ما المقصود بالموقع الجغرافي

الموقع

حاول الإنسان منذ قديم الزمان معرفة العالم الذي يحيط به، فقد كان المصريّون القدماء يعلمون كيفيّة تحديد عدد أيّام السنة، كما كانوا على عِلم بكيفيّة قياس المساحات، أمّا الفينيقيّون فقد طوّروا مهاراتهم في الملاحة، إلّا أنّ أوّل من قدّم للعالَم معلومات جغرافيّة بشكل مُفصَّل هم الإغريق الذين يُعتبَرون مُؤسِّسي عِلم الجغرافيا، ويُعتبَر هوميروس أوّل جغرافيّ إغريقيّ؛ حيث تضمَّنت ملحمته (الأوديسة) وَصْفاً جغرافيّاً لبعض الأماكن في إقليم البحر المُتوسِّط، ومن الإغريق الذين تميَّزوا في وَصْف الأرض أيضاً هيكتاتيوس الذي وَصَف الأرض في كتابه (وَصْف الأرض)،[١] ويُعتبَر الموقع من المفاهيم الجغرافيّة المُهمّة إن لم يكن أهمّها، والجغرافيا تعني عِلم الموقع، والعلاقة بين المواقع المُختلفة، والاختلافات المكانيّة بينها، ومع نهاية القرن الثامن عشر الميلاديّ، بدأ استخدام الموقع كمفهوم.[٢]

الموقع الجغرافيّ

الموقع الجغرافيّ الفلكيّ

من أهمّ العوامل الطبيعيّة التي لها تأثير في تحديد أيّ منطقة في العالم هو الموقع الجغرافي، وهو يُسمَّى في بعض الأحيان بالموقع الثابت، أو الفلكيّ أو المُطلَق، ويعني الموقع الجغرافيّ: المكان بالنسبة لخطوط الطول، ودوائر العرض؛ فإذا أردنا معرفة الموقع الجغرافيّ للوطن العربي، فإنّنا نجد أنّه يقع بين خطَّي الطول (16 غرباً، و60 شرقاً)، وبين دائرتَي العرض (2 جنوباً و38 شمالاً)،[٣] وخطوط الطول ودوائر العرض تساعدنا على معرفة موقع المنطقة بشكلٍ دقيق،[٤] كما يُعتبَر الموقع الجغرافيّ مُهمّاً بشكل كبير؛ وذلك من أجل تحديد المراكز المدنيّة والعمرانيّة على الأرض، وتأثيره في ارتفاع نسبة السكّان في المُدُن، وعمليّة التمدُّن، والإنتاج الزراعيّ ونوعيّته في الأقاليم المُختلفة، كما يُؤثِّر في نشوء المُدُن، والحضارات؛ حيث نرى أنّ غالبيّة الحضارات والمُدُن المُتطوِّرة قد تمركزَت في الجزء الشماليّ من الكرة الأرضيّة، أمّا الجزء الجنوبيّ فلا نجد فيه أيّة دُوَل، أو حضارات مُتقدِّمة أو كبيرة.[٢]

الموقع الجغرافي الاقتصادي-البشري

يُعتبَر مفهوم الموقع الجغرافيّ الاقتصاديّ- البشريّ من المفاهيم الجغرافيّة الاقتصاديّة المُهمّة، وقد ظهر هذا المفهوم من قِبَل الجغرافيّ الروسيّ بارانسكي عام 1929م، على الرّغم من أنّ أوّل من استخدمَ مفهوم الموقع الجغرافيّ الاقتصاديّ هو الفرنسيّ إلكين، وقد ذكر بارانسكي أنّ الموقع الجغرافيّ الاقتصاديّ هو العلاقة المكانيّة فيما بين منطقة ومجموعة من العناصر الاقتصاديّة الواقعة خارج هذه المنطقة والتي تُحيط بها.[٢]

الموقع الجغرافي الطبيعي

الموقع الجغرافيّ الطبيعي هو موقع المكان من الناحية الجغرافيّة الطبيعيّة، كالتضاريس؛ حيث إنّ هنالك مجموعة من العوامل الطبيعيّة التي تُؤثِّر في الموقع الجغرافيّ الطبيعيّ، كأشكال سَطح الأرض من جبال، وسهول، وهضاب، والمُسطَّحات المائيّة، كالبحيرات، والمحيطات، والبحار، بالإضافة إلى التربة، والتركيب الجيولوجيّ للأرض، والمناخ، والنباتات الطبيعيّة، مثل: الغابات، والنباتات الصحراويّة، والحشائش.[٢]

خطوط الطول ودوائر العرض

لدى الحديث عن الموقع الجغرافيّ، لا بُدَّ لنا من التحدُّث عن خطوط الطول ودوائر العرض، حيث تُرسَم دوائر العرض على شكل دوائر مُتوازية مع خطّ الاستواء حول الكرة الأرضيّة، وتَصغُر هذه الدوائر بشكلٍ تدريجيّ حتى تصبح نقطة عند كلٍّ من القطبَين: الشماليّ، والجنوبيّ، علماً بأنّ هنالك مجموعة من خطوط العرض الرئيسيّة، وهي:[٥]

  • خط الاستواء: يُعَدّ من أكبر دوائر العرض، وعليه تسقط أشعة الشمس مرّتين في السنة، وبشكل عموديّ.
  • المداران: أحدهما شماليّ يُعرَف بمدار السرطان، ويقع على درجة 23,5 شمالاً، والآخر جنوبيّ يُعرَف بمدار الجدي، ويقع على درجة 23,5 جنوباً، ويتعامدان مرّة في السنة مع أشعّة الشمس.
  • الدائرتان القُطبيّتان: تبعد هاتان الدائرتان 66,5 درجة عن خطّ الاستواء، وتكون إحداهما في الشمال، والأخرى في الجنوب.
  • القُطبان: هما نقطتان تقعان في شمال وجنوب الأرض، أي عند المِحورَين: الجنوبيّ، والشماليّ للأرض، ودرجة كلّ نقطة منهما 90 درجة شمالاً، وجنوباً.

أمّا بالنسبة إلى خطوط الطول، فإنّها تَصل بين القُطبَين: الشماليّ، والجنوبيّ، وتقطع هذه الخطوط خطّ الاستواء بشكلٍ عموديّ، ومن الجدير بالذِّكر أنّ لخطوط الطول ودوائر العرض العديد من المزايا، منها: تعيين المواقع على الكرة الأرضيّة بشكلٍ دقيق، ورَسْم الخرائط، وضَبْطها، وتعيين الاتّجاهات التي يحتاجها الطيّارون، والبحّارة، والمسافرون، والتعرُّف إلى الزمن في الدُّوَل المُختلفة، إضافة إلى معرفة موقع المنطقة بالنّسبة إلى خطّ غرينتش.[٥]

الموقع الجغرافي للوطن العربي

كما ذكرنا سابقاً فإنّ الوطن العربي يقع بين خطَّي الطول 16غرباً، و60 شرقاً، وبين دائرتي العرض 2 جنوباً و 38 درجة شمالاً، وهذا الموقع يشير إلى أنّ أربعة أخماس الوطن العربيّ تقع في الجزء الشرقيّ من الكرة الأرضيّة، أمّا الخُمس المُتبقِّي فيقع في الجزء الغربيّ منها، وقد ساعد موقع الوطن العربيّ على انفتاحه على العالَم من حوله؛ فساهم في زيادة نسبة الاستثمار، والتبادُل الاقتصاديّ، بالإضافة إلى التركيز على الموارد الطبيعيّة للوطن العربيّ، واستغلالها بشكلٍ جيِّد.[٣]

يتميّز الوطن العربي بعدّة خصائص جعلت منه موقعاً مُهمّاً، وهذه الخصائص هي:[٦]

  • يَتوسَّط الوطن العربيّ العالَمَ؛ حيث يقع بين ثلاث قارّات، هي: قارّة أفريقيا، وقارّة أوروبا، وقارّة آسيا.
  • يسيطرُ الوطن العربيّ على ثلاثة أحواض مائيّة: البحر الأحمر، والخليج العربيّ، والبحر الأبيض المُتوسِّط.
  • يُسيطر الوطن العربيّ على مضائق مُهمّة، كمضيق جبل طارق الواصل بين المحيط الأطلسيّ والبحر الأبيض المُتوسِّط، ومضيق هُرمز الواصل بين الخليج العربيّ وبحر العرب، ومضيق باب المندب الواصل بين البحر الأحمر والمحيط الهنديّ.
  • يَتميّز موقع الوطن العربي بتنوُّع مناخه؛ حيث يكون المناخ مُعتدِلاً، أو بارداً في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى يكون الجوّ حارّاً.
  • يَتميّز موقع الوطن العربي بالحضارات المُختلفة التي نشأت على أرضه؛ حيث يُعتبَر الوطن العربيّ نقطة انطلاق هذه الحضارات نحو العالَم، كما أنّه يُعَدّ أرض الديانات السماويّة الثلاث؛ حيث نزلت فيه، وانتشرَت عَبره إلى جميع أنحاء العالَم.
  • يَتّصف موقع الوطن العربيّ بأهميّة كبيرة؛ نظراً لوجود النِّفط فيه، ممّا أدّى إلى احتلاله أهميّة استراتيجيّة في حالات السِّلْم والحرب بين الدُّوَل.

المراجع

  1. جهاد قربة، “التطور التاريخي للفكر الجغرافي وبعض المفاهيم الخاصة”، uqu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ممدوح الدبس (2014)، “مفهوم الموقع الجغرافي الاقتصادي- البشري”، مجلة جامعة دمشق، العدد الأول والثاني، المجلد 30، صفحة 741-745. بتصرّف.
  3. ^ أ ب كفاية الياسري (13-11-2014)، “الموقع الجغرافي للوطن العربي”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2018. بتصرّف.
  4. “location”, www.nationalgeographic.org, Retrieved 26-6-2018. Edited.
  5. ^ أ ب سعد الخرسان (12-12-2012)، “دوائر العرض وخطوط الطول”، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 26-6-2018. بتصرّف.
  6. يحيى نبهان، أطلس الوطن العربي، عمان – الأردن: المنهل، صفحة 10-11. بتصرّف.