كل أسماء الله الحسنى

أسماء الله الحسنى وعددها

يتوقّف المسلم في أسماء الله الحسنى على ما جاء منها في الكتاب والسنّة، كما أنّ أسماء الله الحُسنى توقيفيّة لا يجوز الزيادة فيها أو الإنقاص منها، ولا مجال للعقل في نفي أو إنكار أو زيادة أو استنتاج شيء منها، والتوقّف فيها على النصّ الوارد واجب، قال -تعالى-: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)،[١][٢] وقد علّم الله -تعالى- عباده بعض أسمائه وصفاته، وأخفى عنهم أسماءً وصفاتً أُخرى واستأثر بها في علم الغيب؛ فلا يعلمها أيّ من مخلوقاته سواءً كان نبيّاً مرسلاً أو ملكاً مقرّباً، وقد ورد في قول النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك)،[٣] وأسماء الله -تعالى- لا تعدُّ ولا تحصى، حيث قسّم الحديث الذي سُقناه أسماء الله الحُسنى إلى ثلاث أقسام وهي كما يأتي:[٤]

  • قسمٌ سمّى الله -تعالى- به نفسه وعرّفه بعضاً من خلقه إلّا أنّه لم ينزل في كتبه.
  • قسمٌ عرّفه لعباده، وذلك الذي أنزله في كتابه.
  • قسمٌ أخفاه عن خلقه كلّهم واستأثر هو بعلمه؛ فلم يطّلع عليه أحد.

وقد جاء في التخصيص في عدد أسماء الله الحسنى بأنّها تسعة وتسعون اسماً لشهرتها ولكونها أظهر من حيث المعنى، وذلك لا ينفي وجود أسماءِ أخرى عداها،[٥] وقد أراد الحديث الذي ورد في أنّ الأسماء الحُسنى هي تسع وتسعون أنها كثيرة، ولم يصرّح بالحصر.[٦]

أسماء الله الحسنى

تعداد أسماء الله الحسنى كاملة

وردت عدد من أسماء الله الحُسنى في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والحديث هو قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِئَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ)،[٧] وهذه الأسماء هي ما ورد في نصّ الحديث أنّه “هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم، الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن، الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق البارئ المصور، الْغفار القهار الْوَهَّاب الرَّزَّاق الفتاح الْعَلِيم، الْقَابِض الباسط الْخَافِض الرافع الْمعز المذل، السَّمِيع الْبَصِير، الحكم الْعدْل، اللَّطِيف الْخَبِير، الْحَلِيم الْعَظِيم، الغفور الشكُور، الْعلي الْكَبِير الحفيظ المقيت الحسيب، الْجَلِيل الْكَرِيم الرَّقِيب الْمُجيب، الْوَاسِع الْحَكِيم الْوَدُود الْمجِيد، الْبَاعِث الشَّهِيد الْحق الْوَكِيل، الْقوي المتين، الْوَلِيّ الحميد، المحصي المبدئ المعيد المحي المميت، الْحَيّ القيوم، الْوَاجِد الْمَاجِد الْوَاحِد الصَّمد الْقَادِر، المقتدر الْمُقدم الْمُؤخر، الأول الآخر الظَّاهِر الْبَاطِن، الْوَالِي المتعالي، الْبر التواب، المنتقم الْعَفو، الرؤوف، مَالك الْملك، ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام، المقسط الْجَامِع، الْغَنِيّ الْمُغنِي، الْمَانِع الضار النافع، النُّور الْهَادِي، البديع الْبَاقِي الْوَارِث، الرشيد الصبور” وتجدر الإشارة إلى أنّ أسماء الله -تعالى- تزيد عن ذلك -كما بيّنّا سابقاً-.[٨]

معاني بعض أسماء الله الحسنى

أسماء الله الحُسنى كثيرة ولها معاني ودلالات جليلة، نذكر تالياً بعض هذه الأسماء ومعانيها:

