من هم طالوت وجالوت

قصص القرآن

يحتوي كتابُ الله تعالى القرآن الكريم على العديدِ من القصص التي حدثتْ في الأزمنة الخالية التي سبقت العهد النبويّ الميمون، حيث تعتبر هذه القصص مفتاحاً هامّاً ورئيسيّاً لفهم سننِ التاريخ، ولفهم المعايير التي تُقيَّم أفعال الناس بناءً عليها، فقد أسّس القصص القرآنيّ لنمطٍ جديد من التفكيرِ يختلفُ عن السائد أو المتعارف عليه، ولعلَّ أبرزَ القصص التي أوردها القرآن قصّة طالوت وجالوت. وفيما يلي تعريفُ بهاتيْن الشخصيتين، وبما دار بينهما من أحداث.

طالوت وجالوت

يُعتبر طالوت واحداً من الشخصيّات المؤثرة في تاريخ بني إسرائيل، فهو ملكٌ قاد بني إسرائيل بناءً على طلبهم؛ فقد طلب بنو إسرائيل من نبي لهم أن يختارَ لهم ملكاً يقودهم في المعارك، فجاء اختيار طالوت من الله تعالى، غير أنّ بني إسرائيل اعترضوا عليه كونَه لم يؤتِ ثروة ماليّة؛ فقد كان المعيارُ الماديّ هو الأساس الذي يحكمون به على أهليّة الملك، وقدرته على تسيير شؤون رعيته، فعدَّل لهم النبي فكرهم. وقد أورد القرآن الكريم ردَّه عليهم لحظة اعتراضهم. قال تعالى: (قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة، الآية: 247]

أمّا جالوتُ فهو محاربٌ اقترن ذكره بذكر طالوت، كما اشتهرَ بالمعركة بينه وبين نبيّ الله داود، الذي سيتولّى ملك إسرائيل، وسيكونُ له أثر كبير في التاريخ الإنسانيّ فيما بعد.

قصة طالوت وجالوت

بدأتْ قصة طالوت وجالوت منذ تلك اللحظة التي طلبَ فيها بنو إسرائيل من نبيهم ملكاً لهم، وبعد أن اختار الله تعالى طالوت ملكاً، أخذ طالوت بتجهيز جيش قادر على مواجهة العماليق بقيادة جالوت، والذي كانت له هيبةٌ كبيرة في نفوس الخلائق.

نظراً لمعرفة طالوت بأحوال بني إسرائيل، فقد أخضعهم في الطريقِ إلى المعركة لعدّة اختبارات، وقد كانت النتيجة النهائيّة لها تناقصُ أعداد المحاربين من جيشه، واقتصار الجيش فقط على الفئة المخلصة. وعندما تلاقى الجمعان، أخذ جنود طالوت يدعون الله تعالى بأن يُنزل عليهم الصبر، وأن يُثبِّت أقدامهم، وأن ينصرهم على أعدائهم، فكان النصر حليفهم بإذن الله تعالى. وقد تضمّن جيش طالوت على الشاب داود -عليه السلام- الذي جعل الله تعالى نهاية جالوت على يديه الشريفتين.

لم يعرض القرآن الكريم قصة طالوت وجالوت للتسلية، بل لتثبيت قلوب المؤمنين في كلّ زمان ومكان ممّن قدّموا ولا يزالون يقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل الدفاع عن الحق، والمظلومين، فمهما كان الظالم متجبِّراً فإنه يكون كالريشة في مهبّ الريح أمام رياح الحق العاتية الصادرة للمؤمنين المخلصين المتوكلين على الله تعالى، ناصرهم، ومُؤيدهم.