أسباب نعيم القبر
القبر
تعتبرُ مرحلة القبر والحياة البرزخيّة من مراحل الحياة التي كتبها الله تعالى على جميع خلقه، حيثُ تأتي هذه المرحلة من الحياة بعد مرحلة الحياة الدّنيا حين ينقطع اتصال الإنسان بالحياة، وتخرج روحه مفارقةً جسده عائدةً إلى باريها، وفي حياة القبر التي لم يصحّ عنها الكثير من الأحاديث يعاينُ الإنسان أحداثاً وأموراً قدّر الله سبحانه لجميع الخلائق أن تراها، كما يكونُ مكان هذه الحياة إمّا روضةً من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النّار تبعاً لأفعال العباد في الحياة الدّنيا، وتبعًا لأخلاقهم ودرجة إيمانهم بربّهم جلّ وعلا. سنتحدّث في هذا المقال عن الأدلّة على وجود النّعيم والعذاب في القبر، وأسباب نعيم القبر.
أدلة وجود حياة القبر
تواترت الأحاديثُ النّبويّة الشريفة في إثبات عذاب القبر، وأنّه من ثوابت العقيدة الإسلاميّة التي ينبغي لكلّ مسلمٍ أن يعتقدَها وأن يؤمن بها، ففي القرآن الكريم وتحديداً في سورة غافر، قوله: (وحاق بآل فرعون سوء العذاب، النّار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدَّ العذاب) [غافر، الآية: 45-46]، ففي هذه الآية الكريمة يبيّنُ ربّ العزّة جلّ وعلا الفرقَ بين عذاب الآخرة الذي يكون يوم القيامة، والعذاب الذي يراه الكفّار غدوةً وعشيّة في القبر.
ورد في صحيحٍ مسلم عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- قوله: (إنّ هذه الأمّة تُبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوتِ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه)، وهناك كثيرٌ من الأدلة على حقيقة عذاب القبر ونعيمه ممّا لا تدع حجّة لمتقوّلٍ أو مدّعٍ كاذب لا يدرك حقيقة الدّين، وعقيدة المسلمين.
أسباب نعيم القبر
ولا شكّ بأنّ لنعيم القبر وعذابه أسباباً، فمن أسباب نعيم القبر نذكر:
- التزام منهج الله تعالى وشريعته في الحياة الدّنيا، فالمسلم الحريص على الوقوف على حدود الله تعالى، وتطبيق أحكامه في حياته، والتزام أوامره -جلّ وعلا-، واجتناب نواهيه، يقيه الله تعالى من عذاب القبر ويدرك نعيمه.
- ترك آفات اللسان من غيبةٍ ونميمة، فقد ثبت عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه مرّ على قبر لرجلين يعذّبان مبيّناً سببَ عذابهما حيث كان أحدهما يمشي في النّميمة، والنّميمة هي الإفساد بين النّاس وإحداث الشّحناء والبغضاء بينهم.
- الحرص على طهارة الجسد والرّوح، فالمسلم الحريص على طهارة جسده فضلاً عن روحه ينال نعيم القبر ويوسّع الله له فيه، بينما يعذّب من يستهين بأمر الطّهارة، كما ذكر في الحديث الشّريف أنّ أحد المعذّبين في القبر كان لا يتنزّه من بوله.
- الاستعاذة من عذاب القبر، فقد كان من سنّة النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- أن يستعيذ من عذاب القبر قبل السّلام من التّشهد الأخير، ومن استعاذ بالله تعالى من عذابه أكرمه الله بنعيم القبر وفسحته.