بحث عن أهمية الوقت في الإسلام

الوقت في حياة المسلم

خلق الله تعالى الإنسان، وكلّفه بتكاليفٍ وطلب منه أداءها، وأعطاه نعمة الوقت التي تعينه على ذلك، فالوقت سلاحٌ ذو حدين، فإذا استغله الإنسان وملأه بالأمور النّافعة كان خيراً له، وإن أساء استغلاله وملأه فيما يضرّه كان شراً له، وقد ساق الله -تعالى- في القرآن الكريم صورتين، الأولى: للذين أحسنوا الانتفاع بالوقت فكان النتيجة حسن العقبى، قال تعالى: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ* قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ* فَمَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ* إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ).[١][٢]

أماالصورة الثانية: لمن أساءوا الانتفاع بأوقاتهم، فكان النتيجة سوء العقبى لهم، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ* وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ)[٣] حيث إنّ عمر الإنسان فترةٌ زمنيةٌ تبدأ بولادته، وتنتهي عند الوفاة التي لا يعلم بها إلا الله، فالوقت سريع المرور، كحركة الأفلاك التي لا تتوقف أبداً، وهو يمر بمرورها وينقضي بانقضائها، وعندما ينقضي لا يعود أبداً.[٢]

أهمية الوقت في الإسلام

الوقت في الإسلام له أهميةٌ كبيرةٌ، وله مكانةٌ عظيمةٌ، فقد نبّه الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- على أهمية الوقت، وأقسم الله في القرآن الكريم بأجزاءٍ من الوقت؛ فأقسم بالليل، والنّهار، والفجر، والعصر، وهذا تنبيه على أهمّيته، ويُعرف احترام الشخص للوقت من خلال مصاحبته ورفقته، وكيفية قضاء وقته واستغلاله، وبعده عن مجالس اللغو والغفلة، وتنظيم وقته بين العبادة والسعي في طلب الرزق والعلم، وتأديته لحقوق الآخرين، وعدم الإكثار من النّوم، فالوقت هو الحياة.[٤]

إن الوقت هو عمر الإنسان ورأس ماله في هذه الحياة، فكل يوم يمضي من عمره يأخذ منه ويقرّبه من أجله، وكثيرٌ من النّاس يضيّعون أوقاتهم، ويهدرون الأعمار فيما لا فائدة فيه، فهم محرومون من نعمة استغلال الوقت، والعاقل يستثمر وقته فيما يرضي الله تعالى، ويحقق له سعادة الدنيا والآخرة، وعندما يدرك المسلم أهمية الوقت فإنّه سيحرص على حفظه واستغلاله فيما يقربه من ربه عزّ وجلّ، والمسلم مسؤول عن وقته يوم القيامة، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا تزولُ قدما عبدٍ يوم القيامة حتَّى يُسأل عن أربع خصالٍ: عن عمرِه فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه)،[٥] فالساعات أغلى من إضاعتها في كلامٍ فارغٍ أو مجالس للغيبة لا يتحرى فيها المسلم الصدق ولا يأمر بالمعروف، فالحرص الحرص على استغلال الوقت وفترة الشباب في الأعمال النافعة قبل أن يأتي المشيب.[٦]

أسباب تُعين على حفظ الوقت

جاءت الشريعة الإسلامية بالأمر بالحفاظ على الأوقات، واستغلالها فيما يعود على النفس بالنفع، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاس: الصِّحَّةُ والفراغُ)،[٧] فعلى المسلم أن يستغل وقته، وأن يتّبع خطواتٍ وأسباباً تعينه على استغلال وقته، ومن هذه الأسباب ما يأتي:[٨][٩]

