ما هو طعام اهل النار

النار

تعدّ النار الخزي الأكبر، والخسران العظيم الذي لا خزي بعده، ولاخسران أكبر منه، كما قال الله تعالى:( أَلَم يَعلَموا أَنَّهُ مَن يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدًا فيها ذلِكَ الخِزيُ العَظيمُ)،[١] وقال أيضاً: (إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)،[٢] ويُمكن تعريف النّار بأنّها عذاب الله تعالى، الذي يعذّب به أعداءه، والسجن الذي أعدّه للمجرمين، ودار الكفّار الذين يكذّبون رسله، ويتمرّدون على شرعه، وممّا يزيد من العذاب والآلام والأحزان فيها أنّها خالدة، لا تفنى، وأنّ أهلها خالدون، كما أنّ الله -تعالى- أمر ملائكةً ليقوموا على النار، وهم خزنتها، ومن صفاتهم: شدّة البأس، وعِظَم الخِلقة، وعدم معصية الله -تعالى- بما يأمرهم، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)،[٣] ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في مكان النّار؛ فمنهم من قال هي في السماء، ومنهم من قال هي في الأرض السفلى، ومنهم من توقّف في ذلك؛ بسبب عدم ورود نصّ صريح يحدّد موقعها، وقد جعل الله -تعالى- النّار دركاتٍ متفاوتةٍ في حرّها، ومختلفة في أشكال العذاب لأهلها، وكلّما ذهبت النار إلى أسفل كلّما اشتدّ لهيبها وحرّها، وقد جعل الله -تعالى- المنافقين في الدرك الأسفل من النّار، حيث إنّ لهم النصيب الأوفر من العذاب، كما قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)،[٤] وللنّار سبعةُ أبواب، بعضها فوق بعض، وكلٌ يدخل من بابٍ بحسب عمله، ويستقرّ في دركٍ بحسب عمله، فتمتلئ أبواب جهنم تِباعاً،ا لباب الأول، ثمّ الثاني، ثمّ الثالث، وهكذا حتى تمتلئ كلّها، ويكون وقود النار من الكفّار، والمشركين، والمنافقين، ومن الحجارة، كما قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )،[٥] حيث قال بعض المفسرين؛ مهنم: ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ الحجارة من كبريت، وأمّا ظلّ النار وماؤها وهواؤها فلا يغني عن أهلها شيئاً؛ لأنّ هواء النار السموم، وهي الرِيح شديدة الحرّ، وماء النار من الحميم؛ وهو الماء الذي اشتدّ حرّه، وظلّها اليحموم؛ وهو قطع من دخان النار.[٦]

طعام أهل النار

يوجد في النار عدّة أنواع من الطعام، تختلف باختلاف طبقات النار، وهي:[٧]

  • الزّقوم: وهي شجرة خُلقت من النّار، وغُذّت منها، كما أنّها طعامٌ بشعٌ خبيثٌ، دلّ على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لو أنَّ قطرةً قَطِرَتْ من الزَّقُّومِ في الأرضِ لأَمَرَّتْ على أهلِ الدنيا معيشتَهم فكيفَ بمن هوَ طعامُهُ وليس له طعامٌ غيرُه)،[٨] وروى ابن عباس -رضي الله عنه- أن سبب نزول قول الله تعالى: ( إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ*طَعَامُ الْأَثِيمِ)،[٩] أنّه لمّا ذكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- شجرة الزقوم تخويفاً للكفّار، قال أبو جهل: (هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوّفكم بها محمد؟ قالوا: لا، فقال: عجوة يثرب بالزبد، والله لئن استمكنا منها لنتزقمنها تزقماً).
  • الغسلين: والغسلين هو صديد أهل النار الذي ارتفعت حرارته حتى أصبح في غاية الحرارة، كما أنّه قبيح الطعم، ونتن الرائحة، وهو طعام محصور بالذين أخطأوا الصراط المستقيم، وسلكوا سُبل الجحيم، كما قال الله تعالى: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ*وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ*لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ).[١٠]
  • الضريع: وهي شجرة ذات شوكٍ يابسٍ، ليس لها ورق، ويسمّى بالشِّبرق إذا يبس، وهو طعام في غاية الخِسة، والخباثة، والبشاعة، والمرارة، فلا يسمن بدن من أكله من الهزل، ولا يسدّ الجائع منهم، حيث قال الله تعالى: (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ*لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ).[١١][١٢]
  • طعام ذا غُصّة: وفسّره ابن عباس -رضي الله عنه- بالطعام الذي ينشبّ في الحلق؛ فلا يدخل ولا يخرج.

خوف السلف من النار

كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يستعيذ من النار في الصلاة، ويأمر الناس بذلك، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يخافون من النار، ومن صور ذلك:[١٣]

  • قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو أنّ منادياً نادى من السماء أن كلّ أهل الأرض في الجنّة إلّا رجلاً واحداً لخشيت أن أكون أنا هو).
  • كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يقول: (لو أنّي وقفت بين الجنّة والنّار؛ لا أدري إلى أين مصيري، لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيّتها أصير).
  • كان الأوزاعي إذا ذكر النار، تقطّع قلب الحاضرين في المجلس حسراتٍ، فلا يسأل أحد عن شيءٍ، إلى أن يسكت.
  • كانت آمنة بنت أبي الورع من العابدات الخائفات، وكانت إذا ذُكرت النار تبكي وتُبكي من حولها، وهي تقول: (أدخلوا النّار، وأكلوا وشربوا من النّار، وعاشوا في النّار).
  • ورد عن ابن أبي الدنيا من رواية سعد بن الأخرم أنّ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- مرّ يوماً بالحدّادين وقد أخرجوا الحديد من النّار، فقام ينظر إليهم، ويبكي، وروى أبو حيان التميميّ أنّ عبد الله بن مسعود مرّ بالذين ينفخون الكير، فسقط مُغشياً عليه.
  • روى عطاء الخرسانيّ أنّ أُويس القرنيّ كان ينظر إلى الحدادين وهم ينفخون الكير، فيسمع صوت النّار، ثمّ يصرخ، ويسقط.

المراجع

  1. سورة التوبة، آية: 63.
  2. سورة الزمر، آية: 15.
  3. سورة التحريم، آية: 6.
  4. سورة النساء، آية: 145.
  5. سورة البقرة، آية: 24.
  6. عمر سليمان الأشقر، الجنة والنار، صفحة 11-32. بتصرّف.
  7. “طعام أهل النار”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-6-2018. بتصرّف.
  8. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن مجاهد بن جبر المكي، الصفحة أو الرقم: 5/53، إسناده صحيح.
  9. سورة الدخان، آية: 43-44.
  10. سورة الحاقة، آية: 35-37.
  11. سورة الغاشية، آية: 6-7.
  12. الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، صفحة سورة الغاشية الآية 6-7. بتصرّف.
  13. ابن رجب الحنبلي، التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار، صفحة: 21، 23، 35. بتصرّف.