الأساليب البلاغية في اللغة العربية
علم البلاغة
يُعرفُ علم البلاغة لغةً بأنّه مصدرٌ مُشتقٌّ من الجذر الثلاثيّ (بلغ)، ومعناه الفصاحة في القول والكلام أثناء الحديث أو الكتابة،[١] أما اصطلاحاً فيعرفُ علم البلاغة بأنّه استخدامُ أسلوب الوصف للتّعبير عن الكلمات؛ أيّ أن تكونَ الجُمل اللغويّة مُتناسقةً ومُتوافقة وبعيدة عن التّنافر أو الاختلاف الذي قد يُؤدّي إلى غيابِ المعنى. ومن التّعريفات الأُخرى لعلم البلاغة أنّه أحد علوم اللّغة العربيّة المُهمّة، والذي يعملُ على إيصالِ الأفكار والمعاني بأفضلِ الطُّرق، مع الحرص على إضافةِ الجماليّات اللغويّة عليها؛ ممّا يُساهمُ في زيادة تأثيرها على القارئ أو المُستمِع.[٢]
لمعرفة المزيد عن علم البلاغة يرجى قراءة المقال الآتي: ما هو علم البلاغة.
الأساليب البلاغيّة في اللغة العربيّة
يُقسمُ علمُ البلاغة في اللّغةِ العربيّة إلى ثلاثةِ أنواعٍ من العلوم، أو الأساليب البلاغيّة؛ وهي: علم المعانيّ، وعلم البيان، وعلم البديع، والآتي شرحٌ عن هذه الأساليب:
علم المعاني
علم المعاني هو العلم الذي يختصّ بالمعاني والتّراكيب، ويدلّ على الاستخدام المناسب للكلمات؛ ليعبّر عن الموقف بأفضل صورة مُمكنة، ولا يَنْظر هذا العلم إلى التّراكيب المُفرَدة أو الجُملِ الجُزئيّة فقط، بل يهتمُّ بدراسةِ النّصِ كاملاً؛ لأنّ التّعبير اللفظيّ يَتَحدّثُ عن حدثٍ مُعيّن؛ فإذا عرف القارئ معاني الكلمات عندها يتمكّنُ من معرفةِ أحوال الألفاظ، والتي تتطابقُ مع صور الكلام المُختلفة، وتساعدُ على معرفة معانيها بطريقةٍ واضحة، ويقسمُ علم المعانيّ إلى مجموعةٍ من الفروع، ومن أهمّها الخبر والإنشاء؛ إذ إنّ الكلام في اللّغة العربيّة إمّا أن يكونَ خبراً، أو إنشاءً، والآتي معلوماتٌ عنهما:[٢]
- الخبر: هو ما يتمُّ فيه الكلامُ عن جملةٍ ما، ولا يقصدُ به الإشارة إلى مُصطلحِ خبر المُبتدأ، فأغلب الكلمات في اللّغةِ العربيّة تحملُ أخباراً معها، ويستخدمُ أيضاً الخبر لنقلِ الكلام، والذي يدلُّ على صدقِ أو كذب النّاقل أو المُتكلم.
- الإنشاء: هو الكلامُ الذي يحمل فكرةً واحدة مع تنوّعِ المعانيّ الخاصّة بكلماته، ولا يصحُّ وصف قائله بالصّدق أو الكذب؛ لأنّه يعتمدُ على إنشاء الكلمات بالاعتمادِ على قولِ المتكلم.
