متى يبدأ التكبير في عيد الفطر

تكبيرات عيد الفطر

يأتي عيد الفطر في شهر شوال؛ وهو الشهر الذي يأتي بعد شهر رمضان، وقد سمّي شهر رمضان “بشهر العيد”؛ لأنّه مقارب لشهر شوّال ومتّصل به وليس لأنّ العيد يكون فيه، وذلك مثل ما يقال لصلاة المغرب بأنّها “وتر النهار” مع أنّها تكون في بداية الليل، وذلك لأنّ موعد أداء صلاة المغرب يأتي متّصلاً بالنهار وقريباً منه، ويكون العيد في أوّل يوم من أيام شهر شوال، وقد سمّي بالفطر لأنّ الفطر من رمضان يكون فيه،[١] ويسنّ التكبير في العيد بقول: “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، اللله أكبر الله أكبر ولله الحمد”، أو قول: “الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً”، وصيغ التكبير هذه وردت عن السلف الصالح، أمّا الصيغة التي كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يكبّر بها فلم تثبت بطريقٍ صحيح،[٢] ويجهر المسلمون جميعاً بالتكبير في العيد، سواء كانوا رجالاً أم نساءً أم أطفالاً، قال -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).[٣][٤]

وقت التكبير في عيد الفطر

اتفق أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة؛ الحنفية، والمالكية، وفي الأصحّ عند الشافعية، والصحيح عند الحنابلة على عدم وجود تكبير مقيّد بعد الصلوات في عيد الفطر، وقد بيّنوا أنّ ذلك لم يرد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- ولا عن الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، وأنّ ذلك لو كان مشروعاً لفعلوه ونُقل عنهم،[٥] وفيما يأتي بيان لوقت التكبير عند المذاهب الفقهيّة بشكل مفصّل:

  • الحنفية: يرى الحنفيّة عدم سنّية التكبير صبيحة يوم العيد قبل الصلاة بغض النظر عن الكيفية والمكان؛ سواء كان التكبير سراً أو جهراً، وسواء كان في البيت أو في الطريق أو في المصلى، ثم جاء الإيضاح منهم أنّ أحكام عيد الأضحى مثل أحكام عيد الفطر، والفرق بينهما أنّ التكبير في عيد الأضحى يكون جهراً في الطريق، وفي عيد الفطر لا يُفعل ذلك.[٦]
  • الشافعيّة: يسنّ عندهم في عيد الفطر التكبير المطلق، وهو الذي لا يتقيّد بوقت معيّن؛ فيكبّر المسلم متى أراد وفي أيّ مكان، سواء أكان في البيت أم في السوق أم في غير ذلك، وسواء أكان ذلك في الليل أم في النهار؛ فيختار أيّ وقت وأيّ مكان شاء ليكبّر فيه، أمّا فيما يتعلّق بالتكبير المقيّد، وهو أن يلتزم المسلم بالتكبير بعد الصلوات المفروضة فقط، فعند الشافعية فيه قولان؛ أحدهما يبيّن أنّ التكبير المقيّد في عيد الفطر سنّة كما التكبير المطلق، كما أنّ التكبير المقيّد داخل في التكبير المطلق، وعليه يكبّر المسلم بعد أداء صلاة المغرب والعشاء والفجر، والقول الآخر: إنّ التكبير المقيّد ليس في عيد الفطر بسنّة لأنّه لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- ولا عن صحابته الكرام -رضي الله عنهم-، وإنّما ورد فيما يتعلّق بعيد الأضحى فقط.[٧]
  • الحنابلة: يشرع التكبير المطلق عند الحنابلة في عيد الفطر، وقد استندوا إلى العديد من الأدلّة في قولهم، ومن ذلك قول الله -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[٨] فقد ذكر الله -تعالى- العدّة وبعدها ذكر التكبير، والعدّة المقصودة هي عدّة رمضان المبارك، وقد اعتبروا أنّ التكبير شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، والسنّة أن يكون التكبير في عيد الفطر مطلقاً لا مقيّداً، وعندهم رأي آخر وهو مشروعيّة التكبير المقيّد ليلة عيد الفطر، وأن التكبير المقيّد أكثر استحباباً من التكبير المطلق،[٩] والوقت المشروع للتكبير في عيد الفطر يبتدأ من غروب شمس ليلة العيد إلى حين انتهاء الإمام من الخطبتين في صلاة العيد،[١٠] والمشهور عندهم أنّ التكبير يبدأ عند مشاهدة الهلال ويستمر طيلة ليلة العيد مع صباح يوم العيد والصلاة والخطبة.[١١]
  • المالكية: يُسن التكبير في يوم العيد ولا يسنّ في ليلته، وذلك لأنّ التكبير مستحب بالعيد على وجه الخصوص؛ فيكون في يومه؛ كالتكبير في الصلوات مثلاً، ولا يكون مقيّداً بعد الفراغ من أداء الصلوات ولا يلزم المسلم نفسه بذلك،[١٢] ويكبّر المسلم حين ذهابه إلى المصلى لأداء صلاة العيد، ويستمر في التكبير إلى أن يصعد الإمام المنبر ويتوقّف عن التكبير.[١٣]

