نبذة مختصرة عن جامع القيروان
المساجد
اهتم المسلمون عامةً ببناء المساجد في المناطق التي يفتحونها، وكانت هذه المساجد تتميز بطابعٍ إسلامي لتدل على هوية الإسلام؛ فشكل الصحن المفتوح كان منتشراً في بلاد الشام والعراق والجزيرة العربية، بينما لم يظهر هذا النمط العمراني في البلاد التركية بسبب برودة الطقس، وتغيّر الظروف المعيشية والظروف السياسية.
ويعد جامع القيروان من أشهر الجوامع التي تمّ بناؤها في العهد الإسلامي.
جامع القيروان
كانت القيروان رابع الحضارات التي أسّسها المسلمون في البلاد المفتوحة، بعد البصرة والكوفة في العراق والفسطاط في مصر، ويعتبر موقعها اختياراً ذكياً من فاتحها عقبة بن نافع؛ حيث تأسست بعيداً عن شاطىء البحر المتوسط باتجاه الصحراء وذلك لتكون بعيدةً عن الهجمات البحرية للجيش البيزنطي.
وقام الفاتح العظيم ببناء الجامع فيها ليكون أول جامعٍ يُبنى في المغرب العربي، وكان ذلك في ٦٧٠م، وقد كان الجامع يعتبر معقلاً لانطلاق المجاهدين لفتح البلاد، ونشْر الأمن والاستقرار في بلاد المغرب بشكلٍ عامٍ، وكان هذا هو دأب المسلمين في الأمصار الجديدة، وقد استغرق بناء المسجد خمسة أعوام بسبب انشغالهم بالفتوحات والجهاد.
كان بناء المسجد الأول عبارةٌ عن ظِلة مسقوفة بالعريش، والأعمدة عبارة عن جذوع النخيل، وكان الهدف من ذلك هو الاقتداء بشكل المسجد النبوي. ولكن في عهد الحكام التاليين لجؤوا إلى تطوير شكل المسجد وإضافة إضافاتٍ عليه مع احتفاظه بالشكل الأولي له، فقام هشام بن عبد الملك ببناء مئذنةٍ جميلة جداً في وسط الحائط الشمالي للمسجد.
قام الحاكم العباسي يزيد بن حاتم بهدم البناء كاملاً باستثناء المئذنة والمحراب عام 348م، وأعاد بناءه مرةً أخرى على الهيئة التي هو عليها الآن، ثمّ أحدث زيادة الله بن الأغلب بعض التغييرات عليه، وقد حاول في البداية هدْم المخراب لأنّه منحرف قليلٌ عن القبلة إلاّ أن فقهاء المالكية أثنوه عن رأيه، فقام بتغطية المِحراب من أمام المصلين بجدارٍ مبنيٍّ بحيث لا يراه من يصلي، وبنى محراباً جديداً بالاتجاه الصحيح للقبلة من الرخام الأبيض المخرم، كما رَفَع سقف الجامع وبنى قبّةً مزخرفة بلوحاتٍ رخامية على أسطوانة المحراب.
أبرز المعالم الجمالية في جامع القيروان
- القبة التي تمّت إقامتها أمام المحراب في البلاطة الوسطى، ثم تقابلها قبة أخرى عند انتهاء البلاطة الوسطى.
- المئذنة عبارةٌ عن برج ضخم في نهاية الصحن الموجود في الجدار المواجه لجدار القبة.
- يعد المحراب من أقدم المحاريب في جوامع بلاد المغرب العربي، كما أنّه يمتاز بتزيينه بأسلوبٍ كرني، مرسوم على خلفيةٍ ذات لونٍ أسود.