علم البيان
علم البيان هو العلم اللغويّ البلاغيّ الذي يبحثُ عن إيصالِ المعنى الواحد، أو الفكرة بأكثرِ من أسلوب، وأيضاً يُعرفُ علم البيان بأنّه أسلوبٌ لتوضيح دلالةِ الكلمات من خلال فهم معانيها في سياق النّص، ويُقسمُ علم البيان إلى أربعة أقسام، وهي:[٣]
هو إنشاء علاقة تَشابهٍ بين أمرين لِوجود صفاتٍ مُشتركة بينهما؛ أيّ مُشاركةُ كلمةٍ لغيرها في المعنى، وللتشبيه أربعة أركان وهي: المُشبّه، والمُشبّه به، وأداة التّشبيه، ووجه الشّبه. مثال: (البنتُ كالزّهرةِ في جمالها)، المُشبّه هو البنت، والمُشبّه به هو الزّهرة، وأداة التّشبيه هي الكاف، ووجه الشّبه هو الجمال. وفي حالة التّشبيه يزيد أحد الطّرفين في وجه التّشبيه عن الآخر، ففي الجُملةِ السّابقة تزيد الزّهرة في جمالها عن البنت، وللتّشبيه مجموعةٌ من الأنواع أهمها ما يأتي:
نوع التشبيه | تعريفه | مثال عليه |
---|---|---|
تشبيهٌ تام | هو التّشبيه الذي يحتوي في تركيبه على كلّ أركان التّشبيه. | البنتُ كالزّهرة في جمالها. |
تشبيهٌ مُؤكّد | هو التّشبيه الذي حُذِف منه أداةُ التّشبيه. | البنت زهرةٌ في جمالها. |
تشبيهٌ مُجمل | هو التّشبيه الذي حُذِف منه وجه الشّبه. | البنت كالزّهرة. |
تشبيهٌ بَليغ | هو التّشبيه الذي حُذِف منه أداة التّشبيه ووجه الشّبه. | البنت زهرة. |
هي تشبيهٌ حُذِف أحد طرفيه المُشبّه أو المُشبّه به، واللّذان يشترطُ وجودهما لِإتمام التّشبيه، وعند غياب أحدهما تظهر الاستعارة، ومِن أهم أنواعها:
نوع الاستعارة | تعريفها | مثال عليها |
---|---|---|
الاستعارة المَكنيّة | هي التّركيب الذي حُذِف منه المُشبّه به وذُكِرَ المشبّه. | “طار الخبر في المدينة”؛ ففي هذه الجملة حُذف المشبّه به، وهو الطّائر الّذي شبّهنا الخبر به. |
الاستعارة التحقيقيّة | هي التّركيب الذي حُذِف منه المشبّه وكُتبَ المشبّه به. | “حارب الأسد بشجاعةٍ في المعركة”؛ ففي هذه الجملة شبّهنا الإنسان بالأسد، ولكن لم يُذكر بل ذُكِرَ المشبّه به وهو الأسد. |
لمعرفة المزيد عن الاستعارة يرجى قراءة المقال الآتي: تعريف الاستعارة.
الكناية:
هي الأسلوب الذي يُستخدم عندما اللفظ أو الكتابة معنىً ظاهراً لجملة ولكن يُراد به معنىً آخر، وأيضاً تعرفُ الكنايّة بأنها لفظٌ يرادُ فيه معناه المخفي، من خلال استخدام معنى ظاهرٍ له، والكناية أنواع هي:
نوع الكناية | تعريفها | مثال عليها |
---|---|---|
كناية عن صفة | هي التّركيبُ الذي يُقصدُ فيه معنىً آخر لصفةٍ ما. | “أطلقَ أخي قدميّه للرّيح”، فهذه الجُملة لا تعنيّ ربط القدمين بالرّيح؛ بل هي كنايةٌ عن السّرعة في الرّكض. |
كناية عن موصوف | هي التّركيب الّذي يُستخدمُ فيه موصوفٌ عُرف بصفاته، وذاته، وعمله. | “أمةُ الضّاد”، والمقصودُ بالمثال هنا وصفُ العرب بأنهم أمةٌ للّغة العربيّة. |
كناية عن نسبة | هي التّركيب الّذي يحتوي على صفةٍ، ولكنّها تنسب إلى شيءٍ مُتّصل بالموصوف. | “الكرمُ في بيتِ سعيد”، وهنا تذكرُ الصّفة في الكرم، أمّا البيت فهو النسبة لسعيدٍ بأنّه كريم. |
المجاز:
