مفهوم الخرائط

علم الخرائط

علم الخرائط علم ثابت الأركان قائم بذاته يطلق عليه اسم (الكارطوغرافيا). يُعتبر علم الخرائط علماً قديماً، فبداية نشوئه كانت مع بداية وجود الإنسان، وقد ارتبط به ارتباطاً وثيقاً، وتدلُّ الأبحاث على أنّ الإنسان قد مارس رسم الخرائط بالفِطرة، حتى قبل معرفته بالكتابة، وهذا ما عُثر عليه في رسومات الإنسان القديم التي مازالت محفوظة في المغارات والجبال والكهوف.

رسم الإنسان البيئة المحيطة به كالأنهار، والبحار، والجبال، والتلال برموزٍ وأشكال بدائية، في حين تطوّرت هذه الرسومات بعد أن عرف الكتابة، ولإدراكه بأهميّتها كونها توضّح جغرافيّة المكان، بات يرسم معالمها على الألواح الطينيّة والخشبيّة، وعلى جلود الحيوانات التي يصطادها، وعلى ورق نبات البُردى.

أول الحضارات التي استعملت الخرائط وطورتها بالاعتماد على الجهات الأربع والقياس، كانت حضارة بلاد ما بين النهرين، وحضارة وادي النيل، والصينيين، والإغريق.

دوافع الاهتمام بعلم الخرائط

هناك عدة دوافع ساهمت بازدهار علم الخرائط، وأهمها:

  • براعة العرب في مختلف العلوم وعلى رأسها الرياضيات والجغرافيا والفلك، بتشجيع ودعم من الخلفاء، والاهتمام بترجمة كتب الإغريق وغيرهم.
  • ضرورة تحديد أوقات الصلوات الخمس وتحديد التقويم الهجري وبدء صوم شهر رمضان.
  • توسع دائرة الفتوحات، وضم العديد من البقاع إلى حضن الخلافة برّاً وبحراً.
  • فرض نظام الخلافة الجديد الجزية والخراج والضرائب، فأصبح من الضرورة إحصاء عدد السكّان ومناطق وجودهم وتوزيعهم ضمن ولايات، الأمر الذي أدّى إلى فتح طرق جديدة لتحديد المسافات التي تُقطع أو تَفصل بين المناطق.
  • زيادة نشاط حركة الحجاج من مختلف دول العالم وسفرهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنوّرة.

مفهوم الخارطة

إنّ تحديد مفهوم الخارطة يضع الباحث أمام تعاريف عديدة، سواء كان هذا التعريف يتعلّق بالخارطة الجغرافيّة أو العامة، ومن بين تلك التعريفات تعريف (إف جولي) لهذا المفهوم، حيث ذكر أنّ الخريطة هي عبارة عن تمثيلٍ هندسي مستوٍ ومبسط، بموجب علاقة مبنيّة على القياس.

أمّا بي جرجس فقد ذكر أنّ الخريطة هي عبارة عن أداة تعبيريّة ولغة رمزيّة، وحصيلة لكافة ما تمّ إدماجه في صورةٍ شموليّة للمجال. أحمد جودت سعادة عرّف هذا المفهوم قائلاً بأنّ الخريطة هي عبارة عن رسم تخطيطي يمثل سطح الأرض بشكلٍ عام أو جزء منها، حيث يتمّ فيها توضيح الحجم النسبي وموقع الجزء، بناءً على استخدام مقياس رسم معيّن للتصغير، إضافةً لاعتماد مسقط خريطة محدّد من بين المساقط المعروفة، الأمر الذي يسهم في توضيح الأنشطة البشريّة والظواهر الطبيعيّة المتعددة لتك المنطقة.

مواصفات الخرائط الجديدة

  • يجب أن تتميّز بجودة الرسم ودقة المعلومات وصحتها.
  • أن تكون واضحة المعالم، بسيطة في الشكل والتفاصيل، لا تعج بالدلالات.
  • أن تستخدم فيها الرموز المتّفق عليها.

أوّل خريطة عربيّة

تعود أوّل خريطة عربيّة تم تصويرها لبلاد ما وراء النهرين، وقد كانت للمناطق التي قام الفاتح والقائد البارز قتيبة بن مسلم الباهلي بحصارها، وقد تمّ صنعها بناءً على طلبٍ من الحجاج بن يوسف الثقفي، ومن بعدها توالى رسم الخرائط وتحديد المواقع الجغرافيّة بحساب درجات العرض والطول كخرائط الخوارزمي. هناك أيضاً الخريطة المأمونيّة نسبةً إلى المأمون وقد رسمها كادر كبير من العلماء والحكماء في أيامه، وهي أول صورة للعالم بكامله.

لوحظ أنّ الخرائط العربية كانت تحدَّد فيها الجهات الأربع بشكل معاكس، فجهة الشمال كانت في أسفل الخريطة، بينما الجنوب في أعلاها، وجهة الشرق إلى يمينها، بينما الغرب فإلى اليسار منها.