كيف تم اكتشاف المغناطيس

المغناطيس

المغناطيس (بالإنجليزية: Magnet): هو كُلّ مادّة تجذبُ الحديد، وتكون قادرة على إنتاج حَقل مغناطيسيّ في مُحيطها،[١] ويحتوي المغناطيس على إلكترونات تَملك مدارات غير مُتساوية، وحركة دورانيّة غير مُنتظَمة،[٢] وتتعدَّد أشكال المغناطيس؛ فقد يكون على شكل قضيب، أو على شكل حذوة فرس، كما يتكوَّن المغناطيس بشكل أساسيّ من قُطبَين مُتعاكسَين؛ أحدهما يُشيرُ دائماً إلى اتّجاه الشمال الجغرافيّ، وهو القُطب الشماليّ، والآخر يُشيرُ إلى اتّجاه الجنوب الجغرافيّ، وهو القُطب الجنوبيّ، وعند وَضْع مغناطيسَين بجانب بعضهما البعض، فإنّ كلّاً منهما يُؤثِّر في الآخر بقوّة، حيث قد تكون القوّة إمّا بالتنافُر، أو بالتجاذُب؛ حيث تنشأ قوّة التنافُر عند تقريب قُطبَين شماليّين من بعضهما، في حين تنشأ قوّة التجاذُب عند تقريب قُطب شماليّ من قُطب جنوبيّ، وتُسمّى الموادّ التي تُظهرُ تأثيرات مغناطيسيّة قويّة باسم (الموادّ الفِرّومغناطيسيّة)، مثل: الحديد، والكوبالت، والنيكل، والغادولينيوم، كما تُوجَد موادّ لها تأثيرات مغناطيسيّة طفيفة، ولا يمكن قياس مغناطيسيّتها إلّا باستخدام أجهزة قياس مُعقَّدة.[٣]

كيفيّة اكتشاف المغناطيس

يُعَدّ المغناطيس، والمغناطيسيّة، من أقدم الظواهر الفيزيائيّة التي عَرَفها، واكتشفَها البشر عبر التاريخ؛ حيث يُعتقَد أنّه تمّ اكتشاف المغناطيس قبل الميلاد بعدّة قرون، ويُرجِّح المُؤرِّخون أنّ الفَضل في اكتشاف المغناطيس يعود إلى راعي أغنام يونانيّ اسمه ماغنس، وتقول الرواية إنّ هذا الراعي كان واقفاً على قمّة جبل في جزيرة كريت، وأحسَّ بأنّ شيئاً يَجذبُ طَرف عصاه ومسامير نعلِه بشكل قويّ إلى الأسفل، ممّا دَفعه إلى الحَفْر عند مَوضع قدميه، ليجدَ حجراً يجذبُ الحديد ، وقد أُطلِق على هذا الحجر اسم المغنتيت، أو حجر المغناطيس (بالإنجليزيّة: Lodestone)، ويُمثِّل هذا الحجر الشكل الأصليّ للمغناطيس، واستطاع البشر بعد ذلك صناعة المغناطيسات من الفولاذ، وتشكيلها بأشكال مختلفة ، كما خلطوه مع الحديد، والنيكل، والألومنيوم، والكوبالت، وبعض المعادن الأخرى، وقد تبيَّن وجود حجر المغناطيس بكثرة في أراضي السويد، والنرويج، كما أنّ الإغريق أطلقوا على المغناطيس اسم “ماغنيطس” أي الحجر، أمّا العرب والفرس فقد أطلقوا عليه اسم “مغناطيس”، كما عُرِف المغناطيس عند الفرنسيّين باسم “أيمان” وعند الهنود باسم “جمباك” وتعني الحجر المقبل.[٤][٥]

وقد ساهم اكتشاف المغناطيس، والظاهرة المغناطيسيّة في ابتكار البوصلة، والتي تُعَدّ إحدى أهمّ أدوات الاستدلال المكانيّ، والمِلاحة، وهي تُستخدَم لتحديد الاتّجاهات على كوكب الأرض، ويُعَدّ الصينيّون القدماء أوّل من ابتكر البوصلة في القرن الرابع للميلاد، حيث لاحظوا أنّ أيّ قضيب، أو إبرة مغناطيسيّة، تدور بشكل حرّ حول نقطة، تسيرُ باتّجاه القُطب الشماليّ المغناطيسيّ، ويعود سبب ذلك إلى وجود الحقل المغناطيسيّ للكرة الأرضيّة، والذي يتّجه من القُطب الشماليّ إلى القُطب الجنوبيّ، المُتشكِّل بسبب دوران الأرض حول نفسها، بالإضافة إلى حركة الصخور، والمعادن المُنصهرة في باطن الأرض، كما ساهم اختراع البوصلة في مساعدة البحّارة، والمغامرين على استكشاف بعض الجُزُر، والمناطق الجديدة، مثل القارّة الأمريكيّة، بالإضافة إلى المُساعدة في رَسْم الخرائط بدقّة جيّدة، وعلى الرغم من ذلك، أصبح استخدام البوصلة في وقتنا الحالي نادراً للغاية؛ بسبب ابتكار نظام التوجيه بالأقمار الصناعيّة (GPS)، وبالإضافة إلى أهمّية المغناطيس في ابتكار البوصلة، فإنّ له استخدامات عديدة أخرى، مثل استخدامه في: المُحرِّك، والسمّاعات، والمُولِّد، وفي الأشرطة المطّاطية في أبواب الثلاجة، والتي تمنع تسرُّب الحرارة إلى داخل الثلاجة.[٦][٧]

