بعينيك إعوالي وطول شهيقي – الشاعر البحتري
بعَيْنَيْكِ إعْوَالي وَطُولُ شَهيقي،
وَإخفاقُ عَيني مِنْ كرًى وَخُفُوقي
على أنّ تَهْوِيماً، إذا عارَضَ اطّبَى
سُرَى طارِقٍ في غَيرِ وَقتِ طُرُوقِ
سَرَى جائباً للخَرْقِ يَخشَى، وَلم يكنْ
مَلِياً بإسْرَاءٍ، وَجَوْبِ خُرُوقِ
فَباتَ يُعاطيني، على رِقبَةِ العِدَى،
وَيَمْزُجُ رِيقاً مِنْ جَنَاهُ برِيقي
وَبِتُّ أهَابُ المِسْكَ مِنْهُ، وأتّقي
رُداعَ عَبيرٍ صَائِكٍ، وَخُلُوقِ
أرَى كذبَ الأحلامِ صِدقاً، وَكم صَغتْ
إلى خَبَرٍ أُذنَايَ، غَيرِ صَدُوقِ
وَما كانَ مِنْ حَقٍّ وَبُطْلٍ، فَقدْ شَفى
حَرارَةَ مَتْبُولٍ، وَخَبْلَ مَشُوقِ
سَلا نُوَبَ الأيّامِ مَا بَالُها أبَتْ
تَعَمُّدَ، إلاّ جَفْوَتي وَعُقُوقي
مُزِيلَةُ شِعْبَيّ وَشِعْبَ أصَادِقي،
ودَاخِلَةٌ بَيْني وَبَيْنَ شَقيقي
أرَانَا عُنَاةً في يَدِ الدّهْرِ نَشْتَكي،
تَأكُّدَ عَقْدٍ مِنْ عُرَاهُ وَثيقِ
وَليسَ طَليقُ اليَوْمِ مَنْ رَجَعَتْ له
صُرُوفُ اللّيالي، في غَدٍ، بطَليقِ
تَفَاوَتَتِ الأَقسَامُ فِينَا، فَأفْرَطَتْ
بظَمْآنَ بَادٍ لُوحُهُ، وَغَرِيقِ
وَكنتَ، إذا ما الحادثاتُ أصَبنَني
بهائِضَةٍ صُمّ العِظَامِ دَقُوقِ
شَمَختُ، فلَمْ أُبْدِ اختِتاءً لشامتٍ،
وَلمْ أبتَعِثْ شكْوَى لغَيرِ شَفيقِ
أرَى كلّ مُؤذٍ عاجزاً عَنْ أذِيتي،
إذا هُوَ لمْ يُنْصَرْ عَليّ بمُوقِ
وَلَوْلا غُلُوُّ الجَهْلِ مَا عُدّ هَيْناً
تَكَبُّدُ سُخطي، وَاصْطِلاءُ حرِيقي
تَشُفُّ أقَاصِي الأمْرِ في بَدَآتِهِ
لعَيْني، وسِترُ الغَيبِ غَيرُ رَقيقِ
وَما زِلتُ أخشَى مُذْ تَبَدَّى ابنُ يَلبَخٍ
عَلى سَعَةٍ مِنْ أنْ تُدالَ بضِيقِ
وَما كانَ مَالي غَيرَ حُسوَةِ طَائِرٍ،
أُضِيفَ إلى بحرٍ بِمِصْرَ عَمِيقِ
لَئِنْ فَاتَ وَفْرِي في اللّثَامِ فلم أُطقْ
تَلافِيَهُ، مُستَرْجعَاً بِلُحُوقِ
فَلَستُ ألومُ النّفسَ في فَوْتِ بُغيَةٍ،
إذا لمْ يكُنْ عَصْري لهَا بِخَليقِ
أَما كانَ بَذْلُ العَدْلِ أيْسَرَ وَاجبي
على المُتَعَدّي، أوْ أقَلَّ حُقُوقي
إذا ما طَلَبْنا خُطّةَ النِّصْفِ رَدّها
علَينا ابنُ خُبْثٍ فاحِشٍ، وَفَسوقِ
وَعَاهِرَةٍ أدّتْ إلى شَدِّ عَاهِرٍ
مُشَابِهَ كَلْبٍ في الكِلابِ عَريقِ
لَيلبَخَ أو طُولونَ يُعزَى، فقد حوَتْ
على اثْنَينِ زَوْجٍ مِنْهُما، وَعَشيقِ
فَأيُّهُما أدّاهُ، فَهْوَ مُؤخَّرٌ
إلى ضَعَةٍ مِنْ شَخْصِهِ، وَلُصُوقِ
فَقُلْ لأبي إسْحَاقَ، إمّا عَلِقْتَهُ،
وَأينَ بِنَاءٍ، في العِراقِ، سَحيقِ
لَقَدْ جَلّ مَا بَيْني وَبَيْنَك، أنّنَا
عَلى سَنَنٍ مِنْ حَرْبهِ، وَطَريقِ
وَإنّ أحْقّ النّاسِ مِنّي بِخِلّةٍ،
عَدُوُّ عَدُوّي، أوْ صَديقُ صَديقي