صفات الكمال

صفات الله تعالى

تعتبر صفات الله -تعالى- من الأمور الغيبيّة، وإن واجب المسّلم تجاه المسائل الغيبيّة أن يؤمن بها وفق ما جاءت به النصوص الشرعيّة، وقد أشار ابن كثير إلى مذهب السلف في الإيمان بصفات الله -تعالى- عندما تطرّق إلى تفسير قول الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)،[١] فقال: إنّ للنّاس في هذا المقام مقالات كثيرة، وإنّ الواجب على المسلم أن يسلك في الاعتقاد بتلك الصفات مذهب السلف، مثل: الإمام أحمد والشافعيّ ومالك والأوزاعيّ في إمرار تلك الصفات كما جاءت من غير تعطيل أو تشبيه أو تمثيل، وكما قال نعيم بن حماد شيخ البخاريّ: أنّ كلّ من اعتقد بثبوت الصفات التي أثبتها الله -تعالى- لنفسه كما جاءت بها الآيات الكريمة، والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عنه النقائص التي لا تليق به فقد سلك سبيل الهدى.[٢]

صفات الكمال

تعتبر صفات الله -تعالى- جميعها من صفات الكمال التي لا يعتريها النّقص في أي وجه من الوجوه، ومن هذه الصفات: العلم، والسّمع، والبصر، والقدرة، والحكمة، والعزّة، والرحمة، والعظمة، والعلوّ، وغير ذلك من الصفات التي ثبتت بالفطرة، والسمع، والعقل،[٣] وقد عُقد الإجماع بين العلماء المسلمين على اعتقاد الكمال لله -تعالى- بأعلى درجاته، وأقصى ما يكون التنزيه عن النّقص، كما أنّ أقوالهم متواترة باعتقاد أنّ الله -تعالى- متّصف بالكمال المطلق، ومن ذلك قول العلامة شيخ الاسلام ابن تيمية في ثبوت الكمال لله -تعالى- أقصى ما تكون الأكمليّة، وهذا الثبوت يستلزم نفي النقيض، فثبوت صفة القدرة لله -تعالى- تسلتزم نفي صفة العجز، وثبوت صفة الحياة له تستلزم نفي صفة الموت، وثبوت صفة العلم كذلك تسلتزم نفي صفة الجهل، وقد دلت على هذه الصفات الأدلّة العقليّة والبراهين اليقينيّة مع الأدلّة السمعيّة، منها قول الله تعالى:(لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[٤][٥] وإن~ صفات الكمال لله -تعالى- بابها أوسع من باب الأسماء، فكلّ اسم يتضمّن صفة، بينما الصّفة قد تنطبق على أفعال لله -تعالى- فلا منتهى لها، ولا يصحّ تسمية الله بها، ومثال ذلك: صفة المجيء والنزول والبطش والأخذ؛ حيث لا يصحّ أن يُقال عن الله -تعالى- الآخذ أو الجائي.[٢]

أدلّة ثبوت صفات الكمال لله تعالى

إنّ من أدلّة ثبوت صفات الكمال لله تعالى هي:[٣]

  • الدليل السمعيّ؛ وهو قول الله تعالى:(لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)،[٤] ومعنى المثل الأعلى هو الوصف الأعلى.
  • الدليل العقليّ؛ فكلّ موجود حقيقة لا بدّ أن تكون له صفة؛ فإمّا أن تكون صفة كمال أو صفة نقص، ولا شكّ بإنّ صفة النّقص باطلة في حقّ الله تعالى؛ لأنّه وحده المستحقّ للعبادة، كما أنّ الله -تعالى- أثبت صفة الكمال لنفسه حينما أظهر بطلان عبادة الأصنام واتخاذهم آلهة من دونه، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ*أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ).[٦]
  • الدليل الحسيّ؛ فمن خلال الحسّ والمشاهدة يتبيّن للإنسان أنّ هناك مخلوق متّصف ببعض صفات الكمال، فالذي أعطى المخلوق هذا الكمال وهو الله -تعالى- أولى بأن يكون له الكمال المطلق.
  • دليل الفطرة؛ فالخَلْق كلّهم مفطورون على تعظيم الله -تعالى- ومحبّته، ولا تُفهم هذه المحبّة، ولا يُعلم سبب هذا التعظيم إلّا حينما يدرك الإنسان أن الخَلْق قد عظّموا الله -تعالى- وأحبّوه بالفطرة؛ لأنّهم أدركوا أنّه متّصف بصفات الكمال التي تليق بألوهيّته وربوبيّته.

أقسام الصفات

تنقسم الصفات إلى قسمين؛ وهما:[٢]

  • الصفات الذاتيّة؛ وقد اصطلح العلماء على تسمية هذه الصفات بالذاتيّة لأنّها ملازمة للذات الإلهيّة ولا تنفكّ عنها، فلم يزل ولا يزال الله -تعالى- متصفاً بها، وتنقسم هذه الصفات إلى صفات معنويّة، وصفات خبريّة، ومن الصفات المعنوية: القدرة والعلم والحياة، فالله -سبحانه وتعالى- لم يزل ولا يزال حيّاً، ولم يزل ولا يزال عالماً، وأمّا المثال على الصفات الخبريّة صفة الوجه واليدين.
  • الصفات الفعليّة؛ وقد سميت هذه الصفات بالفعليّة لأنّها تتعلّق بفعل الله -تعالى- ومشيئته، وهذه الصفات نوعان: صفات خبريّة لها سبب، مثل: صفة الرضا، قال الله تعالى:(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ )،[٧] وصفات أخرى ليس لها سبب معلوم؛ مثل: النزول إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير.

أقسام الصفات باعتبار الثبوت

تنقسم الصفات باعتبار الثبوت إلى نوعين:[٢]

  • صفات ثبوتيّة؛ وهذه الصفات الثبوتيّة هي الصفات التي أثبتها الله -عزّ وجلّ- لنفسه في كتابه، أو على لسان نبيّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام، والواجب إثبات هذه الصفات لله -تعالى- بما يليق به، ومثال هذه الصفات: صفة القدرة والعلم والحياة، وهذه الصفات كلّها صفات كمال لا يتطرّق إليها النّقص بأي وجه من الوجوه.
  • صفات سلبيّة؛ وهذه الصفات نفاها الله -عزّ وجلّ- عن نفسه في كتابه أو على لسان نبيّه محمّد، ومن هذه الصفات: الموت والنسيان والعجز، وإنّ نفي هذه الصفات يتضمّن إثبات صفات الضدّ، وصفات الضد لهذه الصفات السلبيّة هي صفات الكمال المطلق لله تعالى، فنفي الصفات السلبيّة يفيد العدم، بينما يكون الكمال في إثبات صفة الضدّ لله تعالى، فصفة العجز تقابلها صفة القدرة، وصفة الموت تقابلها صفة الحياة .

المراجع

  1. سورة طه، آية: 5.
  2. ^ أ ب ت ث د. راجح إبراهيم السباتين (2015-1-5)، “الأسماء والصفات عند المدرسة السلفية المعاصرة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-15. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد بن صالح العثيمين (2001)، القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى (الطبعة 3)، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 18-19. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سورة النحل، آية: 60.
  5. الشيخ محمد صالح المنجد (2016-9-6)، “هل يوجد في القرآن ما ينص على أن الله كامل لا نقص فيه”، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-15. بتصرّف.
  6. سورة النحل، آية:،20-21.
  7. سورة الزمر، آية: 7.