كيف تسعد في حياتك
السعادة
إنّ شعور السعادة الذي يأتي من خلال الظروف والمواقف التي يمرّ بها الإنسان في حياته قد يكون شعوراً مؤقتاً، بينما شعور السعادة الدائم لا يأتي إلا من خلال الشخص نفسه، أي من داخله، فالإنسان بيده أن يجعل من نفسه إنساناً سعيداً، أو إنساناً حزيناً، ولا تعني السعادة أن يستمرّ الإنسان طيلة حياته مبتسماً ضاحكاً، ولكن السعادة تأتي من خلال الرضى، والقناعة، وراحة البال، وهدوء النفس، والإيمان بالله عز وجل، والسعادة بشكل عام هي التي تجلب النجاح في الحياة من جميع النواحي، أي على الصعيد العمليّ، والعلميّ، والاجتماعي، والاقتصادي، لذلك على الشخص أن يسعى دائماً للحصول على السعادة، فكيف يُحقّق الإنسان السعادة في حياته؟
كيفية تحقيق السعادة في الحياة
سنعرض فيما يلي عدّة نصائح قد تساعد الشخص على جلب السعادة لحياته، وهي ليست خطوات يتبعها الشخص ثمّ تأتي السعادة فوراً، بل هي منهاج أو طريقة حياة، إن سار الإنسان على أساسها، بعد أن يتأمّلها ويتفكّر فيها، ستبدأ مشاعر الرضى، وهدوء النفس، والطمأنينة بالظهور، وبالتالي شعوره بالسعادة دون أن يدري، والنصائح كالتالي:
تعداد نِعم الله تعالى
قال تعالى: “وإن تعدّوا نعمت الله لا تحصوها”، فعلى سبيل المثال: صحة الجسد، وتوفّر الغذاء، والملبس، والهواء، والماء، ووجود العينين، واللسان، والشفتين، واليدين، والرجلين، وغيرها الكثير الكثير من نِعم الله، إن تأملها الإنسان سيعلم بأنّه يملك الدنيا بما فيها، لذا عليه أن يتفكّر جيداً بنِعم الله عز وجل، ويطرح على نفسه التساؤلات التالية: أهو أمر طبيعي أن يعيش الإنسان أعمى؟ أو أصم؟ أو أبكم؟ أهو أمر طبيعي أن يعيش الإنسان وفي عقله جنون؟ هل يستبدل الإنسان بعقله جبلاً من الذهب؟ أو ببصره؟ أو بسمعه؟ الإجابة معروفة، ومفهومة، وكذلك بالإضافة إلى تلك النعم نعمة الحياة مع العائلة، ونعمة الحياة الزوجية، ونعمة وجود الأبناء، والأصدقاء، فالإنسان يعيش بنِعم لا يُقدّرها، فمن يتفكر بذلك للحظات، سيرضى، والرضى سيعكس لديه السعادة التي يبتغيها.
نسيان الماضي
على الشخص أن لا يفكّر بالماضي، ولا يستحضر مآسيه دائماً، ويبقى في حالة الحزن، فذلك يُعتبر ضرب من ضروب الحمق، وبذلك يقوم الشخص بهدم حياته الحالية بتفكيره في الماضي، إذاً على الشخص أن يعلم بأن هذا الحزن لن يعيد الماضي، ولن يصلح أخطاءه، ولن يُصحّحها؛ لأنّ هذا الماضي قد فات، فمن يعيش في حزنه، ويبحث عن الماضي، كمن يريد ردّ الشمس إلى مكان طلوعها، وكمن يريد إرجاع الطفل إلى بطن أمه، وكمن يريد أن يردّ الدمعة إلى العين، لذلك على الشخص أن ينسى أحزان الماضي، ويعيش مع حاضره بتفاؤل، وإقبال، وإقدام.
الصمود أمام النقد
على الشخص أن لا يتأثر بما يواجهه من نقد سيء، ويعلم أنّ الناس ما نقدوه وما قدحوه إلا لأنّه قد فاقهم، بالعلم، أو بالأدب، أو بالمال، ويجب عليه أن يعرف بأنّ الشخص الذي يجلس على الأرض لن يسقط، فهو أصلاً جالس في مكانه، ولن يكترث به أحد، فهو بمثابة الشخص المذنب، الخاطىء، والذي لا توبة له، إلا حينما يترك تلك الميزات، وينزل إلى مصافهم، وإلى مستواهم، لذلك عليه أن يصمد أمامهم، ولا يتأثر، ويثبت، فإن تأثر الشخص بكلامهم، فيكون قد حقّق أمنيتهم، لذلك عليه أن يُعرض عن نقدهم، ولا يلتفت إليهم، ولا يجعلهم يُنغّصوا عليه حياته، بل يتركهم ونقدهم، ويعيش سعيداً كما يشاء.
