أسباب الأمراض النفسية

مفهوم الأمراض النفسية

يتعرّض أغلبُ الناس في الحياة اليوميّة إلى الكثير من الضغوطات والظروف التي قد تؤثّر على سير الحياة بشكلٍ آمن ومُستقر، بالإضافة إلى الأزمات النفسيّة التي تعترض حياة الفرد باختلاف مَراحله العمرية، وهي قد تكون مرحليّةً طارئة تزول بزوال المُؤثر التي أدَّى إلى ظُهورها، وقد تكون دائمةً مُلازمةً لصاحبها في جميع حالاته، فتُسبّب الكثير من المُعاناة والألم للفرد ومحيطه.

المَرض النفسي هو عِبارة عن مَجموعة الاضطرابات والأعراض غير الصحيّة التي تُصيب تفكير الفَرد وتنشأ في نفسه، وبالتالي تتحوّل إلى سلوكيّات تؤثر على قُدراته التكيفيّة مع ذاته ومُحيطه بشكلٍ سلبي، وغالباً ما يتمّ تَشخيص هذا المرض على أُسس منهجيّة ومَعايير مُوحّدة، ليتم بذلك تحديد الإجراءات العلاجية المناسبة.[١]

أسباب الأمراض النفسية

الأسباب التي تُؤدّي إلى ظهور الأمراض النفسية هي عِبارة عن تداخل وتفاعل الظروف الخارجيّة البيئية (المادية، والاجتماعية ) مع الظروف الداخلية (النفسية، والجسمية) بشكلٍ مُعقّد وجارف يقود الفرد إلى الكثير من السلوكيات غير التكيفيّة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وصُنِّفت أسباب الأمراض النفسية إلى الآتي:[٢][٣]

الأسباب المُهيِّئة

هي جُملة من العوامل التي تجعل الفرد مُهيّئاً للإصابة بالمرض النفسي، وقد تكون وراثيةً؛ حيث إنّ قابلية إصابة الأفراد من العائلة العصابية أكبر من قابلية الأفراد بالإصابة في العائلات غير العصابية؛ أي المصابة بالمرض العُصابي، أو قد تكون جملة الاضطرابات النفسية التي تُصاحب المراحل المختلفة التي يمرّ بها الفرد، فالمُراهق يسعى إلى إثبات ذاته وتحديد هويته واصطدامه مع من حوله، وقد يُسبّب له ذلك مرضاً نفسياً أياً كان نوعه، أو الأزمات التي يمر بها كبار السن العاملين عند وصولهم لمرحلة التقاعد، وغيرها من المؤثّرات البيئيّة التي من شأنها أن تُزعزع الأمان النفسي، وتُمهد الطريق لسيطرة المرض النفسي على الفرد.

الأسباب المرسِّبة

هي الأعراض والمؤثّرات التي تؤدِّي إلى تدفق المرض وظهوره بشكل مباشر، أي الظروف التي حرّكت وحفّزت الخبرات الأليمة والاتجاهات السلبية تجاه الفرد لذاته أو مُحيطه، والتي من المُمكن حدوثها نتيجة التنشئة الاجتماعيّة والنفسية غير السليمة في المراحل العمرية الحرجة والنمائية، ومع استدعاء هذه الخبرات نتيجةً لموقف طارئ، أو أزمة اجتماعيّة، أو عمليّة، أو نفسية يتعرض لها الفرد، أو بعض الضغوط النفسيّة التي تتكوّن نتيجة العمل، أو الدراسة، أو التجارة وغيرها، كلّ هذا يجعل من الفرد فريسةً سهلةً للوقوع في شباك الأمراض النفسيّة العُصابية وظُهورها على هيئة أزمات نفسيّة، أو سلوكيّات غير تكيفيّة تؤثّر بشكلٍ رسميّ على صاحبها ومن حوله، كالأزمات الاقتصادية، أو الفشل الدراسي.

الأسباب الحيوية أو الجسمية

هذه الأسباب خلقيّة المنشأ نتيجة تفاعلات التكوينات الجسمية أو الآثار البيولوجية التي تنتج عن اختلال تكويني أو وظيفي أو حتى وراثي، أي وجود المظاهر الجسميّة أو النمائيّة غير السليمة التي من المُمكن أن تكون غير مُكتملةً في مراحل نمو الفرد، أو العيوب الخلقية، والإعاقات الجسميّة بأنواعها، والتعرّض للحوادث والإصابات التي تؤدّي بدورها لظهور العاهات الجسديّة، والحروق، والصمم، أو العمى، وغيرها بالإضافة للأمراض الجلديّة، والأعراض الناتجة عن اضطرابات الغدد الصماء، والكثير من الأمراض العضوية، واضطراب المَظهر والشكل العام للفرد؛ فجميع هذه العوامل تُساعد على تعرّض الفرد للمرض النفسي في حال وجود بيئةٍ اجتماعيّةٍ ومُحيطيّة خصبة.

