الذكاء في علم النفس

الذكاء في علم النفس

يُعتبَر مفهوم الذكاء مفهومٌ قديمٌ ظهر على يد الفيلسوف شيثرون؛ حيث كان يعتمد الفلاسفة على أسلوب الملاحظة في تفسير الذكاء، فسلكوا منهج الاستبطان الذاتيّ من خلال ملاحظة الفيلسوف لنفسه أثناء قيامه بعمليات التفكير أو أي أنشطة عقليّة أخرى وتدوين الآراء والملاحظات، أمّا هذه النظريات والأفكار التي توصّل إليها الفلاسفة بالملاحظة فقط فمن غير الممكن اعتمادها وإقرارها إلّا بإخضاعها لأساليب الدراسة العلميّة والتجريبيّة.[١]

تعريف الذكاء في علم النفس

اختلفت تعريفات علم النفس للذكاء باختلاف الجانب الذي عالجه التعريف، فاختلف العلماء بشكل عام في جوانب تعريفه، فهناك من عرّفه بحسب تكوينه وبنيته، وهناك من عرّفه بحسب وظيفته ومهامه، وهناك أيضاً من عرّفه إجرائياً، أمّا بشكل عام فالذكاء هو عمليةٌ حسيّةٌ حركيّةٌ ذات قدرات متعددة ومستمرة يتمّ تفعيلها وعملها بعد تدعيم العامل والاستعداد الوراثي بالمنبهات والمثيرات الخارجيّة المناسبة، ومن أبرز تعريفات علماء النفس للذكاء بحسب وظيفته ما يأتي:[٢]

  • تيرمان: عرّف تيرمان الذكاء على أنّه القدرة على القيام بعملية التفكير المجرّد.
  • كولفن: الذكاء هو وصول الفرد إلى مرحلة القدرة على عملية التعلّم.
  • شترن: هو القدرة العامة للفرد على التكيّف العقليّ مع المواقف والمشاكل الحياتيّة الجديدة.
  • جورداد: عرّف جوردان الذكاء على أنّه القدرة على توظيف الخبرات السابقة والاستفادة منها في حلّ المشكلات الحاضرة، بالإضافة إلى تنبؤ وتوقع المشكلات المستقبليّة التي من الممكن أن يتعرّض لها الفرد.
  • هارود جاردنز: الذكاء هو مستوى كفاءة الفرد الفكريّة والتي تتشكّل من مجموعة من المهارات التي تمكّن الفرد من استخدامها في حلّ المشكلات واكتساب المعارف الجديدة.[٣]

أمّا تعريفات علم النفس للذكاء بحسب بنائه التكوينيّ ما يأتي:[٢]

  • بينيه: ذكر بينيه الذكاء على أنّه يتكون من أربعة قدرات، وهي: الفهم والابتكار والنقد والقدرة على توجيه عمليات التفكير في جانب معيّن واستمرارية الخوض به.
  • سبيرمان: عرّف سبيرمان الذكاء على أنّه القدرة أو العامل والاستعداد الفطريّ العام الذي يؤثّر في آلية عمل النشاط العقليّ بجميع أشكاله ومواضيعه.
  • ثورندايك: عرّف ثورندايك الذكاء بأنّه مجموع المتوسط الحسابيّ للعديد من القدرات المستقلة عن بعضها؛ حيثُ رفض ثورندايك مبدأ الذكاء العام.
  • سيريل بييرت: هي القدرات الفطريّة المعرفيّة العامة.[٣]

أهم النظريات التي فسرت طبيعة الذكاء

اختلف العلماء في تفسيرهم لمفهوم الذكاء وطبيعته وتكوينه في عدّة نظريات، من أهمها:[٤]

نظرية العاملين سبيرمان

كان رأي سبيرمان في الذكاء أنّه ليس عمليةً محددةً من العمليات العقليّة كالإدراك والتفكير والاستنباط، بل هو عاملٌ عامٌ يؤثر على جميع العمليات والقدرات العقليّة بنسب ومستويات متفاوتة بالاشتراك مع العوامل المؤثرة بشكل خاص، والعامل العام هو الذي يؤثّر على سير العمليات المختلفة كالاستدلال والابتكار والإدراك الحسيّ بنسب مختلفة، وبذلك فإنّ الذكاء هو جوهر وأساس العمل والنشاط العقليّ ليظهر في كافة استجابات الفرد ونشاطاته المختلفة، بالإضافة إلى وجود الاستعدادات النوعيّة الخاصة.

