ما معنى صك الأضحية

معنى الصكّ لغةً

يُشير معنى الصّك في اللغة إلى: الوثيقة التي تدلّ على ثبوت حقّ إنسانٍ في مالٍ، أو نحوه، ويُشتقّ لفظ الصكّ من الفعل: صكّ، يصكّ، صكّاً، فيُقال: صكّ الباب؛ أيّ: أغلقه، وصكّ وجه فلان؛ أيّ: لَطَمَه بشدّةٍ، وصكّ سَمْعَه؛ أيّ: صاح عليه بصوتٍ عالٍ معنِّفاً إيّاه،[١] فالصكّ يُشير إلى السند، أو الوثيقة التي تشكّل اعترافاً بحقوق الغير، في أموالهم المقبوضة، أو المستحقّة للغير، مقابل الحصول على خدمةٍ، أو إيجارٍ، أو نحوه.[٢]

معنى صكّ الأُضحية وحُكمه

يُشير معنى صكّ الأُضحية إلى: الوثيقة التي تكون بين المُضحّي والجهة المُوكّلة بذَبْحها، أو توزيعها، وهو من العقود التي أجازتها الشريعة الإسلاميّة وفق ضوابط معيّنةٍ، وشروطٍ مُعتبرةٍ، أمّا توزيع تلك الأُضحية؛ فيكون بناءً على الاتفاق الذي تمّ بين المُضحّي والجهة القائمة على ذَبْح الأُضحية،[٣] ويُشترط لصحّة صكّ الأُضحية؛ توفّر الأسباب الداعية إليه؛ إذ إنّ الأصل في الشّريعة الإسلاميّة، والسنّة النبويّة؛ أن يذبح المضحّي أُضحيته بنفسه، مع شهود عملية الذَّبْح، ومن تلك الأسباب التي تُبيح صكّ الأُضحية؛ عدم توفّر الوقت الكافي لدى المضحّي لذَبْح الأُضحية، أو عدم وجود ومعرفة فقراء ومساكين؛ لتُدفع إليهم الأُضحية في البلد، وقد لا يتوفّر المكان المُناسب لذَبْح الأُضحية؛ بسبب عدم ملاءمته، أو تعدّد الأضاحي؛ بحيث لا يَسَعها المكان المخصّص للذَّبْح.[٤]

ويُشترط لصحّة التوكيل في صكّ الأُضحية؛ مُراعاة الوكيل للشروط المُعتبرة شرعاً في الأُضحية؛ ومن ذلك سِنّها، وسلامتها من العيوب، مع مراعاة أن يكون الذَّبْح في الوقت المحدّد شرعاً، الذي يبدأ بعد أداء صلاة عيد الأضحى، ويمتدّ إلى ما قبل غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحِجّة، أي رابع أيّام التشريق، كما ينبغي للوكيل أن يراعي توزيع تلك الأُضحية على المستحقّين لها شرعاً، وألّا يأخذ المُستأجَر للذَبْح من لحم الأُضحية شيئاً؛ وإنّما يحصل على أجرٍ معيّنٍ يدفعه إليه الوكيل، أو صاحب الأُضحية.[٥]

حكم التوكيل والإنابة في الأئُضحية

يُستدلّ على مشروعيّة التوكيل والإنابة في الأُضحية بما ورد في السنّة النبويّة من جواز التوكيل في البيع، والشراء، والصدقة، ففي الحديث الذي رواه عُروة البارقيّ -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي له به شَاةً، فَاشْتَرَى له به شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إحْدَاهُما بدِينَارٍ، وجَاءَهُ بدِينَارٍ وشَاةٍ، فَدَعَا له بالبَرَكَةِ في بَيْعِهِ، وكانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ)،[٦] وورد عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- في حديثٍ آخرٍ أنّه قال: (أردْتُ الخروجَ إلى خيبرَ، فذكرْتُهُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فقال: إذا لقيْتَ وَكيلي فخذْ منه خمسةَ عشرَ وَسْقًا، فإنِ ابتَغى منك آيةً فضعْ يدَكَ على ترقوَتِهِ)،[٧] فالحديثَين النبويّيَن يدلّان على مشروعيّة التوكيل في الأُضحية، وتقسيمها، ومشروعيّة التوكيل في صدقة المال، كما أنّ الحاجة قد تقتضي تشريع الوكالة في بعض الأمور؛ لعدم قدرة الفرد على القيام بأموره بنفسه، فكان لا بدّ من الوكالة؛ للحاجة.[٨]

وقد دلّ على جواز الوكالة في أمر ذَبْح الأضاحي والهَدْي؛ ما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (أنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ علَى بُدْنِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا، لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، في المَسَاكِينِ وَلَا يُعْطِيَ في جِزَارَتِهَا منها شيئًا)،[٩] ويُراد بالبُدْنة الإبل؛ لأنّها كانت هَدْي النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وقد أوكل النبيّ أمر تقسيم لحومها لعليّ على الفقراء والمساكين، بالإضافة إلى جِلاَلها؛ وهو كسوتها التي تُجلّل بها؛ صيانةً لها من البَرد، كما أوصاه النبيّ ألّا يعطي شيئاً منها للعامل على ذَبْحها،[١٠] وينبغي للمُضحّي أن يتخيّر الرجل الصالح، صاحب الدِّين إن أراد أن يُوكّل أحداً لذَبْح أُضحيته؛ ذلك أنّ الأُضحية قُربةٌ لله -تعالى-، وصاحب الدِّين أولى من غيره لمباشرة ذلك؛ لمعرفته بأحكام ذَبْح الأضاحي، وشروطها المعتبرة شرعاً،[١١] ويُباح شراء الأُضحية وذَبْحها في بلدٍ آخرٍ غير بلد المُضحّي، فقد يُوكّل المسلم من تحلّ ذبيحته في ذبح الأُضحية، فيدفع ثمنها إليه، ثمّ يذبحها ويوزّع لحومها على الفقراء والمساكين في بلد الوكيل، مع ضرورة تحرّي أن يكون المُوكّل بالذَّبح ممّن يُعرف دِينَه وأمانته، مع القول باستحباب أن يكون المُضحّي حاضراً عند الذَّبْح؛ ليشهد أُضحيته.[١٢]

المراجع

  1. “تعريف ومعنى صك في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-24. بتصرّف.
  2. أحمد مختار عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، الأردن: عالم الكتب، صفحة 1310، جزء 2. بتصرّف.
  3. “مشروعية صك الأضحية وكيفية توزيعه”، www.dar-alifta.org، 2014-9-17، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-24. بتصرّف.
  4. ” يجوز صك الأضحية في ظروف خاصة”، www.islamstory.com، 2010-11-12، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-24. بتصرّف.
  5. “صك الأضحية “، www.fatawa.com، 2017-12-15، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-24. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عروة بن أبي الجعد البارقي، الصفحة أو الرقم: 3642، صحيح.
  7. رواه ابن حجر العسقلاني، في التلخيص الحبير، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 3/1020، إسناده حسن
  8. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 7، جزء 45. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1317، صحيح.
  10. عبدالله البسام (2003)، توضيح الأحكام من بلوغ المرام (الطبعة الخامسة)، مكة المكرمة: مكتبة الأسدي، صفحة 92، جزء 7. بتصرّف.
  11. حسام الدين عفانة ، المفصل في أحكام الأضحية ، صفحة 145-146. بتصرّف.
  12. “التوكيل في شراء الأضحية وذبحها وتوزيعها”، www.islamweb.net، 2015-9-9، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-25. بتصرّف.