وقت صلاة عيد الفطر

اتّفق الفقهاء على أنّ صلاة العيد تبدأ بعدما تطلع الشمس بمقدار رمح إلى رمحين، وهو ما يقدّر بنصف ساعة بعد طلوعها، وذلك أنّ الصلاة عند شروق الشمس منهيّ عنها وبالتالي فهي محرّمة، وإن قاموا بأدائها قبل الارتفاع بقدر رمح فإنّها تعتبر صلاة نفلٍ محرّم عند الحنفية لا صلاة عيد، ويستمرّ وقتها إلى ما قبل الزوال؛ أي قبل دخول وقت صلاة الظهر، وبذلك يكون وقت صلاة العيد هو نفسه وقت صلاة الضحى، وإن صلّاها المسلم بعد ذلك فهي مكروهة،[١٤] والأفضل التعجيل بها إن كانت صلاة عيد الأضحى؛ فيصليها المسلم حين تطلع الشمس بمقدار رمح، وإن كانت صلاة عيد الفطر يؤخّرها إلى أن تطلع الشمس بمقدار رمحين.[١٥]

المراجع

  1. عبد المحسن العباد ، شرح سنن أبي داود ، صفحة 11، جزء 255. بتصرّف.
  2. عبد المحسن العباد ، شرح سنن أبي داود ، صفحة 31، جزء 143. بتصرّف.
  3. سورة البقرة ، آية: 185.
  4. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى )، المملكة العربية السعودية : بيت الأفكار الدولية ، صفحة 663، جزء 2. بتصرّف.
  5. “التكبيرُ في عيدِ الفِطرِ”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-6-2020. بتصرّف.
  6. زين الدين محمد، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، القاهرة : دار الكتاب الإسلامي ، صفحة 172، جزء 2. بتصرّف.
  7. يحيى العمراني (2000)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الأولى )، جدة : دار المنهاج ، صفحة 654، جزء 2. بتصرّف.
  8. سورة البقرة ، آية: 185.
  9. أحمد الخليل ، شرح زاد المستقنع، صفحة 244. بتصرّف.
  10. سعاد زرزور، فقه العبادات على المذهب الحنبلي، صفحة 225. بتصرّف.
  11. حمد الحمد ، شرح زاد المستقنع، صفحة 90، جزء 8. بتصرّف.
  12. عبد الوهاب بن نصر ، المعونة على مذهب عالم المدينة، مكة المكرمة: المكتبة التجارية ، صفحة 323. بتصرّف.
  13. محمد بن رشد (1988)، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة (الطبعة الثانية)، بيروت : دار الغرب الإسلامي ، صفحة 492، جزء 1. بتصرّف.
  14. وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة )، دمشق : دار الفكر ، صفحة 1391، جزء 2. بتصرّف.
  15. سعيد القحطاني (2010)، صلاة المؤمن (الطبعة الرابعة )، القصب: مركز الدعوة والإرشاد ، صفحة 909، جزء 2. بتصرّف.