تعريف القضاء

تعريف القضاء

يُعرف القضاء لغة كما جاء في معجم المعاني الجامع بأنّه الحُكم، وهو عمل القاضي، كما أنّه عبارة عن سُلطة مُنحت للقاضي للبحث في النزاعات والفصل بينها اعتماداً على القانون السائد، والقاضي هو القاطع للأمور، والذي تعيِّنه الدولة للنظر في الخصومات وإطلاق الأحكام الخاصة بها.[١][٢]

القضاء هو السبيل الوحيد الذي يلوذ إليه الأفراد للحصول على حقوقهم وحريتهم، وتكمُن الحكمة من القضاء في رفع الظلم عن المظلومين بردع الظالم ونصرة المظلوم، والفصل بين المتخاصمين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبعاً لأهميته العظمى تعاملت به جميع الدساتير في العالم وأكدت عليه، وظهر نوعان من النظام القضائي هما: النظام القضائي الموحد، والنظام القضائي المزدوج؛ والذي يتكون من: القضاء العادي والقضاء الإداري.[٣][٤]

القضاء في التاريخ

كان القضاء قديماً عبارة عن احتكام الشعوب إلى عاداتهم وتقاليدهم، فلم يستغنِ الإنسان منذ القدم عمّن يُحكِّم له أموره ويفصل قضاياه ومنازعاته، واعتمد العرب في الجاهلية على تجاربهم وخبراتهم في الحياة للتحكيم في مختلف شؤون الحياة، كما اعتمد بعض الشعوب على العرافين والكهنة للحكم في قضاياهم، أما في المدينة فكان مجلس الحل والعقد هو المسؤول عن النظر في شؤون المنازعات ووقوع المظالم.[٥]

لم يكن القضاء في المجتمع القبلي يوقع عقوبتة على الظالم فحسب، بل كان الحكم ممتد إلى قبيلته أيضاً حتى جاء الإسلام، ففي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أصبح القضاء البشري مهمشاً بجانب القضاء الإلهي الذي حل مكانه، حيث أصبحت التقوى والعدالة هي المبادئ الأساسية في القضاء، كما أنّ وقوع العقوبة يكون على الشخص الجاني فحسب وليس على جميع أفراد عائلته أو قبيلته، قال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).[٦][٥]

أنواع النظام القضائي

للنظام القضائي نوعان كما ذكرنا سابقاً هما:[٤]

  • النظام القضائي الموحد: هو النظام المبني على أساس سيادة القانون والمساواة، ولا يميز بين السلطة العامة أو الأفراد، ومن أمثلة الدول العاملة بهذا النظام، بريطانيا، والعراق، والسودان، وأمريكا.
  • النظام القضائي المزودج: يتكون من القضاء العادي الذي يقوم على أساس الفصل في المنازعات بين الأفراد، وبين الأفراد والإدارة في حين تنازلها عن سلطتها فيتم التعامل كأنّها فرد يُطبق عليها كلّ ما يُطبق على الأفراد، والقضاء الإداري يفصل في القضايا الإدارية وقضايا المصلحة العامة، ومن أمثلة الدول العاملة بهذا النظام: فرنسا، وسوريا، ولبنان، ومصر.

أركان القضاء

توجد للقضاء أركان معينة لا تتغير مهما اختلفت الشعوب ومذاهبها، وهي:[٥]

  • القاضي: هو الشخص الذي يصدر الأحكام.
  • المقضي به: يُقصد به الحكم الذي صدر في نهاية عملية القضاء.
  • المقضي فيه: يُقصد به الأمر المتنازع فيه.
  • المقضي له: هو الطرف الذي يَصدر الحكم النهائي لصالحه.
  • المقضي عليه: هو الطرف الذي يَصدر الحكم النهائي ضده.

القضاء في الإسلام

يقوم القضاء في الإسلام على الفصل بين المتخاصمين والمتنازعين في أمر ما وذلك بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية المأخوذة من الكتاب والسنة النبوية الشريفة، والمقصد الأساسي من القضاء الإسلامي هو تحقيق العدل بين الناس، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ)،[٧] وكان الرسول عليه الصلاة والسلام أول من تولى مهمة القضاء في الإسلام تحديداً في المدينة المنورة في نص الصحيفة التي أصدرها الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث ذكر فيها أنّ أي أمر أو نزاع يكون الرجوع فيه إلى الله ورسوله، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يحكم بما يقضيه كتاب الله عز وجل من أحكام، فبينت الآيات القرآنية المبادئ الأساسية للحكم وطبقها الرسول فيما بعد.[٨][٩]

كان الرسول يعطي مهمة الفصل بين المنازعات للبعض من أصحابه في ولاياتهم، مثل إسناد القضاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما ولّاه على بلاد اليمن، كما أعطى أبي بكر الصديق مهمة القضاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وعند توليه الخلافة وضع نظام تشريعي يقضي بين الناس حيث بلغ القضاء في عهده أوج قوته، فقد عيّن قضاة يمثلونه وجعل سلطتهم منفصلة عن سلطة الوالي كما عيّن لهم أرزاقهم.[٩]

