الفرق بين اللهجة واللغة

اللغة واللهجة

تُعتبر اللغة من أهمّ ركائز الأمم والمجتمعات، فمن خلالها تعرف كلّ أمةٍ تاريخها ونسبها، وعن طريقها يُظهر المجتمع مدى تقدمه ورقيّه.

اللغة كالإنسان بالأخذ والعطاء، والنشأة والحياة، وهي دائمة الاتساع والتطوّر، و تولد وتموت وتدخل في العديد من الاحتدامات والصراعات، التي تحدّد مدى قوتها وتماسكها، فإن كانت لغةً ضعيفة فإنّها ستقع تحت تأثير غيرها من اللغات، وربما ستحل محلها إلى أن تموت في نهاية المطاف، وهذا ما حدث مع اللغة اللاتينيّة القديمة، والأكاديّة الساميّة والعبريّة القديمة وغيرها من اللغات. وفي ظلّ تلك الصراعات تنشأ أشكالٌ أخرى للغة، وتعيش تلك الأشكال في أكناف اللغة الأصليّة (اللغة الأم)، حيث تأخذ في الوصف ملامح اللغة الأم باختلاف التفاصيل، وقد أطلق على هذه الأشكال اسم (اللهجة).

تعريف اللغة واللهجة

اللغة

  • جاء في معاجم اللغة تعريف (الخليل) للغة والوارد في (معجم العين)، حيث قال: “اختلاف الكلام في معنىً واحد”.
  • قال (ابن الحاجب) : بأنّ “حدّ اللغة كلّ لفظٍ وُضع لمعنى”.
  • جاء (ابن جني) بتعريفٍ للغة يعتبر سابقاً لزمانه، حيث قال فيه معرّفاً اللغة: “جدّ اللغة أصواتٌ يعبّر بها كلّ قومٍ عن أغراضهم”.
  • جاء تعريف ابن خلدون متمّماً لتعريف ابن جنى، ليعطيه شكلاً تفصيليّاً أكبر، وهو: “أعلم أنّ اللغة في المتعارف هي عبارة المتكلّم عن مقصوده، وتلك العبارة فعلٌ لسانيّ ناشئٌ عن القصد بإفادة الكلام، فلا بدّ أنّ ملكة متقررة في العضو الفاعل لها وهو اللِّسان، وهو في كلّ أمةٍ بحسب اصطلاحاتهم”.
  • لم يأتِ على تعريف ابن خلدون إلا الغربيين، فقد قال (يسبرسن) معرّفاً اللغة: “ينظر للغة عن طريق الأذن والفم، لا عن طريق العين والقلم”.
  • ورد في دائرة المعارف البريطانيّة بأنّ اللغة: عبارة عن نظامٍ من الرموز الصوتيّة، وجاء هذا التعريف مماثلاً لتعريف (فرديناند دي سوسير) الذي اعتبر أنّ اللغة: هي مجموعة من علاماتٍ لسانيّة منظومةً في نسقٍ معيّن، تمّ وضعها للتواصل والتفاهم.

اللهجة

  • أورد (الخليل) في معجم العين تعريفاً لها، حيث قال: بأنّ اللهجة طرف اللسان، وقيل أنّها جرس الكلام، وعرّفت بأنّها فصيح اللهجة، واللهجة هي اللغة التي جُبل عليها، فاعتادها ونشأ عليها.
  • أورد (الزبيدي) إثر نقل تعريف الخليل فقال:” بهذا ظهر إنكار شيخنا على من فسرها باللّغة لا الجارحة وجعلها من الغرائب قصور ظاهر كما لا يخفى”.

الفرق بين اللغة واللهجة

يستدلّ من تعريف (الزبيدي) عن معنى اللهجة في المعاجم العربيّة، بأنّها طريقة أداء النطق أو اللغة، أو ما يقال عنه بأنّه نغمة الكلام، أو جرس الكلام، أمّا المحدثون فقد عرّفوا اللهجة على أنّها الخصائص، والصفات التي تميّز بيئةً ما في طريقة أدء النطق أو اللغة. فنستنتج من كلّ ما سبق بأنّ اللغة هي عبارة عن طريقة تواصلٍ ناطقة، وهذه اللغة تختلف من مجتمعٍ لآخر، أمّا اللهجة فلم تكن معروفةً بالمعنى الحديث، وإنّما كانت تعرف باسم جرس اللسان لكلّ أمّة وكيفيّة استخدامها للغة الأم.

في الماضي لم يكن مصطلح اللهجة معروفاً كما هو معروفٌ حديثاً في الدرس اللغويّ، ورغم هذا فإنّ كتب الأقدمين تعرّضت لما يطلق عليه اليوم لهجات القبائل، مثل: كشكشة ربيعة، ونعنعة تميم، وغيره، لكن لم يكن يطلق عليها مصطلح لهجات، بل كان يطلق عليها لغة.