مفهوم التاريخ كعلم

التاريخ

يتعاطى الإنسان مع التاريخ منذ نشأة أول حضارة بشرية، وقد أصبح للتاريخ وجود واقعي وملموس عندما اخترع الإنسان الكتابة وبدأت الحضارات المختلفة في تدوين الأساطير الخاصة بها والعلوم والفنون المختلفة، إلى جانب صناعة الوثائق التي أصبحت لبّ وأساس الدراسات التاريخيّة الحديثة، والتي تعتمد على توصيف الأحداث الماضية وتحليلها بعد الوصول إلى أكثر صيغة محايدة وموضوعيّة لها وفقاً للدلائل المتاحة، والتي يمكن أن تتغير مع كل اكتشاف تاريخي جديد، حيث يطرح المؤرخوّن نظريات معتمدة على العديد من الأدوات البحثيّة الخاصّة بهذا العلم، ومع ذلك فإنّ العديد من فلاسفة العلوم لا يعتبرون التاريخ علماً؛ لأنّه غير قابل للتجربة والتطبيق، ويصفونه بأنّه فنّ من الفنون الإنسانيّة، وهي إحدى المسائل الأساسيّة في فلسفة التاريخ.

تعريف علم التاريخ

يعرف التاريخ على أنّه المنهج أو مجموعة الطرق والوسائل التي يستخدمها الباحث في التاريخ في محاولته للوصول إلى الحقيقيّة التاريخيّة بكافّة تفاصيلها، وذلك بالاهتمام بالسياق التاريخي وتفسيره وتتبع السوابق وتفاصيل الأحداث بطريقة منهجية، ويتطلّب البحث التاريخي إحاطة المؤرّخ بالصورة الكاملة للعصر محلّ البحث، والتمتع بثقافة عالية ورؤية ثاقبة تعينه على تحليل الأحداث وفهم دوافعها الحقيقية والنتائج التي ترتبت عليها، ويفيد علم التاريخ بهذا في عملية التنبؤ بالأحداث المستقبليّة وتلافي الأخطاء التي وقعت في الماضي.

مجال علم التاريخ

يهتم التاريخ كأحد أبرز العلوم الاجتماعيّة بدراسة الماضي الإنساني، مستعيناً بالوثائق التي تركها الإنسان بمختلف أنواعها، سواء المكتوبة على الورق أو المنقوشة على الأحجار، ومع التطوّر أصبحت الوثائق القائمة على التكنولوجيا محلّ دراسة المؤرخين، كالمواد الصوتية والمرئية للزعماء، والمشاهير، واللقاءات المتلفزة، ولا يهتمّ التاريخ بالأحداث السياسيّة فقط، بل يمتدّ ليشمل كافّة مظاهر الحضارة الإنسانية من الأحوال الاجتماعيّة، والمظاهر الثقافيّة، والاقتصاد، وتطوّر الدراسات التاريخيّة الحديثة منذ ظهورها في القرن التاسع عشر إلى اليوم لتشمل التاريخ الاقتصاديّ، والتاريخ الاجتماعي، والتاريخ الثقافيّ للشعوب.

أهمية علم التاريخ

تهتم مختلف الدول والشعوب بتدريس التاريخ كأحد المواد الأساسيّة للطلبة في المراحل التعليميّة المبكّرة، وذلك لمساعدة الأجيال الجديدة على التعرّف على حضارة دولهم والدول المحيطة بهم، وتوسيع آفاقهم لإدراك طبيعة المكان الذي ينتمون إليه، وهو الأمر الذي يعزّز من الحس الوطني والقومي للأجيال الجديدة، كما يساعد الفهم الحقيقي لدروس التاريخ صناع القرارات الاستراتيجيّة على اتخاذ القرارات الصائبة فيما يخصّ الدول والمؤسسات الكبرى، وهو الأمر الهام للغاية للنجاح خاصّة في ظل تحمّل مسؤولية الآخرين، إلى جانب ذلك فإن التاريخ من الأمور التي تجذب العامّة لما فيه من قصص وملاحم وعبر تشجّع على العمل وشحذ الهمم.