حرب المئة عام
حرب المئة عام
تعرف حرب المئة عام بأنّها أطول حرب في التاريخ منذ عهد وليام الفاتح، وهي مصطلح أطلق على سلسلة الصراعات التي نشبت بين فرنسا وإنجلترا، وقد استمرّت مدّة 116 سنة من عام 1337 إلى عام 1453، حيث ادعى بلانتاجانت وهم ملوك الإنجليز والأسرة الحاكمة في المملكة المتحدة أحقية ملكيتهم للعرش الفرنسي والإنجليزي على حدٍّ سواء، بالرغم من ادّعاء عائلة فالو أحقية ملكها لعرش فرنسا فقط، الأمر الذي أدّى إلى الصراع مع فالو حكام المملكة الفرنسية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه الصراعات استمرّت لخمسة أجيال من الملوك والسلالات المتنافسة، وذلك من أجل الوصل إلى عرش المملكة الأكبر في أوروبا الغربية، علماً أنّ هذه الحرب قوطعت بفترات عديدة من السلام قبل أن تنتهي، ويطرَد الإنجليز من فرنسا باستثناء منطقة كاليه.
أسباب حرب المئة عام
- سبب سياسي مرتبط برغبة إنجلترا في التخلص من تبعية فرنسا.
- سبب اقتصادي يعود لكون إنجلترا كانت تعتمد في جزء من اقتصادها على إمارة الفلاندر، حيث كانت هذه الإمارة تصدّر إليها صوف الغنم الإنجليزي، ذا السوق الرائج إلى جانب النبيذ والعنب، ولا بدّ من الإشارة إلى أن كونتيه الفلاندر كانت تابعة لملك فرنسا، وكانت في ذات الوقت شبه مستقلة، إلا أنّ ملك فرنسا كان يتدخل في أمورها الداخلية كثيراً، كما كان يحتل بعض مدنها، الأمر الذي دفع الكونت أمير الفلاندر إلى أن يشتكي ملك إنجلترا، فما كان من ملك فرنسا إلا أن قام باحتلالها، ليصبح بذلك ملك إنجلترا في مأزق نتيجة اضطراب الباب الاقتصادي الذي كان مفتوحاً للاقتصاد الإنجليزي.
- سبب يتعلق بشخصية ملك فرنسا، إذ إنه كان ضعيفاً ومسرفاً في نفقاته، ومحباً للحفلات الصاخبة والبذخ، ولم يحكم البلاد بنفسه، وإنّما أوكل أمرها إلى حاشيته وخاصته، حتى تكالب على مجالسه المنتفعين وأصحاب المصالح، الأمر الذي أدّى إلى إفلاسه، حتى أنّه استدان من الضباط والموظفين، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّه لم يؤسس جيشاً نظامياً، بل اكتفى بجيش مرهون بموافقة السادة الإقطاعيين، الأمر الذي قوّى من عزيمة ملك إنجلترا لغزوه.
- سبب يتعلق بشخصية ملك إنجلترا إدوارد الثالث الذي كان يتمتع بقوة عملية وواقعية، إذ إنّه كان يخطط لأهدافه، ويصرّ عليها، وقد أنجح علاقاته مع الإقطاعيين، وأحكم سيطرته على شعبه، وسعى في اقتصاد بلده، كما أسّس جيشاً قوياً ونظامياً ومدرّباً، وغيرها من أسباب القوّة.
تفاصيل حرب المئة عام
ضمّ نورماندي وإنجلترا
قام وليام الفاتح ملك إنجلترا بعد فوزه في معركة هاستينغز بتوحيد إنجلترا مع نورماندي في فرنسا، حيث حكمهما، واعتبر ملكاً لهما، ثم في عام 1327م أصبحت الأراضي المملوكة لإنجلترا في فرنسا تحت حكم هنري الثاني، إلا أنّ الأرض التي يملكها كانت كبيرةً ويصعب السيطرة عليها، لذلك سيطرت إنجلترا على منطقتين من فرنسا فقط، هما: جاسكوني في الجنوب، وبونتيو في الشمال.
