ما هي حضارة المايا

الحضارة

تعرف الحضارة بأنّها تلك الإنجازات الماديّة الملموسة الّتي يتم إنتاجها في مجتمع معيّنٍ خلال فترة محددة من الزّمن، وهذه الإنجازات تكون في مختلف مظاهر الحياة سواء أكانت مظاهر اجتماعيّة أو سياسيّة أو فنّية أو دينيّة أو حتّى عمرانيّة، وتظهر من خلال تفاعل المجتمع مع المجتمعات الأخرى حوله. وقد توالى ظهور الحضارات الإنسانيّة منذ العصور القديمة في مختلف أنحاء العالم، وفي مقالنا هذا سوف نتحدّث عن إحدى هذه الحضارات وهي حضارة المايا.[١]

حضارة المايا

امتدّت حضارة المايا إلى معظم أنحاء أمريكا الوسطى، وقد وُجدت مجموعة من القرى المكتظة بالسّكان في جميع أنحاء المناطق الّتي سكنت فيها حضارة المايا، وعلى الرّغم من هذا الامتداد الواسع لحضارة المايا إلا أنّها كانت تتألّف من دول صغيرة؛ لكل دولة حاكمها الخاص، وقد وصلت حضارة المايا إلى أوجها وازدهارها في الفترة الّتي أطلق عليها العلماء الفترة الكلاسيكيّة، وهذا بحسب ما ذكره أحد الباحثين في جامعة ييل وهو مايكل كو. وتعتبر حضارة المايا من الحضارات القويّة التي كان لها قدر من السيطرة في العالم القديم، فقد دامت هذه الحضارة مدّة ثلاث آلاف سنة تقريباً، وقد تركت للبشريّة العديد من الشّواهد الّتي بقيت حتّى يومنا هذا كالهرم المدرّج، وكذلك أطلال تولوم.[٢][٣]

يتكوّن شعب المايا من مزارعين، وتجّار، وقساوسة، ونبلاء، إضافة إلى العبيد، وقد كانت السلطة الدينيّة والسياسيّة تحكم وتدير شؤون هذا المجتمع. ولشعب المايا على اختلاف طبقاته طقوس دينيّة تتمثّل في تقديم القرابين للآلهة، وكان يجب أن تكون تلك القرابين بشريّة من الشّباب والأطفال، وكانت هذه الطقوس في حضارة المايا – على الرّغم من قسوتها – شيئاً طبيعياً، إذ لم تظهر أي ثورة ضدّ هذه الطّقوس.[٣]

إنجازات حضارة المايا

كان لحضارة المايا إنجازات كما الحضارات الأخرى في مختلف المجالات، إلا أنّها تميّزت عن غيرها من الحضارات في مجالات معينة أبدعت فيها، وتركت شواهد تدل عليها، ومن أهم هذه المجالات:[٢][٤][٣]

