منزله لا يدري أمؤمن هو أو منافق، وخافوا إمارة الصبيان)،[٨] وقد تمنّى أن يُصاب بالطاعون ورأى فيه الشهادة فقال: (اللّهم أدخل على معاذ وأهل بيته من هذه الرحمة)، فلم يكن يرى في المرض ابتلاء وكان رضي الله عنه نافذ البصيرة بحيث توقّع الفرقة والإختلاف وهذا هو البلاء عنده، فاستجاب الله تعالى لدعائه فتوفي ولداه وزوجتاه بالطاعون أما هو فبدأ الطاعون بإصبعه فقال: (اللّهم إنها صغيرة فبارك فيها، فإنك تُبارك في الصغير)، فاشتدّ به المرض فكان في سُكرات الموت يقول: (ربّ اخنقني خنقتك فوعزّتك إنك لتعلم أن قلبي يُحبّك) فانتشر المرض في جسده حتّى تُوفي سنة ثماني عشر للهجرة وكان عُمره ثمان وثلاثين سنة رحمه الله.[٩]

المراجع

  1. “معاذ بن جبل “، library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-5-2018. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 3213، صحيح.
  3. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 125، صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن محمد بن كعب و عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 5880، صحيح.
  5. شمس الدين الذهبي (2006)، سير أعلام النبلاء، القاهرة : دار الحديث، صفحة 269-270-271-272، جزء 3. بتصرّف.
  6. شمس الدين الذهبي (2006)، سير أعلام النبلاء، القاهرة: دار الحديث، صفحة 275، جزء 3. بتصرّف.
  7. عبدالحميد محمود طهماز (1994)، معاذ بن جبل إمام العلماء ومُعلّم الناس الخير (الطبعة الثانية)، دمشق: القلم، صفحة 5. بتصرّف.
  8. “معاذ بن جبل”، islamstory.com، 2006-5-1، اطّلع عليه بتاريخ 25-4-2018. بتصرّف.
  9. عبدالحميد محمود طهماز (1994)، معاذ بن جبل إمام العلماء ومُعلّم الناس الخير (الطبعة الثانية)، دمشق: القلم، صفحة 37-39-41-42. بتصرّف.