معركة إدوارد وفيليب على عرش فرنسا
توفي ملك فرنسا تشارلز الرابع عام 1328م، ولم يكن لديه أبناء ليتولوا الحكم من بعده، كما أنّ أشقاءه قتلوا، ولم تكن له سوى شقيقة تعرف بإيزابيلا، وهي والدة إدوارد الثالث، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّه في عام 1316 تم إصدار قرار يحرم النساء من العرش الفرنسي، الأمر الذي منع إيزابيلا من المطالبة بعرش فرنسا لنفسها، وادّعت أنّه لابنها، إلا أنّ الفرنسيين رفضوا المطالبة به، الأمر الذي دفعهم إلى جعل ابن عم تشارلز فيليب ملكاً على فرنسا، وقد أثار ذلك غضب إدوارد إلا أنّه لم يكن بمقدروه فعل شيء حتى أواخر عام 1320م، الأمر الذي دفعه للاستعداد لقتال تشارلز في عام 1337م، لاعتقاده أنّ مُلْك فرنسا من حقه.
حكم إدوارد الثالث
حقق إدوارد الثالث الكثير من الانتصارات على الإنجليز، إلا أنه لم يجن موارد كبيرة من الحكم الملكي الفرنسي الأمر الذي وقف حائلاً دون تمكنه من الفتح الكامل، علماً أنه أنشأ جيشاً للقتال في الخارج، وقد منح هذا الجيش المجال لنهب الكنوز مما زاد من غنى إنجلترا، لكن الجيش كان يمتنع عن القتال وقت الحصاد خوفاً على زراعتهم، الأمر الذي أضعفهم.
انتصارات الجيش الإنجليزي
كان ملوك فرنسا هم من يملكون الموارد العسكرية والمالية للدولة من الناحية النظرية، كما وكانوا المسيطرون على المملكة الإنجليزية الصغيرة والأكثر كثافةً، إلا أنه من الناحية الفعلية كان الجيش الإنجليزي ناجحاً في حملاته المنضبطة، وفي انتصاراته على القوات الفرنسية، كما وسيطر على العديد من الأراضي الفرنسية، ولا بد من الإشارة إلى أن ابنة شارل الخامس تمكنت عام 1380 وبمساعدة القائد برتراند دي غاسكلين من إعادة احتلال معظم الأراضي المتنازل عنها.
هنري الخامس وتجديد الحرب
جدد هنري الخامس الحرب بعد توقفها، وأثبت انتصاره عام 1415، ثم غزا نورماندي ما بين عامي 1417م و1418م، الأمر الذي مكّنه من إثبات نفسه، ممّا دفع الفرنسيين لتتويجه ملكاً مستقبلياً لفرنسا بموجب معاهدة تروا عام 1420، ولا بدّ من الإشارة إلى أنه لم ينجح في الجانب السياسي كما نجح في الجانب العسكري، بالرغم من أنّه كان متحالفاً مع الدوقات من بورجوندي.
حكم شارل السابع
استطاع جان دارك عام 1429م رفع الحصار عن أورليانز، ثم حرّر باريس في الفترة الممتدة بين 1436 إلى 1441، وبعدها استطاع شارل السابع أن يصلح الجيش الفرنسي وأن يعيد تنظيمه في الفترة الممتدة بين 1445م و 1448م، حيث تمكن عام 1450م من استعادة دوقية نورماندي في معركة Battle of Formigny، ليستولي بعدها على مناطق غوين في معركة “كاستيون” عام 1453م، ولا بد من الإشارة إلى أنه توفي وهو غير معترف باللغة الإنجليزية، مع الأخذ بالاعتبار أن الأراضي الإنجليزية كانت واسعة النطاق في فرنسا، إلا أنها ظلت محصورةً في ميناء قناة كاليه، وقد خسرتها فرنسا عام 1558، ثم استأنفت مكانتها كدولة مهيمنة في أوروبا الغربية.