أول خلق الله

أول خلق الله

تعدّدت آراء العلماء في مسألة أول ما خلق الله -تعالى-، ولعلّ أهم ما وقف عليه أهل التحقيق ما يأتي بيانه:

الخلاف بين العرش والقلم

يتّجه رأي جمهور العلماء إلى أنّ العرش هو أول ما خلق الله -عزّ وجلّ- من المخلوقات التي للبشر علمٌ بها،[١][٢] في حين ذهب بعض أهل العلم، ومنهم ابن جرير الطبري وابن الجوزي -رحمهما الله- إلى أنّ القلم هو أول ما خلق الله -سبحانه- في الوجود، واستندوا في ذلك إلى قول النبي صلّى الله علييه وسلّم: (إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ)،[٣] ولكنّ هذا الرأي عورض بما صحّ من أحاديث نبويةٍ أخرى تخبر أنّ الله -سبحانه- لمّا خلق القلم وأمره بكتابة المقادير الجارية في الخلق إلى يوم القيامة كان العرش قد خُلق، وكان عرشه -سبحانه- على الماء، وعلى هذا يكون قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث السابق يعني أنّه حين خَلق الله -سبحانه- القلم أمره بالكتابة، فتكون “ما” في متن الحديث مصدريةً وليست موصولةً.[٤]

الخلاف بين العرش والماء

يجد المستقرء لآراء أهل العلم أنّ بعضهم مال إلى أنّ خلق الماء كان سابقاً على خلق العرش، حيث إنّ الله -سبحانه- قال: (وكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ)،[٥] كما أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (كلُّ شيٍء خُلِقَ من ماءٍ)،[٦] فدلّ على أنّ الماء أوّل المخلوقات، بل الماء مادة كلّ المخلوقات وأصل وجودها، وكلّ ما بعد الماء خُلق منه.[٧]

الحكم الشرعي في السؤال عن أول ما خلق الله

يرى بعض أهل العلم أنّ هذه المسألة التي حوتْ أخباراً ورواياتً كثيرةً لا تثبت بها عقيدةٌ، ومن هنا فلا ضرر من الجهل بها، خاصةً أنّ المرء لن يُسأل عن مثل هذه المسائل عند لقاء الله -عزّ وجلّ-؛ فالله -سبحانه- هو القائل: (ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلا خَلقَ أَنفُسِهِم)،[٨] وعلى المسلم أنْ يوجّه معرفته بمخلوقات الله -تعالى- بالقدر الذي يعينه على مهمّة الاستخلاف وعمارة الأرض على الوجه المراد شرعاً، وترك ما وراء ذلك لعلم الله -سبحانه-.[٩]

المراجع

  1. محمد المنجد (18-11-2014)، “العرش مخلوق، خلقه الله تعالى، وهو أول المخلوقات وأعظمها”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 27-1-2019. بتصرّف.
  2. محمد العثيمين (26-2-2008)، “أيُّ المخلوقات أسبق في الخلق”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2019. بتصرّف.
  3. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 22705، صحيح.
  4. “>محمد المنجد (2-4-2010)، “ما ترتيب أوائل المخلوقات المذكورة في الشرع وكيف تعرج الملائكة إلى السماء ؟”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 27-1-2019. بتصرّف.
  5. سورة هود، آية: 7.
  6. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3/237، إسناده صحيح.
  7. عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (2004)، لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (الطبعة الأولى)، دار ابن حزم، صفحة 21-22. بتصرّف.
  8. سورة الكهف، آية: 51.
  9. “أول خلق الله”، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-1-2019. بتصرّف.