  • الرحمن الرحيم: اسم الله الرحمن ورد في القرآن سبع وخمسين مرّة، ومن ذلك قوله -تعالى-: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)،[٩] واسم الله الرحيم ورد مئة وأربعة عشر مرّة، ومن ذلك الذي ورد في قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)،[١٠] وهذا الاسمان مشتقان من لفظة الرحمة، وعلى الرغم من اشتراكهما في الأصل إلّا أنّ لهما معنيان مختلفان ببعض الوجوه، ومنها أنّ الرحمن هو الذي شملت رحمته كلّ الخلائق في الحياة الدنيا، وشملت المؤمنين في اليوم الآخر، أمّا الرحيم فهو الذي اختصّت رحمته بالمؤمنين في اليوم الآخر، فرحمته هنا خاصّة، والرحمن هو ذو الرحمة الواسعة، ولا يجوز إطلاق هذا الاسم على أيّ مخلوق، أمّا الرحيم فهو دائم الرّحمة، ويجوز إطلاقه على العبد.
  • الرؤوف: الرأفة في اللغة هي شدّة الرحمة ونهايتها؛ فالرؤوف هو شديد الرحمة، وقد ورد اسم الرؤوف عشر مرّات في القرآن الكريم، و قد جاء في ثماني مرّات من العشر مقدّماً على اسم الله الرحيم ومقترناً به؛ كقوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)،[١١] وقد وصف الله -تعالى- به النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- مرّة واحدة في القرآن؛ فقال: (حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ).[١٢][١٣]
  • العفوّ، الغفور، الغفّار: العفو لغةً هو التجاوز عن الذنب وإزالة أثره، والعفوّ هو المتجاوز عن الذنب، وأكثر ما يقترن اسم الله العفو في القرآن مع اسم الله القدير؛ لأنّ العفو مع القدرة صفة من صفات الكمال؛ فالله -تعالى- يعفو عن عبادة بقدرته وليس لعجزه -حاشاه-، قال -تعالى-: (فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا)،[١٤] أمّا الغفور فهو مصدر على وزن فعيل يدلّ على الكثرة؛ فالغفور هو كثير المغفرة للذنوب، والغفّار هو غافر الذنوب، قال -تعالى-: (وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا).[١٥][١٦]
  • الخالق، الباري، المصور: الأسماء الثلاثة الواردة اقترنت مع بعضها في القرآن، وذلك لأنّ فيها دلالة على الخلق والإيجاد، فالخالق هو الذي خلق الموجودات جميعاً وبرأها، ثم سوّاها وصوّرها بحكمته، وهذا الوصف مو صوف مستمر له سبحانه، وقد وردت هذه الأسماء في قوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ).[١٧][١٨]
  • القابض الباسط، الخافض الرافع، المعز المذل، المانع المعطي، الضار النافع: حين يُذكر أي اسم من هذه الأسماء يجب أن يُذكر معه الاسم المقابل له، كون الثناء على الله -تعالى- بأيّ اسم منها لا يكتمل إلّا بذكر الاسم الآخر معه، حيث يحصل الكمال المطلق بأن يجتمع الوصفين معاً، فالله هو القابض للأرواح وللأرزق، وهو في ذات الوقت الباسط للأرزاق وللرحمات، وهو الرافع للصالحين من عباده بعلمهم وإيمانهم، والخافض في ذات الوقت لأعدائه، وهو معزّ أهله من عباده الصالحين المطيعين، والمذّل للكافرين والمشركين والعصاة؛ فيورثهم ذلّاً في الدنيا والآخرة، وهو المعطي لمن يشاء والمانع عمّن يشاء، وهو الضّار لمن يشاء أن يصل ضرّه إليه ممن يقترفون ما يوجب هذا الضرّ، وهو كذلك النافع لمن شاء أن ينفع.[١٩]
  • السميع: اسم الله السميع هو اسم أبلغ في الصفة من اسم السامع، وسميع مصدر على وزن فعيل يدلّ على المبالغة، وقد ورد هذا الاسم أكثر من أربعين مرّة في القرآن الكريم، منها ثلاثين مرّة أو أكثر اقترن فيها باسم الله العليم، وفي عشر مواضع اقترن بالبصير؛ كقوله -تعالى-: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)،[٢٠] فالله هو الذي وسع سمعه الأصوات جميعاً، يسمع سرّ المخلوقات ونجواهم كما يسمع جهرهم، ومن رحمته أنّه يسمع دعاء عباده المؤمنين له وتضرعهم ومناجاتهم، ويأتي السماع أيضاً بمعنى قبول الدعوة وإجابتها، كما ورد في دعاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الذي استعاذ فيه بالله من دعاء لا يُستجاب؛ فقال: (اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ من قلبٍ لا يخشَعُ، ومن دعاءٍ لا يُسمَعُ)،[٢١] وسمع الله سبحانه نوعان؛ الأول سمعه وإحاطته بكلّ الأصوات الخفيّ منها والظاهر الجليّ، والسمع الثاني هو سمعه لدعاء السائلين له.[٢٢]
  • البصير: اسم من أسماء الله -تعالى- الذي يعني أنّه أحاط بصره بكلّ شيء في السماوات والأرض، فهو -سبحانه- يرى كل شيء حتّى النملة تحت الصخرة، والمياه السارية في كلّ مكان، والأوراق الساقطة، والنباتات المختلفة، الصغيرة والكبيرة والدقيقة منها، ولا يخفى على بصره شيء صَغُر أم كَبُر، ظَهر أم خفي، كما أنّه -سبحانه- يرى ويعلم خائنة الأعين، واسم الله البصير ورد كثيراً في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله -تعالى-: ( فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)،[٢٣] وقد ورد أكثر من أربعين مرّة في القرآن الكريم، واقترن كثيراً باسم الله السميع ليكون دلالة على إحاطة سمع الله وبصره لكل المخلوقات في العالم العلويّ والسفليّ على حدّ سواء.[٢٢]

