مفهوم التفسير

مفهوم التفسير

يُعدّ التفسير من أهمّ الوسائل والطُرق التي تشرح العلوم المختلفة؛ فهو المُبسط للمناهج التي تبدو معقدة، والشارح للعبارات الموجزة، والمعلل للأسباب، والمبين للنتائج بياناً يسهل فهمه، وللتفسير أدواته وقواعده وأصوله التي تختلف باختلاف طبيعة المادّة المُفسَّرة، والأسلوب المُتّبع، كما أنّ له معانٍ وتعريفات عديدة سنتحدث عن أهمّها في هذا المقال.

التفسير لُغةً

يُقصد بالتفسير لُغةً: الشرح، والتوضيح، والبيان، والكشف، ويُقال: فسّر الشيء أي: وضّحه أو بيّن سبب حصوله، وكَشَفَ مواضع اللَبس فيه، وفسّر القرآن أي: شرح معنى آياته، وسبب نزولها، وموضوعها، وفسّر الظاهرة العلمية أي: قدّمَ للعامة والمهتمين سبب حدوثها.

التفسير اصطلاحاً

التفسير اصطلاحاً: هو الكشف عن المعنى الباطن والحقائق غير الظاهرة في أمر ما أو علم معين، ويتمّ من خلال التفسير وصف هذه الحقائق، وشرح أسبابها، وما وراءها، وكلّ ما يتعلق بها، ويتميّز هذا العلم بتناوله، ومناقشته لكلّ التفاصيل، وعرضها بصورة دقيقة تحقق الفهم الصحيح للمادة المُفسَّرَة، وتلغي كل الحقائق المغلوطة حول ظاهرة علمية أو سلوكيّة أو تعليميّة أو محتوى دينيّ، ولكلّ مجال يتناوله التفسير قواعد وضوابط معينة يحدّدها القائمون على التفسير، وطبيعة المادة المُفسّرَة، والظروف التي أوجدت هذه المادة.

التفسير لدى علماء الفقه والدين هو العلم الذي يتم من خلاله فهم آيات القرآن الكريم، ومعرفة دلالاتها، واستنباط الأحكام الشرعية منها؛ فهو علم جامع شامل لا يتوقف عند الشرح، وإنما يتناول كل حيثيات السور، والآيات، وسبب نزولها، وفي أيّ قوم أو موضع قيلت، وما العبرة التي يمكن أخذها من خلالها، كما أنّ تفسير القرآن الكريم يُغلق الأبواب أمام أي جدل حول معنى وشرح آية معيّنة ويحسم أمرها؛ فلا مجال للشك أو التأويل دون علم أو معرفة فقهية.

عرّف الإمام الزركشي التفسير على أنه العلم الذي يُفهم من خلاله القرآن الكريم، وتتضح معانيه، ويستطيع المسلم من خلاله معرفة الأحكام الشرعية التي تُحدد واجبه الديني، كما يُستدل به على الحكمة التي يُحيط الله بها كلماته الطاهرة، ويبيّن الإمام الزركشي أنّ ما سبق يتمّ باستخدام المعرفة في علم اللغة العربية، وأصول الفقه، ومعرفة أسباب النزول، ومن العلماء مَنْ يرى أن علم التفسير هو العلم الذي يشمل المعرفة بألفاظ القرآن الكريم من حيث ضبطها، وكيفية أدائها، ومناسبة نزولها.

أهمية علم التفسير

إن القرآن الكريم هو أهم مصدر للتشريع لدى المسلمين، وهو مرجع للعلماء والفقهاء، والجامع لكل المعارف الدينية والحياتية، فكيف لهذا المرجع أن يُفهم، وتطبق الأحكام الواردة فيه، وتُعرف قصص الأنبياء والصالحين التي تتحدث عنها السور، دون علم التفسير فكل أمر لكي يُفهم يجب أن يُفسر، كما أن التفسير يدفع بالمسلم نحو التدبر والتأمل في خلق الله، قال سبحانه وتعالى في سورة محمد: “أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها”.

حول أهمية التفسير بشكلٍ عام يقول ابن سينا وهو العالم والطبيب أنه قرأ كتاب ما وراء الطبيعة لأرسطو أربعين مرة حتى حفظه، دون أن يتمكن من فهمه؛ حتى حصل على شرح الكتاب لأبي نصر الفارابي؛ فتبين له أهداف هذا الكتاب وما القصد الذي جاء به، وهكذا يتبين لنا أمراً آخر في غاية الأهمية ألا وهو أن التفسيرلا يُساعد فقط في فهم الحقائق لمن يملكون القليل من المعرفة؛ إنما هو المُعين لكل العقول.