  • محاسبة النفس: فمن أعظم الوسائل التي تساعد المسلم على استغلال الوقت فيما يرضي الله محاسبة النفس، وهي دأب الصالحين، وطريق المتقين، فحاسب نفسك واسألها عن إنفاق الوقت، وماذا عملت في يومها الذي انقضى، وكيف مضت ساعاته، واسألها هل ازددت فيه من الحسنات أم من السيئات؟
  • تربية النفس على علو الهمة: فمن علت همّته لن يقتنع بالدونيّة، ومن ربّى نفسه على التعلق بمعالي الأمور، والبعد عن سفاسفها، كان أحرص على استغلال وقته، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
  • صحبة الأشخاص المحافظين على أوقاتهم: فعندما يصاحب المسلم من يحافظون على أوقاتهم، ويقترب منهم ويقلّدهم، فذلك سيعينه على اغتنام وقته، ويقوّيه على استغلال ساعات عمره في مرضاة الله وطاعته.
  • معرفة حال السلف مع الوقت: فالسلف هم خير من أدرك قيمة الوقت وأهمية العمر، وقد ضربوا أروع الأمثلة في اغتنام العمر واستغلاله في طاعة الله، و معرفة أحوالهم وقراءة سيرتهم عون كبيرٌ للمسلم على استغلال وقته.
  • تنويع ما يُستغل به الوقت: إنّ تنويع الأعمال يساعد النفس على استغلال أكبر قدر ممكن من الوقت، فمن طبيعة النفس أنّها سريعة الملل، وتنفر من الشيء الذي يتكرر.
  • إدراك أن ما مضى من الوقت لا يعود ولا يُعوَّض: فليس في الإمكان أن يستعيد الإنسان الأيام، والساعات، واللحظات التي تمضي من عمره على الإطلاق.
  • تذكر الموت وساعة الاحتضار: حين يستدبر الإنسان الدنيا، ويستقبل الآخرة، ويتمنى لو أعطي بعض الوقت لإصلاح ما أفسد، وليتدراك ما فات، فزمن العمل انتهى وبدأ الحساب، فتذكُّرالإنسان لهذا يجعله حريصاً على اغتنام وقته في مرضاة الله تعالى.
  • الابتعاد عن صحبة مضيّعي الأوقات: فمصاحبة الكسالى ومضيّعي الأوقات، لا شك أنها مُهدرة لطاقات الإنسان ومضيعة لأوقاته، والمرء يقاس بجليسه وصاحبه.
  • تذكر السؤال عن الوقت يوم القيامة: عندما يتذكرالمسلم أنّه سيقف بين يدي الله تعالى، وسيسأله عن وقته وعمره، وبأي شيءٍ قضاه وأين أنفقه، فهذا سيعينه على حفظ وقته واغتنامه في مرضاة الله تعالى.

كيفية استغلال الوقت

ينبغي على المسلم أن يُشغل وقته بما ينفع؛ من قراءة للقرآن، والتسبيح، والتهليل، والذكر، وأن يحضر مجالس العلم، ومن أحسن ما يستغل المسلم فيه وقته قراءة القرآن، والإكثار من ذكر الله، وصلاة التطوع، وإذا تيسّر له أن يعود مريضاً من إخوانه أو يزور صديقاً له يعينه على الخير، أو يذهب مثلاً إلى مزرعته لسقيها والقيام بحاجاتها، أو إلى السوق لطلب الرزق ويتحرى الحلال، ويحذر شهادة الزور، ويحذر الكذب الغش، وما أشبه ذلك من الأمور التي يحفظ فيها وقته، فالوقت ثمين أعز من الذهب.[١٠]

المراجع

  1. سورة الطور، آية: 25-28.
  2. ^ أ ب سيد نوح (2011-10-29)، “الوقت في حياة المسلم”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  3. سورة فاطر، آية: 36-37.
  4. “أهمية الوقت في حياة المسلم”، www.islamweb.net، 11-4-2004، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في اقتضاء العلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 2، صحيح لغيره.
  6. صالح امعيتيق (22-3-2009)، “الوقت وأهميته في حياة المسلم”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 6412، صحيح.
  8. “نصائح في الحفاظ على الوقت”، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  9. عبد العزيز بن باز (2016-08-24 )، “كيف نستثمر أوقاتنا؟”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  10. “كيفية استغلال الوقت”، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.