ما إسم غطاء الكعبة المشرفة
الكعبة المشرفة
يرجع السبب في تسمية الكعبة بهذا الاسم إلى تصميمها المربع الشكل، والتكعيب هو التربيع، وقيل أيضاً إن السبب في تسميتها بذلك يرجع إلى علوها وارتفاعها، والكعب هو كل شيء علا وارتفع، كما جاء في النهاية لابن الأثير، حيث قال: (كل شيء علا وارتفع فهو كعب، ومنه سُمِّيت الكعبة بالبيت الحرام، وقيل: سُمِّيت بها لتكعيبها؛ أي تربيعها)، بينما يرى البعض أن سبب التسمية هو استدارتها، إذ إن التكعب يعني الاستدارة، كما ورد في كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن: (سُمِّيت بذلك لاستدارتها، من التكعُّب وهو الاستدارة، وهذا مما يدل على أن القِبلة التي رُوي النهي عنها أي عن استقبالها حال قضاء الحاجة هي الكعبة)، ومن الجدير بالذكر أن الكعبة المشرفة أول بيت وُضِع في الأرض للعبادة، مصداقاً لقول الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ).[١][٢]
وقد اختلف العلماء في تحديد زمن بناء الكعبة، حيث قيل إنها قبل آدم -عليه السلام- وأن بناءها يرجع إلى الملائكة، وقيل أيضاً إن تاريخ بنائها يرجع إلى زمن آدم عليه السلام، فهو من قام ببنائها، كما قال ابن كثير في تفسيره: (قد اختلف الناس في أول من بنى الكعبة؛ فقيل: الملائكة… وقيل: آدم عليه السلام. رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء وسعيد بن المسيب وغيرهم..). ثم قال: (وهذا غريب أيضاً)، وقيل إن شيث بن آدم -عليهما السلام- هو أول من بنى الكعبة، كما ورد في كتاب الروض الأنف للسهيلي، حيث قال: (إن أول من بنى البيت شيث عليه السلام، وقد روى الأزرقي في كتاب أخبار مكة بسنده عن وهب بن منبه أن بني آدم عليه السلام بنوا البيت بالطين والحجارة بعد موت أبيهم)، وقيل إن إبراهيم -عليه السلام- هو أول من بنى الكعبة المشرفة، واستدل أصحاب هذا الرأي بقول الله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).[٣][٢]
غطاء الكعبة المشرفة
يُطلَق على غطاء الكعبة اسم الكسوة، والكسوة من أهم مظاهر تعظيم الكعبة المشرفة وتبجيلها، ويرجع تاريخها إلى تاريخ بناء الكعبة نفسها؛ فقد ورد في بعض المصادر التاريخية أن أول من كسا الكعبة هو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، بينما ذكرت بعض المصادر الأخرى أن أول من كساها هو عدنان جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الراجح تاريخياً أن ملك حِميَر تُبَّع أبي كرب أسعد هو أول من كسا الكعبة المشرفة، وكان ذلك في عام 220 قبل الهجرة بعد عودته لغزو يثرب، وقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا تسُبُّوا تُبَّعاً، فإنَّهُ كان قدْ أسلَمَ)،[٤] ومن الجدير بالذكر أن أول كسوة للكعبة كانت من الخصف، ثمّ تدرج تبّع بكسوتها إلى أن كساها المعافير، وهي كسوة يمنية، ثم كساها الملاء وهي كسوة رقيقة لينة، وسار خلفاؤه من بعده على خطاه، فكانوا يكسون الكعبة المشرفة بالعصب، وهي أثواب يمنية يُجمع غزلها ويُشد، وكانوا يكسونها بالوصايل أيضاً، وهي نوع من الأثواب الحمر المخططة، وكان الأمراء يتسابقون في تقديم الأكسية للكعبة المشرفة، ويتنافسون في ذلك، وكلما جاءت كسوة جديدة أُزيلت التي سبقتها.[٥]
