مفهوم القرض الحسن ومشروعيته
مفهوم القرض الحسن
يعتبر القرض الحسن ما يعطيه المُقرض من المال إرفاقاً بالمقترض ليرد إليه مثله وذلك دون اشتراط زيادة، ويطلق هذا اللفظ كما جاء في القرآن الكريم على المال الذي ينفق على المحتاجين، طلباً للأجر والثواب من الله عز وجل، وذلك يمثل أحد أبواب التكافل الاجتماعي التي شرعها الإسلام وحث المسلمين عليها، وهذا القرض على عكس القرض الربوي الذي يتضمن زيادة محددة تسمى الربا.
أنواع القرض الحسن
- القرض بين العبد وربه، حيث يدفعه المسلم عوناً لأخيه دون استرجاع، كالإنفاق في سبيل الله.
- القرض بين المسلم وأخيه، وقد اختلفت التعريفات حول هذا النوع من القرض الحسن، فالمذهب الحنفي قال إنّه ما تعطيه مثلياً لتتقاضاه، أما المذاهب الشافعي والمالكي والحنبلي فقالت إنّه ما تُعطيه وتأخذ عوضه سواء أكان مثلياً أم قيمياً.
مشروعيّة القرض الحسن
إن الحكم العام للقرض الحسن هو الجواز، فهو يجوز للحاجة وقد دل على ذلك الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس الصحيح كالآتي:
- في الكتاب فيقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج: 77].
- في السنة يقول الرسول صلَى الله عليه وسلم: (المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُه ولا يُسلِمُه، ومن كان في حاجةِ أخيهِ كان اللهُ في حاجتِه) [صحيح].
- في الإجماع نرى ذلك في تعامل المسلمين، فلم يكتفي الإسلام بوضع قواعد لتنظيم المال المقترض، وإنما حث عليه وحرض المؤمنين على دفعه، حيث وعدهم الله بالثواب عليه، وجعله قربة يتقرب بها العبد الى ربه.
مع أهمية القرض الحسن في الإسلام وما جعل الله سبحانه وتعالى عليه من الأجر، إلا أننا لا نجد له أثراً في ثقافة المسلمين اليوم مع أنه يمكن أن يصنف ضمن الأهمية الاجتماعية، حيث إنّه يعتبر من أهم الأشياء التي حث عليها الإسلام لتصغير الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
إحياء القرض الحسن
على الرغم من أنّ فكرة البنوك الإسلامية قامت بالأساس على القروض الحسنة الخالية من الفوائد الربوية، إلا أنّ هذا المنطق أخذ بالاندثار مع تطور هذه البنوك التي أصبحت تركز على تجميع المدخرات واستثمارها لتحقيق أكبر العوائد لمالكي هذه المصاريف والمساهمين والمستثمرين، ومن الممكن إعادة إحياء القرض الحسن من خلال تقوية علاقة الناس بالخالق سبحانه وتعالى، وتقريبهم من الخير، وإعادة تذكيرهم بالأجر والثواب من الله عز وجل، وضرورة إنشاء العديد من المصارف الإسلامية التي من خلالها سيبتعد الناس عن الربا وما يؤدي إلى الشر.