ثمرات معرفة أسماء الله الحسنى

معرفة العبد لأسماء الله الحسنى لها آثار على نفسه وسلوكه؛ فهو بمعرفتها يذوق حلاوة الإيمان بالله -تعالى-، وتزيد محبّته له وحياؤه منه، ويشتاق إلى لقائه ورؤيته، وتزيد عنده مخافة الله -تعالى- وخشيته ومراقبته في السرّ والعلن، ويذهب عنه اليأس من رحمة الله -تعالى-، ويحسن ظنّه وثقته به، ويزداد تواضعه ويقلّ تكبّره، ويشعر بعظمة الله -تعالى- وعلّوه وقوّته على عباده، وتعلّم هذه الأسماء هو نوع من أنواع العبودية لله -سبحانه-.[٢٤]

الآداب الواجب التحلي بها مع أسماء الله الحسنى

يستحب حين يذكر المسلم اسم الله -تعالى- أو يكتبه أن يتبعه بنعت أو وصف من اوصاف التعظيم؛ كأن يكتب -تعالى-، أو -عز وجلّ-، أو -سبحانه-، أو -تقدّس- وغيرها من ألفاظ الكمال والتقديس، ومن آداب التعامل مع أسماء الله الحُسنى أن يبتدأ بها المتكلّم كلامه؛ فيقول مستهلاً له الحمد لله ربّ العالمين، أو يقول بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد والبسملة يشتملان على صفات عليّة وجليلة لله -سبحانه-، ومن الآداب أيضاً أن لا يطلق على الله أيّ اسم ليس له، ولم يسمي به نفسه بغرض القياس، ولا يكون الثناء على الله -تعالى- أو دعاءه إلّا باسم من أسمائه، ومن هذه الآداب ألّا يكثر المسلم من القسم بالله -سبحانه وتعالى- في كلّ وقت وحين، وألّا يذكر اسم الجلالة الله أو أي اسم آخر له في أماكن لا تليق بذلك، وألّا يستخدمها في تحقيق غرض دنيوي كالتجارة ونحوها.[٢٥]

المراجع

  1. سورة الإسراء، آية: 36.
  2. د. سعيد ين وهف القحطاني، شرح اسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنّة، صفحة 15-16. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 199، صحيح.
  4. د. سعيد بن وهف القحطاني، شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 75-76. بتصرّف.
  5. محمد متولي الشعراوي، أسماء الله الحسنى، صفحة 22. بتصرّف.
  6. الملا علي القاري (2002)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الفكر، صفحة 143، جزء 3. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2677، صحيح.
  8. أبو حامد الغزالي (1987)، المقصد الأسنى (الطبعة الأولى)، قبرص: دار الجفان والجابي، صفحة 60. بتصرّف.
  9. سورة طه، آية: 5.
  10. سورة المائدة، آية: 39.
  11. سورة البقرة، آية: 143.
  12. سورة التوبة، آية: 128.
  13. د. زيد محمد شحاتة، المنهج الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، السعودية: مكتبة العواصم، صفحة 562-564، جزء 1. بتصرّف.
  14. سورة النساء، آية: 149.
  15. سورة النساء، آية: 99.
  16. عبد الرحمن بن ناصر البراك، توضيح مقاصد العقيدة الواسطية (الطبعة الثالثة)، السعودية: دار التدمرية، صفحة 94. بتصرّف.
  17. سورة الحشر، آية: 24.
  18. عبد الرحمن السعدي، تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 170. بتصرّف.
  19. عبد الرحمن السعدي، تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي، المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، صفحة 171-172. بتصرّف.
  20. سورة البقرة، آية: 137.
  21. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 3482، صحيح.
  22. ^ أ ب د. زين محمد شجاتة، المنهج الأسنى في شرح الأسماء الحسنى، السعودية: مكتبة العواصم، صفحة 473-475، جزء 1. بتصرّف.
  23. سورة غافر، آية: 56.
  24. محمد الكوس (2005)، الوجيز في شرح أسماء الله الحسنى (الطبعة الرابعة)، صفحة 9. بتصرّف.
  25. أ.د. بدر محمد مالك، أ.د. لطيفة الكندري (2009)، الجوانب التربوية لأسماء الله الحسنى، صفحة 18-20. بتصرّف.