مبدأ عمل المغناطيس

تحتوي المعادن في داخلها على العديد من الإلكترونات التي تدور حول نواة كل ذرّة، وينتج المجال المغناطيسيّ من حركة الشحنات ، وفي بعض المعادن تدور الإلكترونات في اتّجاهين مُتعاكسَين، بحيث يلغي مجال أحدها الآخر، وقد تدور هذه الإلكترونات في بعض المعادن في اتّجاه واحد، بحيث تُولِّد حقلاً مغناطيسيّاً، وعلى الرغم من ذلك، فإنّه لا يمكن اعتبار المادّة مغناطيسيّة فقط بالاعتماد على حركة الإلكترونات حول الذرّة، فقد تلغي بعضها البعض، وبالتالي لا يتولَّد حقلٌ مغناطيسيٌّ، في حين تعمل الذرّات في الموادّ المغناطيسيّة، مثل الحديد، على سَحْب بعضها البعض لتكوِّن نطاقات مُرتَّبة في اتّجاه واحد، إلّا أنّ الذرّات قد تتجمَّع في جزء آخر من المادّة، باتّجاه مختلف، ممّا يؤدّي إلى إلغاء بعضها البعض، وعليه فإنّه يمكن بشكل عام إنشاء مغناطيس، عن طريق وَضْع الحديد داخل مجال مغناطيسيّ أكبر، مثل المجال الكهربائيّ المصنوع باستخدام المغناطيس الكهربائيّ.[٢]

المجال المغناطيسي

تكون القُوى الداخليّة بين الجزيئات في مُعظم الموادّ في حالة توازُن، ويتحقَّق ذلك عندما تدور نصف الإلكترونات في اتّجاه، والنصف الآخر يدور في الاتّجاه المعاكس، إلّا أنّ هذا لا يحدث في الأجسام والموادّ المغناطيسيّة، حيث تدور الإلكترونات في هذه الموادّ في أحد الأقطاب بشكل يُخالف اتّجاه دورانها في القُطب المقابل، ممّا يُولِّد حالة من عدم التوازُن في القُوى بين أقطاب المغناطيس، ويؤدّي ذلك إلى تكوُّن ما يُعرَف بالمجال المغناطيسيّ (بالإنجليزيّة: Magnetic Field)، حيث ينشأ المجال المغناطيسيّ؛ بسبب حركة الشحنات الكهربائيّة، وتتحرَّك الإلكترونات في ذرّات المغناطيس بشكل مُستمرّ؛ لتنتجَ المغناطيسيّة، وهناك نوعان من هذه الحركة، هما: بَرْم الإلكترون، ودوران الإلكترون، وتتمثّل حركة المجال المغناطيسيّ بين الأقطاب بخطوط تُعرَف باسم (خطوط المجال المغناطيسيّ)، ويكون اتّجاه هذه الخطوط دائماً من القُطب الشماليّ، ويُرمَز له بالرمز (N)، إلى القُطب الجنوبيّ والذي يُرمَز له بالرمز (S)، كما تُوجَد علاقة بين خطوط المجال المغناطيسيّ، وشدّته، حيث تزداد شدّة المجال المغناطيسيّ بزيادة تقارُب الخطوط من بعضها البعض، إضافة إلى أنّ شدّة المجال المغناطيسيّ تكون أكبر ما يُمكن عند القُطبَين.[٨][٩]

المراجع

  1. “Magnet physics”, www.britannica.com, Retrieved 20-7-2018. Edited.
  2. ^ أ ب “What is a Magnet?”, study.com, Retrieved 12-6-2018. Edited.
  3. دوغلاس س. جيانكولي، الفيزياء: المبادئ والتطبيقات، صفحة: 554-555. بتصرّف.
  4. سائر بصمه جي، تاريخ العلوم المصور، لبنان-بيروت: دار المعرفة، صفحة: 25. بتصرّف.
  5. أحمد توفيق حجازي، الطب البديل: المعالجة المغناطيسية : القوة خلف العلاج المغناطيسي بالمس وعن بعد، عمان-الأردن: دار أسامة للنشر والتوزيع، صفحة: 14. بتصرّف.
  6. خير شواهين، الكهرومغناطيسية، بعض استخدامات المغناطيس. بتصرّف.
  7. أسامة زيد وهبة الصيادي، دار الساقي، أهم الاختراعات والاكتشافات في تاريخ الإنسانية، البوصلة. بتصرّف.
  8. د. على محمد عبد الله، الطاقة المتجددة، صفحة: 22. بتصرّف.
  9. Paul G. Hewitt‏، John A. Suchocki‏، Leslie A. Hewitt ‏، مفاهيم العلوم الفيزيائية: Conceptual Physical Science، صفحة: 211. بتصرّف.