عدم انتظار الشكر
إنْ فَعَلَ الشخص معروفاً فليفعله لوجه الله تعالى، ولا ينتظر شكراً من أحد، ويُنغّص على نفسه بانتظار الشكر، ويفقد الأجر، والثواب، وليعلم الشخص بأنّ طبيعة النكران غالبة على نفوس الناس، لذلك عليه أن لا ينصدم، ولا يتفاجأ، فقد يصدر عنهم ما لم يتوقعه، وقد لا يتوقف الأمر عند نكران الجميل، بل في معاداة الشخص نفسه، فالابن قد يعق والده، والأخ قد يعادي أخاه، والبنت قد تعادي أمها، وهذه ليست دعوة لترك الإحسان للناس، ولكن على الشخص أن يُمرّس نفسه، ويعوّدها، على فعل الخير خالصاً لوجه الله تعالى دون انتظار شكر من أحد، فالله عز وجل لن ينسى عبده الصالح، وسيجزيه عن ذلك في الدنيا، والآخرة.
الابتعاد عن أوقات الفراغ
إنّ حياة الفراغ تقود الإنسان للتفكير بالهم، والغم، وبالتالي العودة إلى ذكريات الماضي السيئة، أو التفكير في المستقبل البائس، فالفراغ عبارة عن تعذيب بطيء للنفس، والراحة تُعتبر غفلة، لذلك على الشخص أن يقتل ذلك الفراغ بالعبادات، والطاعات، والذكر، والمطالعة، والثقافة، والرياضة، والعلم، والعمل، ومساعدة الآخرين، وأعمال التطوع، وحفظ القرآن الكريم، وفهمه وتدبره، فبذلك يستجلب الشخص السعادة، وهو يملأ حياته بالأشياء المفيدة، ولا يُضيع وقته سدىً.
قبول الحياة
على الشخص أن يقبل حياته كما هي، فوجود المنغصات حال من أحوال الدنيا، وسيجد الشخص في حياته تلك المنغصات من قبل الجميع، فقد يجدها من قبل الأب، والأم، والأخ، والأخت، والابن، والابنة، والزوج، والزوجة، والصديق، والغريب ومن الجميع، وسيجد الإنسان الصالح والإنسان الطالح، وسيجد صاحب الخير، وصاحب الشر، فهذه سنة الله في هذه الحياة، أن يتواجد فيها الضدين، لذلك على الشخص أن لا يتأمل ويسرح كثيراً في خياله، وينتظر الحياة الوردية الخالية من المنغّصات، إذاً عليه أن يقنع بحياته، ويرضى بها، ويتقبلها حتى يعيش سعيداً.
تذكّر الجنة
على الشخص أن يتذكر دائماً وعد الله بجنة عرضها السماوات والأرض، فمهما مرّ به الإنسان في الدنيا من فقر، وحزن، ومرض، وظلم، عليه أن يتذكر الجنة دائماً، فمتى ما عبَد الإنسان ربه عز وجل حق عبادته، ولم يرتكب الكبائر، فليُبشر بوعد الله عز وجل، وليعلم بأن مصيره الجنة، التي سيدخلها برحمة منه جل في علاه، وليتذكر قول الله تعالى: “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنّه هو الغفور الرحيم”.
الصلاة
قال عليه الصلاة والسلام لمؤذنه الصحابي بلال بن رباح رضي الله عنه: “أرحنا بها يا بلال”، فمتى ما ضاق صدر الإنسان، وصعبت الأمور أمامه، فليشرع بالصلاة، ويسجد إلى ربه ويطيل سجوده، ويتذلّل إلى ربه، فإن ذلك سيجلب الراحة، وانشراح الصدر، وسيعلم بأن الأمور صغيرها وكبيرها كلها بيد الله عز وجل، وبعدها ليتوجه الإنسان إلى ربه بالدعاء، فالله أعلم بحاله، وأدرى به من نفسه.
عدم الغضب
على الشخص أن يتحكّم بنفسه جيداً ويبتعد عن الغضب، فالغضب يجلب الحزن، والهم، وعلى الشخص أن يمرّس نفسه جيداً بأن لا يغضب، ويحاول أن يتعامل مع المواضيع بحكمة، وتعقّل، والغضب والعصبية لن يساعداه على حل الموضوع، بل سيوتّر الأجواء، وقد يخلق مشكلة أكبر، لذا على الشخص أن يتحكم جيداً بنفسه، ويسيطر عليها، ويحافظ على هدوئه، وبالتالي استقرار النفس، وحفاظها على ثباتها، وبقاء النفسية بحالة جيدة.
القيام بأعمال الخير
يجب على الشخص أن يُحبّ الخير للناس، ويجلب لهم السعادة، فسعادتهم انعكاس لسعادته، فليعمل على نشر السعادة بين الناس، ويشاركهم أفراحهم، ويواسيهم في أحزانهم، ويقدّم لهم المعونة بجميع الطرق، ويتعامل معهم بكل محبة وسعادة، وليمرس نفسه على أن تكون حياته على هذا النهج، لأنه إن استمر على ذلك الحال، فإن ذلك لا بدّ من أن يؤثر عليه إيجاباً، وبالتالي انعاكسه على حياته.