كيف اكتشف نيوتن الجاذبية

قوانين الطبيعة

تزخر الطبيعة بالعديد من الأسرار والخبايا التي حاول الإنسان كشفها عبر الزمن، وإلى الآن لا يزال هناك الكثير من المظاهر الغريبة التي تحدث ولم يُعثر لها على تفسيرٍ علمي ومنطقي، وهذا العالم الذي نسكنه تجلّت فيه قدرة إله عظيم، يدلّ على قدرته من خلال كلّ شيء نراه حولنا، من سماء، وأرض، وحيوانات، ونباتات وفي أنفسنا، وكلّها تدل عليه سبحانه.

هناك المئات من الظواهر الطبيعيّة التي تحدث يومياً، والتي قد لا نلقي لها بالاً، ولا نهتمّ لسبب حدوثها، إلا أنّ هناك فئةً من الناس ممّن حملوا شعلة العلم، وأضاؤوا طريقنا؛ موضحين، ومفسرين، ومحللين العديد من الظواهر التي تحدث في الطبيعة، موضحين كيفيّة الاستفادة منها، وكيف تقودنا تلك الظواهر الى معرفة ظواهر أخرى بحلقة متسلسة ومتصلة ببعضها البعض.

ساعد هولاء العلماء الذين قضوا عمرهم في التعرّف على أسرار الطبيعة وما يحدث فيها على التقدّم العلميّ، والتكنولوجيّ الذي نشهده الآن، وهذا ما حدث تماماً مع إنسان كان يظنّ نفسه عادياً إلى أن جاءته الفرصة، وبرهن على عبقريّةٍ فذّة، أعلن عنها من خلال محض صدفة، إنّه العالم إسحاق نيوتن.

إسحاق نيوتن

ولد إسحاق نيوتن، وهو عالم إنجليزي فيزيائي، في قرية سيرلسكا نيو تاون البريطانية في الشهر التاسع من سنة ألف وستمئة واثنتين وأربعين، وهو يتيم الأب، وينحدر من عائلة غنيّة وذات أصول عريقة، وقد عاش مع جدّه لأمه بعد زواج أمّه بسنوات قليلة منى وفاة أبيه.

كان طالباً كسولاً في المدرسة، وخاملاً، وكثير الشرود، وعصبي المزاج، ولم يكن لديه أيّ ميول للتحصيل العلميّ، فخرج من المدرسة وعمل في مجال الأعمال الحرّة، ولكنّه فشل أيضاً، فما كان من خاله إلّا أن أخذه؛ ليعيش في بيت مدير المدرسة في بلدتهم، ليختلط بأبنائه ، ومن هنا بدأ حبّ نيوتن للقراءة والتّعلم بالظهور، وتغيّرت شخصيته تماماً، ليلتحق بجامعة كامبردج في سن الثامنة عشر للدراسة فيها.

الجاذبية

كلنا نعرف قصّة التّفاحة التي سقطت على رأس شخصٍ جالسٍ على مقعدٍ في يومٍ صيفي هادئ، في حديقة في بريطانيا، وهذه الحادثة شكلت تحولاً علمياً كبيراً بدأ بسقوط تفاحة، وأنتهى بسلسلة من الأكتشافات العلمية العظيمة والتي فكّت لغز العديد من خبايا وأسرار الطبيعة الواحدة تلو الأخرى، وكأنها سلسلة قد فكّت حلقاتها.

إسحق نيوتن هو ذلك الشخص الذي سقطت على رأسه التفاحة، وهذا السقوط أوجد في عقله تساؤلاً منطقيّاً وهو: لم سقطت التفاحة إلى أسفل، ولم تحلّق إلى الأعلى؟؟؟

هذا السقوط أجّج ثورةً علميةً كبيرة أوجدت قانون الجاذبية، الذي جعل العالم يشهد لنيوتن بالنّبوغ والعظمة إلى وقتنا الحاضر، ومن خلالها قدّم العالم نيوتن تفسيراً منطقياً لسقوط الأشياء الى الأسفل، وأدّلة وبراهين تدلّ على أنّ الحركة الأرضية، وحركة الأجرام السماوية تحكم من قبل القوانين الطبيعيّة، وهذا ما فسر قانون الجاذبية.

تفسير نيوتن لحقيقة الجاذبية والتي وجد أنّها توجد فى كل الأجسام، وتجذب إليها الأجسام الأخرى بقوة، كان تفسيراً علمياً منطقياً والذي أثبته في عام ألف وستمئة وأربعة وستين، ومن ثمّ وضع نيوتن قانون الجذب العام القائل: أنّ أيّ جسمين كرويين فى الوجود يجذب كل منهما الآخر بقوة جذب، وتتناسب هذه القوة طردياً مع حاصل ضرب كتلة الجسمين، وعكسياً مع مربع المسافة بينهما، هذا الاكتشاف ساعد في رصد حركة الكواكب في المجرّات، ومعرفة كواكب جديدة، مثل: كوكب بلوتو، وأورانوس، ونبتون.

إنجازات أخرى لنيوتن

وضع نيوتن العديد من النظريّات العلميّة والفيزيائيّة التي تتعلّق بحركة الكواكب، والمجرات، وسرعة الضوء، وصنّف العديد من القوانين الفيزيائية لتفسير العديد من الظواهر الطبيعية، وبرهن العديد من القوانين الرياضية التي وضعها العديد من العلماء قبله مثل: نظريات كيبلر الرياضية والمتعلقة بحركة النجوم، والكواكب، ونظريات الضوء الذي أثبت فيها أنّ الضوء مكوّن من مجموعة جسيمات صغيرة تحدث له انعكاسات مختلفة في اتّجاهات متعددة، كما وضع قواعد المعادلات الرياضيّة من التكامل والتفاضل، واعترافاً بفضل العالم نيوتن على الحركة العلمية المعاصرة أطلق على وحدة قياس القوّة بوحدة نيوتن كاسم العالم الفذ.

من أهم إنجازات نيوتن صنع التلسكوب بالمرايا، وهذا سهّل كشف ورصد حركة الأجرام السماوية البعيدة، كما قام بتحزيز النقود المعدنية لمنع تآكلها، كما وضع عدداً من الكتب والمؤلفات التي حفظ فيها ما توصّل له من النظريات المعرفية وكان منها: كتاب الأصول الرياضية، وكتاب البصريات.

مات العالم إسحاق نيوتن في لندن عام ألف وسبعمئة وعشرين، وترك إرثاً علمياً وحضارياً لا زال يدرس الى الآن.