  • الفلك والتّقويم: اعتبرت الرّوزنامة إحدى الجوانب الثّقافية لحضارة المايا، وكانت هذه الرّوزنامة تضم ثمانية عشر شهراً، في كل شهرعشرون يوماً عدا الشّهر المقدس ( واييب ) وهو شهر من خمسة أيام، وقد اعتُمدت هذه الرّوزنامة في 3114 قبل الميلاد، وشمل نظام تقويم شعب المايا ( الرّوزنامة ) نظاماً يسمى نظام العد الطويل الذي يتتبع الوقت عن طريق وحدات مختلفة يتراوح طولها من يوم واحد إلى ملايين السّنين، أمّا في مجال الفلك فقد كان شعب المايا على علم بالتّواريخ والأيّام بشكلٍ دقيقٍ، كما أنّهم كانوا على علمٍ بتحركات النّجوم، وكذلك ظاهرتي الخسوف والكسوف.
  • الزّراعة: إنّ شعب المايا هو أول الشّعوب التي قامت بزراعة الذّرة وذلك قبل ثلاثة آلاف سنة تقريباً، وقد كانت الذّرة المكون الأساسي لأطباقهم، كما أن شعب المايا هو أول شعب يزرع الكاكاو ويستهلكه، وقد زرع شعب المايا الفانيلا والفول أيضاً، واهتموا بتربية النّحل إذ إنّ العسل كان من أهم المشروبات لديهم فقد صنعوا منه مشروباتهم الرّوحيّة، ويرى البعض أنّ شعب المايا هو صاحب فكرة مضغ ما يعرف بالتشكيلة، الّتي تُؤخذ من صمغ الأشجار الموجودة في أمريكا الوسطى والمكسيك.
  • العمارة: إن لشعب المايا شواهداً كثيرةً وعظيمة تدل على تطورهم في مجال العمارة، فقد تَميّز شعب المايا ببناء المسّلات والأهرامات الضّخمة، ومن أهم المواقع الأثريّة التي بقيت شاهدة على حضارة المايا: كوبان في هندوراس، وتيكال في غواتيمالا، وتازومال في السلفادور. وأمّا أهم المعابد الباقية والشّاهدة على حضارة المايا فمنها معبد كوكولكان؛ وهو المعبد الّذي يوجد على كل جانب من جوانبه إحدى وتسعين درجةً تصل إلى أعلى الهرم، ومجموع قاعدة هذا الهرم مع الدّرجات الأربعة 365 درجة، وهذا عدد يتطابق تماماً مع عدد الأيام في السّنة، وتعتبر مدينة بالينكي في المكسيك هي قمّة إبداع شعوب المايا في مجال العمارة، كما أنّها من أكبر المواقع الأثريّة لهذه الحضارة العظيمة.
  • الأدب واللغة: كان لشعوب المايا أكثر من لغةٍ يتحدثون بها، وقد بلغ عددها ستٌ وثلاثون لغةً. ولشعوب المايا كتابات أسطوريّة كثيرة ومتنوعة؛ هذه الكتابات تشكل جزءاً أساسيّاً من ثقافتهم، ومن هذه الكتابات كتاب بوبول فوه ( كتاب المايا المقدس ) وفيه ذُكرت بدايات الكون وكان محور هذا الكتاب هو شعب كويتشي، إلا أنّ الكثير من مخطوطات حضارة المايا قد ضاع بسبب قيام الغزاة الإسبان بإحراقها.
  • الرياضيّات: حضارة المايا كانت على علم بالرّقم صفر في الوقت الّذي كانت تفتقر إلى ذلك الحضارات الأخرى، إضافة إلى معرفتهم بالعمليّات الحسابيّة كالضّرب والقسمة وكذلك الجمع.

اندثار حضارة المايا

لم تكن الحروب والمجاعات هي السّبب الوحيد في اندثار حضارة المايا، بل إن تبدّل المناخ كان عاملاّ مهماّ في ذلك، حيث تَغيّر المناخ من مناخٍ رطب لفتراتٍ طويلةٍ إلى مناخ جافٍ، وهذا التّغير كان نتيجة لتغيّر طبيعيٍ كبير، وليس – كما في عصرنا الحالي – بسب تأثير الإنسان على البيئة المحيطة به. إنّ الفترة التي ازدهرت فيها حضارة المايا هي فترة توسّعٍ زراعيٍّ وزيادة في عدد السّكان نتيجة للمناخ الجيّد والرّطب، وقد تحدّث أحد الباحثين في حضارة المايا ( كينيت ) أنّ ملوك حضارة المايا كانوا يُرجعون الفضل لأنفسهم في الرّخاء وكذلك هطول الأمطار، وكان انهيار حكم هؤلاء الملوك بسبب حلول الجفاف لفترات ممتدة طويلة، أُجبر على إثرها شعب المايا على النّزوح هروباً من الجفاف والحروب.[٥]

المراجع

  1. “الحضارة”، www.onefd.edu.dz، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب Owen Jarus (22-8-2017), “The Maya: History, Culture & Religion”، www.livescience.com, Retrieved 11-2-2018. Edited.
  3. ^ أ ب ت افراح ملاعلي (5-5-2015)، “حضارة المايا.. معلومات تسمعها لأول مرة”، arabic.cnn.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2018. بتصرّف.
  4. “ثقافة المايا شواهد صامته وارث غني”، www.aljazeera.net، 21-2-2012، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2018. بتصرّف.
  5. “علاقة تغير المناخ باندثار حضارة المايا”، www.aljazeera.net، 9-11-2012، اطّلع عليه بتاريخ 12-2-2018. بتصرّف.