شروط القاضي في الإسلام

يجب أن تتوفر في القاضي مجموعة من الشروط كي يكون صالحاً ليتولى مهمة القضاء، وهذه الشروط هي:[١٠]

  • البلوغ: يجب أن يكون القاضي بالغاً، حيث لا يصح تولية القضاء للصبيان، فليس للصبي ولاية على نفسه ليتسنى له ولاية غيره، كما لا يُشترط أن يكون القاضي طاعناً في السن.
  • العقل: لا يصح تولية المجنون القضاء.
  • الإسلام: لا تجوز تولية كافرعلى المسلم؛ وذلك لأنّ القاضي يطبق أحكام الشريعة الإسلامية في قضائه وجب أن تنبع هذه الأحكام من إيمانه بها.
  • الذكورة: ذكر جمهور العلماء أنّه لا يجوز للمرأة أن تتولى القضاء وإذا حدث ذلك فإنّ ولايتها باطلة، كما أنّ القاضي يخالط الرجال في عمله ولا يجوز للمرأة مخالطة الرجال، ولم يرد عن الرسول عليه الصلاة والسلام أو عن خلفائه أنّهم أعطوا الولاية لامرأة، أما عن فقهاء الحنفية فقالوا إنّه يجوز للمرأة أن تكون قاضية في غير الحدود والقصاص، وذكر ابن جرير الطبري أنّ الذكورة ليست شرطاً لتولي القضاء مثل الإفتاء عنده، والإفتاء لا تشترط فيه الذكورة.
  • الحرية: ذهب جمهور العلماء إلى أنّه لا تصح ولاية الرق أو العبيد، حيث إنّ جميع منافع العبد تعود إلى سيده ولا تتوفر فيه صفات القاضي، فهو لا يملك الولاية على نفسه فلا يمكن توليته على غيره.
  • سلامة الحواس: يقصد بها السمع والبصر وصفة الكلام، فلا يجوز تولية القضاء لمن هو ضرير أو أصم أو أبكم؛ لأنّه بذلك لن يقدر على القيام بأمور القضاء، أما سلامة بقية الأعضاء فمن المستحب أن تكون سليمة، ولا مانع أن يكون القاضي أعرج مثلاً.
  • العدالة: يقصد بها أن يكون القاضي صادقاً، وأميناً، ويقوم بالفرائض والأركان، ولا يجوز تولية الفاسق للقضاء.
  • الاجتهاد: يقصد به أهلية القاضي ومقدرته على استخراج الأحكام من مصادر التشريع وهي القرآن والسنة النبوية الشريفة وعلمه بالأحكام الخاصة، والعامة، والمجملة، والناسخ والمنسوخ من السنة.

سلطات وآداب القاضي في الإسلام

للقاضي في الإسلام سلطات منوطة به منها:[١١]

  • الفصل بين المتخاصمين بإصدار أحكام قطعية، أو الإصلاح بين الطرفين المتنازعين.
  • الحكم في الدماء وإقامة حدود الله.
  • النظر في أحكام الأسرة، وهي الأحكام المتعلقة بالزواج والطلاق وما يتبعها.
  • ردع الظالم ونصرة المظلوم وإعادة الحق إلى أصحابه.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الخير في أرجاء البلاد.
  • حلّ مكان الإمام في الأعياد الرسمية وفي خطبة الجمعة.

آداب القاضي:[١١]

  • عدم قبول رشوة أو هدية من أحد الاطراف المتنازعة.
  • يساوي في معاملة الطرفين المتنازعين سواء كان في استقباله لهما، أو في استماعه إليهما، أو في إصدار الحكم، كما يجب أن يُصدر أحكامه دون أخذ العاطفة بعين الاعتبار.
  • يحكم بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه، فلا يُحِّرم الحلال ولا يُحلِّل الحرام.
  • لا يتتباطأ ويماطل في إصدار الأحكام.
  • يقضي بما رأى إن كان شاهداً في الواقعة المتنازع فيها.

المراجع

  1. “تعريف و معنى قضاء في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2017-8-2، بتصرّف.
  2. “تعريف و معنى قاضٍ في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2017-8-2، بتصرّف.
  3. “ملخص عن كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية”، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 2017-8-2، بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد الحسين، “القضاء الإداري”، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 2017-8-2، بتصرف.
  5. ^ أ ب ت أ.د.فاروق عمر فوزي (2010)، تاريخ النظم الإسلامية (الطبعة الأولى)، فلسطين- رام الله: الشروق للنشر والتوزيع، صفحة 285-286، بتصرّف.
  6. سورة الأنعام ، آية: 164.
  7. سورة النحل، آية: 90.
  8. سعيد محمود (2013-4-13)، “القضاء في الإسلام رابط المادة: http://iswy.co/evdcn”، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2017-8-2. بتصرّف.
  9. ^ أ ب رنا سليم شاكر العزاوي (2016-10-23)، “القضاء”، University of Babylon كلية التربية الأساسية، اطّلع عليه بتاريخ 2017-8-2. بتصرّف.
  10. الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق (2015-12-3)، “القضاء في الإسلام”، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 2017-8-22. بتصرّف.
  11. ^ أ ب “القضاء في الأسلام”، آفاق المحاماة، اطّلع عليه بتاريخ 2017-8-2. بتصرّف.