من هو فاتح دمشق

فتح دمشق

توجّهت أنظار المسلمين إلى مدينة دمشق لفتحها بعد أن حققوا انتصاراً عظيماً في معركة اليرموك في الأردن، فوجّه أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه جنوده نحوها لفتحها، ويذكر أنّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان قد ولاّه على الجيوش الإسلامية كاملة بدلاً عن خالد بن الوليد رضي الله عنه.

نزلت الجيوش الإسلامية بقيادة أبي عبيدة الجراح في منطقة تعرف بمرج الصفر، وتواردت إليه الأخبار حول قدوم إمدادات للمسلمين من فلسطين، وعلم أنّ الروم احتشدوا في فحل في فلسطين، فقرر المضي قدماً نحو دمشق لفتحها كونها حصن بلاد الشام المنيع، وبالفعل اتجهت الجيوش الإسلامية إلى دمشق وكانت جيوش الروم محتشدة بنحو 80 ألف نسمة، فأرسلوا المياه في المنطقة التي يقيمون فيها حتى أردغت الأرض وسُميت المنطقة نسبة لذلك بالمردغة، وتمكن المسلمون بذلك من فتح الحصن الأول قبل دمشق، وتمكّن بعدها أبو عبيدة بن الجراح وجيوشه شديدة البأس من فتح دمشق.

أبو عبيدة الجراح فاتح دمشق

هو الصحابي القائد المسلم عامر بن عبدلله بن الجراح الفهري القرشي، يُكنى بأبي عبيدة، له مكانة مرموقة في نفوس المسلمين فهو أحد العشرة المبشرين في الجنة، ومن أوائل من أسلموا، ويُعرف بالقوي الأمين وأمير الأمراء، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد لقبّه بأمين الأمة؛ فقال فيه: (إنَّ لكلِّ أمَّةٍ أمينًا، وإنَّ أميننَا، أيَّتُها الأمَّةُ، أبو عبيدةَ بنُ الجرَّاحِ) [صحيح].

نشأة أبي عبيدة الجراح

وُلد أبو عبيدة عام 40هـ، المصادف 584م في مكة المكرمة في تهامة في منطقة شبه الجزيرة العربية، واتصّف في العصر الجاهلية بعدد من المناقب التي ميزته عن أبناء سنّه من قريش بالدهاء والاحترام وصواب الرأي، وكان يعتبر ثاني دواهي قريش بعد أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

إسلام أبي عبيدة الجراح

يُعّد أبو عبيدة رضي الله عنه من السابقين الأولين إلى اعتناق الإسلام؛ حيث أسلم في المراحل الأولى من انطلاق الدعوة الإسلامية، فأعلن إسلامه في اليوم التالي من إسلام أبي بكر الصديق وكان قد أسلم على يد الأخير، وتزامن إسلامه مع كل من عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن مظعون والأرقم بن أبي الأرقم، فشكلوّا بذلك قاعدة رئيسية لإقامة صرح الإسلام العظيم، ويذكر أنّ ذلك كان قبل الهجرة بثلاث عشرة سنة.

شارك أبو عبيدة الجراح في عدة هجرات منها إلى الحبشة ثمّ المدينة المنورة، ويشار إلى أنّه شارك مع الرسول صلى الله عليه وسلم بكل غزواته وخاصة غزوة بدر، وشهد له المسلمين بالثبات في أرض المعركة.

بطولات أبي عبيدة الجراح

أوكل الخليفة أبو بكر الصديق لأربعة قادة شأن فتح بلاد الشام ومن بينهم أمين الأمة، وكان قد وجّه خالد بن الوليد بالمسير من أرض العراق نحو الشام لتولي شأن قيادة المسلمين هناك، وبعد تولّي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة أقدم على عزل بن الوليد من منصبه وتعيين أبي عبيدة مكانه، فحققّ أبو عبيدة إنجازاً عظيماً في فتح دمشق وعدد من مدن الشام وقراها.

وفاة أبي عبيدة الجراح

توفي الصحابي الجليل في السنة الثامنة عشر للهجرة المصادف عام 639م بعد صراع مع مرض طاعون عمواس في غور الأردن، ووارى جثمانه الطاهر ثرى هذه المنطقة، وكان حينها عمره يناهز الثمانية وخمسين عاماً فقط.