وبَقي الأمر على ما هو عليه إلى أن جاء عهد قصي بن كلاب الذي فرض على قبائل قريش كسوة الكعبة سنوياً، وبقيت قريش تكسو الكعبة المشرفة سنوياً، حتى جاء رجل من الأثرياء يُدعى أبو ربيعة بن المغيرة، فتكفل كسوة الكعبة المشرفة عاماً، وترك كسوتها لقريش عاماً، وكانت الكسوة تتم في يوم عاشوراء من كل عام، ثم أصبحت في يوم النحر؛ حيث كانوا يُعلقون الكسوة إلى نصفها في ذي القعدة، ثم يقطعونها فتظهر الكعبة كهيئة المُحرم، وبعد حل الناس يوم النحر يتم كسوتها بالكسوة الجديدة، وبعد أن أشرق نور الإسلام، حافظ المسلمون على كسوة الكعبة المشرفة، حيث كساها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بالثياب اليمنية، وسار على خطاهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- فكسيا الكعبة بالقباطي المصرية، وهي أثواب رقيقة بيضاء كانت تُصنَع في مصر، وأصبحت كسوة الكعبة المشرفة تُحاك في مصر منذ أن بعث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى عامله في مصر يأمره بحياكة كسوة الكعبة من القماش المصري الذي يُطلَق عليه اسم القباطي، وبقيت كسوة الكعبة تُصنع في مصر وتُنقل إلى مكة حتى عام 1962م؛ إذ توقفت مصر عن إرسال الكسوة لمّا تولت المملكة العربية السعودية أمر تصنيعها.[٥]
لون غطاء الكعبة المشرفة
لا يُعدّ لون كسوة الكعبة المشرفة أمراً من الشرع الإسلامي، فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والخلفاء من بعده أنهم كانوا يستخدمون الألوان كلها في لباسهم وراياتهم وألويتهم، وقد ذكر الأزرقي في أخبار مكة، والحافظ ابن حجر في الفتح أن الكعبة المشرفة كانت تُكسى بالأبيض، والأخضر، والأصفر، والأسود، وبقي الأمر على ما هو عليه إلى أن جاء الناصر العباسي فكساه بالديباج الأخضر، ثم الأسود، وبقيت الكسوة بعده باللون الأسود.[٦]
صناعة غطاء الكعبة المشرفة
يبلغ مسطح غطاء الكعبة المشرفة 658م2، ويُستهلَك نحو 670كغ من الحرير الطبيعي، ويبلغ عدد العاملين في الكسوة 240 عاملاً وإدراياً وفنياً، وتبلغ تكاليف الغطاء الواحد للكعبة المشرفة 17 مليون ريال سعودي، وتمرّ صناعة غطاء الكعبة المشرفة بعدد من المراحل، وتتمثل فيما يأتي:[٥]
- الصباغة: في هذه المرحلة تُصبَغ الخيوط التي ستُستخدَم في صناعة الغطاء، ويتم اختيارها من أفضل أنواع الحرير في العالم، فتوضع في أحواض ساخنة ويمزج معها الأصباغ المطلوبة، وهي السوداء للكسوة الخارجية، والخضراء للكسوة الداخلية.
- النسيج: في هذه المرحلة تُحوَّل الخيوط الحريرية إلى نسيج عن طريق مرورها على عدد من المكنات اليدوية، والميكانيكية.
- التصميم: تتمّ في هذه المرحلة دراسة الخطوط والزخارف في الفن الإسلامي، ثم اختيار تصاميم مدروسة لتُرسَم رسماً دقيقاً في الأماكن المطلوبة.
- الطباعة: في هذه المرحلة تُنقَل التصاميم إلى القماش عن طريق مروره على عدد من الآلات.
- التطريز: حيث تُطرَّز الكتابات بأسلاك فضية وذهبية، ويتم التأكد من المقاسات بشكل دقيق جداً.
المراجع
- ↑ سورة آل عمران، آية: 96.
- ^ أ ب علي السبحاني (2015/09/13م)، “البناء الأول للكعبة”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019/1/6م. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 127.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن سهل بن سعد الساعدي وابن عباس ووهب بن منبه، الصفحة أو الرقم: 7319 ، صحيح.
- ^ أ ب ت “كسوة الكعبة شرف عبر العصور”، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2019. بتصرّف.
- ↑ “هل يلزم كسوة الكعبة باللون الأسود”، www.fatwa.islamweb.net، 2004/4/29، اطّلع عليه بتاريخ 2019/1/6م.بتصرف.