نظرية العوامل المتعدد ثورندايك

يرى ثورندايك أنّ الذّكاء يتكوّن من مجموعة من القدرات أو العوامل المتعددة، فعند قيام الفرد بالعمليّة العقليّة الواحدة يتوجّب عمل القدرات بصورة مشتركة فيما بينها باعتبار وجود روابط تربط كلّ عملية بالأخرى، كما يرى هذا العالم بأنّ العمليات العقليّة هي نتيجةٌ للعمل المعقّد للجهاز العصبيّ الذي يقوم بوظائفه ومهامه بشكل متكامل، ويصنّف ثورندايك الذكاء في ثلاثة أنواع:
  • الذكاء المجرّد: وهو القدرة على معالجة المفاهيم والألفاظ والرموز المجرّدة بكفاءة عالية.
  • الذكاء الاجتماعي: وهو القدرة على التكيّف والتفاعل الاجتماعي بشكل فعّال، وإقامة العديد من العلاقات الاجتماعية بشكل جيّد وناجح.
  • الذكاء الميكانيكي: هو قدرة الفرد على التعامل مع الأشياء والأجسام الماديّة المحسوسة.

نظريات العوامل الطائفية ثيرستون

يرى ثيرستون أنّ الذكاء هو مجموعة من القدرات والمهارات العقليّة الأوليّة منفصلةً عن بعضها البعض بشكل جزئيّ؛ حيثُ إنّ هناك عمليات عقلية معقّدة يظهر بينها عاملٌ مشتركٌ بشكل رئيسي للعمل بشكل متضافر للقيام ببعض المهارات، ويظهر ذلك مثلاً من خلال حاجة الفرد لاستخدام القدرات العددية والقدرة على تكوين التصوّر والبعد البصريّ والقدرة على الاستدلال لفهم الجبر والعمليات الرياضيّة والهندسيّة، كما أنّه عند الحاجة لفهم القصائد فإنّ الفرد يحتاج إلى استعمال عدداً من القدرات بشكل مشترك كالقدرة على فهم المعاني والقدرة على التذكّر والقدرة على الطلاقة اللفظيّة.

نظرية الذكاءات المتعددة غاردينر

يصنّف غاردينر الذكاء إلى ثمانية أنواع، ويضيف على هذه الأنواع خاصيتين مشتركتين توجد بها؛ فالخاصية الأولى هي أنّ جميع هذه الذكاءات غير وراثيّة فقط بل أنّها قد تكون مكتسبةً، أمّا الخاصية الثانية هي أنّ هذه الأنواع قابلة للتعلّم والتدريب، وهذه الأنواع هي:

  • الذكاء اللفظيّ أو اللغوي: هو القدرة على تعلّم اللغات وتوظيف اللغة المنطوقة والمكتوبة في التعبير.
  • الذكاء الرياضيّ أو المنطقيّ: هو القدرة على التحليل المنطقيّ للمشكلات، وإتمام العمليات الحسابيّة المعقّدة، بالإضافة إلى استخدام مهارات التفكير الناقد والتعليل والاستنتاج، والقدرة على التقصّي والبحث العلمي.
  • الذكاء الحركيّ أو الحسيّ: هو القدرة على استخدام القدرات الجسميّة والحركيّة لتحقيق أهداف معيّنة.
  • الذكاء الاجتماعي أو التفاعلي: هو القدرة على فهم دوافع الآخرين والتأثير بهم والعمل معهم.
  • الذكاء الذاتيّ أو الفردي: هو قدرة الفرد على استخدام قدراته وإمكاناته لتطوير ذاته، بالإضافة إلى قدرة الفرد على فهم ذاته وفهم أحاسيسه ومشاعره ودوافعه ومخاوفه.
  • الذكاء الموسيقيّ أو النغميّ: هو القدرة على التعامل مع النغمات الموسيقيّة والقدرة على تقليدها.
  • الذكاء المكانيّ أو التصوريّ: هو القدرة على استخدام المساحات والفراغات المكانيّة.
  • الذكاء الحيويّ أو البيئي: هو القدرة على التفاعل مع البيئة الحيويّة والطبيعية والتعرُّف على الأصناف المختلفة فيها.

فيديو الذكاء العاطفي

شاهد الفيديو لتعرف أكثر عن الذكاء العاطفي :

المراجع

  1. يوسف لطفية (2016)، علم النفس السلوكي، صفحة 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد المنقل (2013)، محاضرات في علم النفس (الطبعة الأولى)، دمشق: جامعة دمشق، صفحة 4-5. بتصرّف.
  3. ^ أ ب يوسف لطيفة (2016)، علم النفس السلوكي، صفحة 3. بتصرّف.
  4. “نظريات الذكاء”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2017. بتصرّف.