الفرق بين اللغة واللهجة

الفرق بين اللغة واللهجة

اللغات في العالم هي الطريقة التي يستخدمها البشر في التواصل فيما بينهم، فتُعتبر اللغة هي طريقة التواصل الأولى والتي تميّزوا بها عن باقي الكائنات الحية، فتوفر اللغة القدرة للتعبير عن النفس بصورةٍ واضحة، وهي أحد العوامل المشتركة التي تجمع الأمم مع بعضها البعض، وأمّا اللهجات فتنشأ بعد نشوء اللغة، وهي التي قد تختلف في البلد الواحد أيضاً، فقد تتميز كلّ منطقةٍ في البلد الواحد بلهجةٍ مختلفة، فيكون في البلد الواحد لغةٌ واحدةٌ وعشرات اللهجات، فيمكننا القول إنّ اللهجة هي الطريقة التي نتكلّم اللغة بها.

نشأة اللغات الأولى

يوجد العديد من الأقوال والآراء في أصل اللغات، فهنالك من يقول إنّ اللغة نشأت بشكل تدريجي ومستمر، بحيث إنّ أجدادنا طوّروا هذه اللغة شيئاً فشيئاً من أنظمة صوتيّة سابقة حتى وصلوا إلى اللغات المستخدمة حالياً بالتعقيد الذي توجد فيه، ومنهم من يقول إنّ اللغات نشأت فجأةّ بين البشر ومثال هذا من يؤمن بأنّ الله هو من علّم الإنسان اللغة، وهنالك من يؤمن بأنّ اللغة ظهرت نتيجة لطفرة وراثيّةٍ أصبح من خلالها الإنسان قادراً على التكلّم.

نشأة اللهجات وتطورها

تنشأ اللهجات عن اللغات المختلفة وانحرافها شيئاً فشيئاً عنها، وعندما يصبح هذا الانحراف كبيراً عن اللغة الأم ترتقي اللهجة لتصبح لغةً قائمةً بحدّ ذاتها، وهكذا تنشأ اللغات المختلفة عن اللغات الأم، مروراً بمرحلةٍ كانت تسمّى به لهجاتٍ مختلفة، فلو افترضنا أنّ الإنسان كان يتحدث لغةً واحدةً عندما كان كلّ سكان الأرض مجتمعاً واحداً يسكن مكاناً واحداً، ومن ثمّ كبر هذا المجتمع وتوسّع في الأرض ليسكن المناطق المختلفة فيها، والتي كانت فيها العديد من الأمور التي لم يعرفها في بيئته السابقة، فلو افترضنا أنّ المجتمع الأول كان يسكن في الغابة فإنّه لن يعرف العناصر الموجودة في الصحراء على سبيل المثال أو عند البحر، ولهذا وتأثراً بالعناصر التي حوله بدأ لسان هذا المجتمع ينحرف شيئاً يسيراً عن اللغة الأصلية فأصبحت تسمّى باللهجة، ومع المدة وتعاقب الأجيال أصبحت هذه اللهجة مبتعدةً كثيراً عن اللغة الأم، بحيث أصبحت لغةً قائمةً بحدّ ذاتها، ويمكننا ملاحظة هذا في الأمثلة الحديثة كاللغات التي اشتقت من اللغة اليونانيّة، أو حتى تطور اللغة الإنجليزيّة التي كان يكتب بها شكسبير مسرحيّاته إلى اللهجات المختلفة الموجودة حالياً.

تأثر اللهجات واللغات

تتأثر اللهجات واللغات بالعديد من العوامل المختلفة، فقد ذكرنا سابقاً تأثر اللغة بالبيئة التي يسكنها أهلها، إلّا أنّ العديد من العوامل المختلفة تؤدي إلى تغيير اللغة وتطوّرها وتطوّر اللهجات أيضاً، فبإمكاننا على سبيل المثال ملاحظة هذا الأمر في اللهجات العربيّة المختلفة -والتي لم ترتق إلى اللغات بسبب حفظ اللغة العربيّة من خلال القرآن الكريم والآثار القديمة وارتباطها ارتباطاً وثيقاً بالدين الإسلامي-، فبالرغم من كون اللغة العربية هي اللغة الأم لجميع الدول العربية إلّا أنّ اللهجات العربية كثيرةٌ، ومن الممكن أن توجد عشرات اللهجات حتى في الدولة الواحدة، فتأثرت اللهجات العربية على سبيل المثال باللغات الأمّ التي كان يتحدث بها أهل تلك الدول، فكما نعلم أنّ الدين الإسلامي انتشر في بلادٍ لم تكن تتحدث العربيّة في الأساس، فانتشرت فيها العربية بسبب الدين، وهو ما دفع العلماء العرب إلى إرساء قواعد اللغة العربيّة وفقاً للقرآن الكريم والآثار العربية القديمة؛ خوفاً عليها من الضياع.

وحتى في القرون الحديثة نجد أنّه حصل تطورٌ كبيرٌ في اللهجات العربية المختلفة، فازداد الاختلاف فيها عمّا مضى، وذلك نتيجة دخول العديد من المصطلحات الجديدة على اللغة، والتي تم إدخالها واستخدامها وفقاً للمصطلحات الأجنبيّة، كالتلفاز أو الراديو أو غيرها، بالإضافة إلى الاحتلال التي عانت منه الدول العربيّة لفترةٍ طويلةٍ، والذي أدّى إلى اختلاف لهجة كلٍّ منها وفقاً للهجة محتلّها.