الأسباب النفسية

هي الأسباب الكامنة في نفس الفرد، فيكون مَصدرها الاتجاهات النفسيّة والسلبية تجاه ذاته ومحيطه، وقد تكون عبارة عن مشاكل في النتشئة السويّة للطفل في مراحل الطفولة النمائية، وعدم إشباع الحاجات الأساسية النفسيّة والاجتماعيّة كالأمان والحب وغيرها، بالإضافة إلى تبلور الخِبرات غير السوية لتُصبح بذلك سمةً من السمات الشخصية غير السليمة للفرد التي تؤثر في سلوكه بشكل واضح، ومن هذه الأسباب الإحباط والصراع الداخلي والمجتمعي، والتعرّض للتوتر، والقلق، والضغط النفسي، والأزمات والتجارب المؤلمة، بالإضافة إلى أن الإصابات السابقة للفرد بالأمراض النفسية وشِفائه منها تجعله أكثر عرضةً للإصابة بها في أوقات لاحقة.

الأسباب البيئية

هي الأسباب الكامِنة في البيئة الاجتماعيّة المُحيطة بالفَرد، واضطرابات التنشئة الأسريّة والمدرسية، وفرض الضغوط والمَطالب الاجتماعية، وما تحويه من التناقضات والمبالغات، وفي حال الفشل في تلبيتها يتعرّض الفرد إلى الإحباط وسوء التوافق والتكيّف الاجتماعي، والكثير من التغيّرات في البيئة الاجتماعيّة التي قد لا يستوعبها الفرد، وقد تُسبّب له فيما بعد صدمةً نفسيّةً نتيجةً لعدم القدرة على مُواكبة هذه التغيرات، بالإضافة للعوامل الثقافيّة التي يَفرضها مُجتمع مُعيّن، وعدم تكافؤ قُدرات الفَرد مع هذه العوامل وصعوبة في التفاعل معها، فتفرِض هذه البيئة المؤثّرات الهدَّامة التي تدفع الفرد للإحباط والشّعور بالتعقيد تجاه هذا المجتمع، وقد يَتَجسّد هذا المجتمع بالبيئة المدرسيّة، أو الأسرية، أو الاجتماعية بشكل عام.

أعراض وعلاج الأمراض النفسية

تُعتبر أعراض الأمراض النفسية هي الوسيلة الأكثر فعالية لفهم المرض وتحديده وتصنيفه وفهم الأسباب الكامنة ورائه، وبالتالي تحديد العلاج المناسب، فالأعراض هي عَلامات وجود المرض أو الاضطراب، وقد تكون هذه الأعراض شديدةً وواضحةً؛ فمن المُمكن أن يلاحظها كل من يُحيط بالمريض، وقد تكون متخفية في نفس المريض وتُسبب له العذاب والآلام النفسية، وهذه تحتاج إلى الأطباء للكشف عنها وتشخيصها بشكل دقيق، كما أنّه من المهم جدّاً الكشف المبكّرعن المرض، ليكون بذلك العلاج أكثر فاعليةً ونجاحاً بالإضافة إلى زيادة الإمكانية في حصر الأعراض ومنعها من التطور.

قد تختلف الأعراض باختلاف نوع المرض النفسي، إلا أنّ الأعراضَ العامّة للأمراض النفسيّة تَكون على هيئةِ الاضطراباتِ في الهَيئة العامِلة للفَرد؛ كاضطراب تعابير الوجه، واختلاف لون البشرة، والحركاتِ اللاإرادية التي تَعكس شدة التوتر النفسي، والاضطرابات الكلامية والإدراكية، والضّعف في التركيز، والقدرات الإدراكيّة، واضطراب الذاكرة، وظهور النسيان والخلل في عمليّة التذكر، والخلل في التعبير عن الانفعالات من حيث شدّتها ومداها، وغيرها الكثير من الأعراض.[٤]

فيديو عن كيفية تشخيص الحالة النفسية

للتعرف على كيفية تشخيص الحالة النفسية شاهد الفيديو.

المراجع

  1. “ما هو المرض النفسي”، مركز الصحة العقلية الأسترالي المتعدد الثقافات، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2017.
  2. حامد زهران، الصحة النفسية والعلاج النفسي، صفحة 107-123.
  3. سعيد رحال، عبد السلام مخلوف، التصورات الاجتماعية لمفهوم المرض النفسي لدى عينة من ذوي الشهادات الجامعية، صفحة 36-46.
  4. سعيد رحال، عبد السلام مخلوف، التصورات الاجتماعية لمفهوم المرض النفسي لدى عينة من ذوي الشهادات الجامعية، صفحة 46-48.