يعرَّف المجاز على أنّه استخدام اللفظ في غير ما وُضِع له، لعلاقته مع قرينة تمنع إيصال المعنى الحقيقي له، فيكون اللفظ قد جاء لغير ما جاء له بالأصل، كما أنّ عبدالقاهر الجرجاني فرّق بين الحقيقة والمجاز بأنّ الحقيقة هي كل لفظ يأتي بمعناه الأصلي ويفيده أما المجاز فهو اللفظ الذي يوصل معنى غير معناه الأصلي، والذي قسمه الجرجاني إلى أنواع هي: المجاز العقلي والمجاز اللغوي الذي يتفرع إلى المجاز المرسل والاستعارة، فكلّ استعارة مجاز ولكن ليس كلّ مجاز استعارة، حيث إنّ الاستعارة يدخل فيها التشبيه أما المجاز فلا يدخل التشبيه فيه، ومن الأمثلة على المحاز أن نقول: “أمطرت السماء رزقًا”، فالسماء في الحقيقة لا تمطر الرزق بل يهطل المطر منها، لكننا أردنا بلفظ “أمطرت” معنى غير معناه “وهو أن يهطل المطر” إنما “هطول الرزق”.[٤]
علم البديع
علم البديع هو العلم الذي يبحث في تحسين الكلام اللفظي أو المعنويّ، ويقسمُ إلى الفروع الآتية:[٣]
- الجناس: هو تركيبٌ يحتوي على كلمتين تتشابهان في اللّفظ ولكن تختلفان في المعنى، ويقسمُ إلى نوعين هما:
- الجناس التّام: هو اتّفاقُ الألفاظ معاً؛ مثل قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ)؛[٥] فالسّاعة والسّاعة تتشابهان تماماً في اللّفظ ولكنْ تختلفان في المعنى.
- الجناس الناقص: هو وجود نقصٍ في اتفاقِ الألفاظ معاً؛ مثل قوله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ*وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)؛[٦] فكلمتا تقهر وتنهر تتشابهان في اللّفظ ولكن لا تتطابقان تماماً.
- الطّباق: هو التّركيب الذي يجمع بين متضادّين في المعنى، مثل: (يَتسابقُ اللّيل والنّهار).
- المُقابلة: هو التّركيب الذي يجمع بين أكثرِ من لفظٍ ويقابله أكثر من لفظٍ مُضادٍّ له، مثل: (اقرأ اليوم لتستفِد غداً).
لمعرفة المزيد عن علم البديع وبالتفصيل يرجى قراءة المقال الآتي: نشأة علم البديع.
خصائص علم البلاغة
يتميّزُ علم البلاغة بمجموعةٍ من الخصائص، وهي:[٧]
- تعدُّ البلاغة طريقة تساعدُ على بناءِ نصٍ لغويّ صحيح لا يحتوي على الأخطاء.
- تعتبرُ من وسائل التّفكير بجماليّة الكلمات في النص الأدبي.
- تساعدُ على اختيار اللّفظ السّليم في المكانِ المناسب له حتّى يكتمل معنى الجُمل ويصبح صائبًا.
- تُساهمُ في تقديمِ الأفكار والطرق للكاتب، والتي تمكّنه من استخدام البديع في ألفاظه التي يختارها.
المراجع
- ↑ “معنى كلمة بلاغة”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 6-11-2016. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد بن صالح العثيمين (1434هـ)، شرح البلاغة من كتاب قواعد اللغة العربية (الطبعة الأولى)، صفحة 17، 18، 45، 46، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 53، 54، 55، 56، 57، 58.
- ^ أ ب الخطيب القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة (الطبعة الأولى)، لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 163، 164، 212، 241، 242، 243، 255، 257، 259، 262.
- ↑ د.عبد الفتاح داوود كاك. (2015م)، المجاز في البلاغة العربيّة، صفحة 3-4.
- ↑ سورة الروم، آية: 55.
- ↑ سورة الضحى، آية: 5-6.
- ↑ د.انتصار سلام يوسف، وسائل التعبير في اللغة العربية جامعة تكريت: كلية التربية، صفحة 5.
فيديو الأساليب البلاغيّة في اللغة العربيّة
شاهد الفيديو لتعرف الأساليب البلاغية في اللغة العربية: