كيف أنظم جدول حياتي
الحاجة لتنظيم حياتنا
في العصر الحالي عصر السرعة يشعر الكثير بالضغط من كثرة متطلّبات الحياة وكل ما يجب متابعته وإنجازه، حيث إنّه في العصور السابقة كانت الحياة أبسط بكثير والأعمال والواجبات اليومية كانت روتينية وبسيطة، في حين أن الأعمال والواجبات اليومية في العصر الحالي تتعدد وتختلف من شخص لآخر، وهي تتشابك وتتداخل، وكثيراً ما يتم نسيانها أو إهمال بعضها للقيام بغيرها، ولكن من خلال اتباع برنامج مكتوب أو على شكل جدول يستطيع الشخص أن يُنجز أعمالاً أكثر بسرعة أكبر وفعالية أفضل.
نقاط القوة ونقاط الضعف
قبل أن تكتب جدولاً تنظّم فيه كل أمور حياتك، يفضّل أن تحدد نقاط القوة ونقاط الضعف لديك، لأن الشكل العام للجدول سيعتمد عليها، وفي الجدول ستكشف عن سماتك الشخصية وعن كيفية إنجازك الأمور، وما هي الأمور التي تحب القيام بها وإنجازها، فقد تكون ممن يحبون أداء الأعمال ببطء حتى تتأكد من أن كل شيء مثالي، أو قد تكون ممن يحبون العمل بسرعة، وبالتالي بكمية كبيرة وتكون النتيجة مقبولة دون أن تكون مثالية، قد تحب عمل الأمور المختلفة حتى لا تمل، فتوزع المهام المتشابهة على أيام مختلفة حتى لا تصاب بالسأم، أو قد تحب أن تنجز الأمور المتشابهة في الوقت نفسه، لأنها تترك في نفسك نوعاً من الوحدة والتنظيم بدلاً من تفتيتها والقيام بها عشوائياً، وغيرها من الأمور والسمات.
وعليك أن تكون صادقاً من نفسك عند تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف، ففي النهاية على الجدول أن يُظهر نقاط القوة ويستخدمها بفاعلية، ويتجنب نقاط الضعف.
الأولويات
اكتب قائمة بكل ما يهمك في الحياة، واعلم أن كل شخص لديه اهتمامات مختلفة تميزه، فربة المنزل لديها اهتمامات مختلفة عن الموظفة، كما يكون للطالب المدرسي أو الجامعي اهتمامات مختلفة، ولا يجب أن تقتصر القائمة على الأمور الدراسية أو أمور العمل، فيمكنك إضافة أي أمر يهمك شخصياً، مثلاً كأن ترغب بإضافة دراسة التجويد أو حفظ القرآن الكريم أو الحديث، أو قد ترغب بإنقاص وزنك أو زيادة لياقتك البدنية أو ربما ترغب بعمل خطة للتوفير وتحديد المصاريف، أو أية أمور أخرى ترغب بتعلُّمها أو إنجازها أو التخطيط لها في حاضرك أو مستقبلك. وبعدها تأمّل كل ما كتبته ورقّم كل أمر من الأكثر أهمية إلى الأقل، وذلك حتى تحدد أولوياتك.
اكتب كل ما يخطر على بالك، سواء العناية بالمنزل والتنظيف، أو الدراسة أو العمل أو ما يخص الحياة الاجتماعية من علاقات اجتماعيّة مثل الزيارات والاتصالات وغيرها أو أيّة واجبات أو مسؤوليّات أنت مُلزم بها، أو غيرها من الأمور. ولا تنسى إضافة ما تحب مثل هواية أو وسيلة ترفيه، حيث إن لها أهمية كبيرة في مساعدتك على تحقيق كل الأمور الأخرى؛ فالراحة النفسيّة تساعدك على إنجاز أمور أكثر وأسرع وبفاعليّة أعلى، ويكون ذلك بإضافتك للرسم أو القراءة أو مشاهدة التلفاز أو حتى بحرصك على اقتطاع ربع ساعة كل يوم للجلوس منفرداً وتناول كوب من الشاي حتى تريح أعصابك وتصفّي أفكارك.
جدول حياتيّ
وزّع كل الأمور المهمة التي كتبتها في الخطوة السابقة في جدول شهريّ، بحيث توزع ما ترغب بتحقيقه أو تنظيمة على اثني عشر شهراً، فمثلاً إذا أردت أن تحفظ خمسة أجزاء من القرآن الكريم خلال سنة فهذا يعني أن تحدد نصف جزء تقريباً لكل شهر، ثم تكتب جدولاً أسبوعيّاً، وتوزّع كل أمر كتبته في كل شهر على أربعة أسابيع، كأن تحفظ عدداً معيناً من الصفحات من القرآن في كل أسبوع، أو أن تحفظ صفحات معينة خلال ثلاثة أسابيع، وثم تجعل الأسبوع الرابع للمراجعة، وذلك يعتمد على ما تجده مناسباً لسماتك الشخصية التي حددتها في الخطوة الأولى، وثم اكتب جدولاً يومياً لكل يوم من أيام الأسبوع ويمكنك عمله بتوزيع كل المهام بالتساوي على أيام الأسبوع المختلفة، أو توزيعه بما يتناسب مع رغبتك وسماتك الشخصية فقد ترغب مثلاً بجعل يوم الجمعة بأقل عدد ممكن من المهام، أو على العكس بأن تجعل المهام مُركزة بتوزيعها على أيام نهاية الأسبوع، وذلك اعتماداً على تفرّغك فيها. ويمكنك أيضاً عمل جدول لتقسيم المهام اليوميّة على ساعات اليوم.
أجندة يومية
أحضر أجندة أو دفتر ملاحظات صغير الحجم، واكتب في كل ليلة قائمة بما تريد عمله في اليوم التالي، واعتمد على الجدول اليومي الذي كتبته في الخطوة السابقة، ثم أضف بعدها الأمور التي تطرأ خلال يومك أو أسبوعك الحالي، فهناك أمور تطرأ فجأة وبشكل آني ولا يمكن التخطيط لها بشكل سنوي فهي تُنجز مرة واحدة فقط حالما طرأت، وكتابتها تكون لهدف التذكير بها وليس التخطيط لها.
العاجل والمهم
انظر إلى القائمة التي كتبتها في الخطوة السابقة ورقّم كل أمر في القائمة، واجعل ما هو مهم وعاجل أولاً، ثم ما هو مهم ولكن غير عاجل، وبعدها ما هو عاجل ولكن غير مهم، وفي النهاية اجعل ما هو غير عاجل وغير مهم، والأهمية ترجع أيضاً إلى الأولويات التي حددتها ومدى أهميتها لك عندما رقّمتها، أما العاجل من الأمور فهي التي يكون لها وقت معين يجب أن تكون فيه، ولا يمكن أن تُنجز في أي وقت آخر، حيث إنّك إذا لم تقم بها في وقتها فإنها تفسد أو تصبح غير قابلة للتنفيذ. ولاحظ أن المهم يُقدَّم على العاجل، وكثيراً ما يتم الخلط بين الاثنين فتركز على ما هو عاجل ولكن غير مهم، وينتهي بك الأمر بالقيام بأمور صغيرة كثيرة وليست ذات أهمية عالية، وذلك فقط لأنك ترى أنها عاجلة وطرأت فجأة ويجب أن تقوم بها اليوم دون غيره من الأيام، في حين أنك تؤجل الأمور المهمة لأنها غير عاجلة، وثم تؤجلها مجدداً في اليوم التالي، وتؤجلها مرة أخرى وأخرى حتى تنساها أو تسأم منها ولا تنجزها في النهاية.
وأية أمور لا يتم إنجازها في ذلك اليوم فيمكنك أن تكتبها في الصفحة التالية الخاصة باليوم التالي، وذلك وأنت تكتب خطة اليوم التالي في الجندة، واجعل لها الأولوية حتى لا تؤجلها كل يوم دون إنجازها، ولاحظ أن وقت الترفيه أو الراحة أو ممارسة الهواية التي تحبها هو أحد الأمور المهمة والعاجلة والتي لا يجب أن تؤجلها حتى لو ضاق الجدول اليومي عليك، فيمكنك أن تقلل من كميتها ولا تؤجلها أو تُلغيها.
الحوافز والمكافآت
تأكّد من إعطاء نفسك حافزاً أو سبباً لكل مهمة تقوم بها، فالأمور التي ترتبط بهدف أكبر منها أو فكرة سامية عادة ما تضمحل وتفقد أهميتها بسرعة، فمثلاً إذا كنت تريد الدراسة وتحسين تحصيلك العلمي في الجامعة أو المدرسة فعليك أن تحدد هدفك من تلك الدراسة، كأن تربطها بحلم العمل في تخصص معين أو العيش بأسلوب حياة معين في المستقبل، أو تربط العمل بجد بترقية أو علاوة للحصول على سيارة جديدة أو شراء منزل أو غير ذلك، فربط العمل اليومي الروتيني الصغير بهدف أكبر -على المدى البعيد- يساعدك على أداء بذلك العمل بحماس وبإتقان بدلاً من عمله دون تفكير بشكل روتيني ورتيب ومتوسط دون إتقان.
وعليك إعطاء نفسك مكافآت عندما تحقق هدفاً معيناً، مثلاً عندما تلتزم بالجدول وتحفظ جزءاً من القرآن الكريم فعليك مكافأة نفسك بعمل شيء تحبه كأن تخرج أو ترفه عن نفسك، فتربط الإنجاز بالمكافأة وذلك في عقلك الباطن فترغب بالإنجاز أكثر.