هل أنت مستمع لمن ناداكا – الشاعر البحتري
هَلْ أنْتَ مُستَمِعٌ لِمَنْ نَاداكَا،
فَتُهِيبَ مِنْ شَوْقٍ إلَيْكَ دِرَاكَا
يا يُوسُفُ بنُ محَمّدٍ دَعْوَى امرِىءٍ،
عَدَلَ الهَوَى بِلِسَانِهِ، فَدَعَاكَا
لا يُعدَمُ العَافُونَ حَيثُ تَوَجّهُوا،
يَدَكَ الهَتُونَ وَوَجْهَكَ الضّحّاكَا
ما زِلْتَ مُذْ جَارَيْتَ سابقَ مَعشَرٍ
قَصَدوا العُلاَ، حتّى لَحِقْتَ أبَاكَا
فَجَرَى عَلى غُلَوَائِهِ، وَعَلِقْتَهُ
بالجَرْيِ لا فَوْتاً، وَلاَ إدْرَاكَا
صَرَفُوكَ عَنْ حَرْبِ الثّغُورِ بقَدرِ ما
عَرَفُوكَ، يابنَ مُحَمّدٍ، بِسِوَاكَا
دَحَضَتْ بهِ قَدَماهُ عَنْ أُهْوِيّةٍ،
ثَبَتَتْ عَلَيْهَا بالهُدَى قَدَمَاكَا
فَوَرَاءَكَ الإسْلاَمُ مَحْرُوسُ القُوَى
لَمّا جَعَلْتَ أمَامَكَ الإشْرَاكَا
والرّومُ تَعْلَمُ أنّ سَيفَكَ لم يَزَلْ
حَتْفاً لِصِيدِ مُلُوكِهَا، وَهَلاكَا
وَلَوِ احتَضَنْتَهُمُ بأيدِكَ لالتَقَتْ،
مِنْ خَلفِ أمْوَاجِ الخَليجِ، يداكَا
لَنْ يأخُذَ الحُسّادُ مَجدَكَ بالمُنى،
ألله أعْطاكَ الذي أعْطَاكَا
أهْدَى السّلامُ لَكَ السّلامَ وَنِعْمَةً
تُهدي الغَليلَ إلى صُدورِ عِداكَا
وَحَدَا الغَمَامُ إلى الثّغُورِ رِكَابَهُ،
حَتّى أنَاخَ بَعَلْوِها، فسَقَاكَا
أرْضٌ تَتيهُ عَلى السّحابِ إذا التَقَى
سَيحانُ في حُجُرَاتِهَا، وَنَداكَا
لَمْ تَرْوِ دِجْلَةُ ظَمأةً منّي، وَقَدْ
جَاوَرْتُهَا، وَتَرَكْتُ ذاكَ لذاكَا
فَمَتى أرُومُ الغُرْبَ نَحوَكَ، ماتِحاً
غَرْبَ النّدَى، فأرَى الغِنَى وأرَاكَا
لا تَسْألَنّي عَنْ تَعَذّرِ مَطْلَبي
وَكُسُوفِ آمَالي، جُعِلتُ فِداكَا
فَلَقَدْ طَلبتُ الرّزْقَ بَعدَكَ مُعوزاً،
وَمَدَحْتُ، بَعد فِرَاقِكَ، الأفّاكَا