مفهوم العدالة الانتقالية

العدالة الانتقاليّة

يُقصد بالعدالة الانتقاليّة مَجموعة من التّدابير القضائيّة وغير القضائيّة التي تُطبّقها العديد من البلدان؛ بهدف مُعالجة الانتِهاكات الكثيرة لحقوق الإنسان؛ حيث تشمل هذه التّدابير: ملاحقاتٍ قضائيّة، ولجان الحقيقة، وأشكال عديدة ومتنوّعة تستهدف إصلاح المؤسّسات؛ فالعدالة الانتقاليّة ليست نوعاً خاصّاً من العدالة، بل هي مُقاربة من أجل تحقيق العدالة خلال مدّة الانتقال من المنازعات وقمع الدّولة، بواسطة تحقيق المحاسبة العادلة، والتّعويض عن الضّحايا.

أهمّية العدالة الانتقاليّة

يَحق للضّحايا بناءً على أثر الانتهاكات الجسيمة على حقوق الإنسان أن يَشهدوا معاقبة من ارتكبوا الجرائم، ومعرفة الحقيقة، والحصول على تعويضات؛ حيث إنّ الانتهاكات لا تؤثّر على الضّحايا فقط، بل على المجتمع ككل، فيستوجب على الدولة ضمان الإيفاء بهذه الموجبات وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، وذلك من خلال إصلاح المؤسّسات التي كان لها يد فيها، أو كانت غير قادرة على تفاديها، وغالباً فإنّ هذه الانتهاكات الجسيمة التي لم تُعالج ستنتج عنها انقسامات اجتماعيّة، وغياب الثقة بين المجتمع ومؤسّسات الدّولة، بالإضافة إلى عرقلة الأمن وأهداف التّنمية، وإبطاء تحقيقهما.

أهداف العدالة الانتقاليّة

  • الهدف الأساسي للعدالة الانتقاليّة هو تحقيق المُصالحة الوطنيّة، حيث إنّه من بعد الانتهاكات الكبيرة في حقوق الإنسان سيفقد المجتمع الثّقة بحكم القانون، والآليات التقليدية للعدالة، وغالباً ما يظهر ذلك في الدول التي عَانت من حُروبٍ ونزاعات أهليّة، حيث تتشكّل لديها دوافع قوية للانتقام، ممّا سينتج عنه عنف متبادل.
  • إصلاح المؤسّسات في الدّولة، وفي مقدّمتها مؤسّسات الجيش والأمن، والمؤسّسات جميعها التي تورّطت في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، أو التي لم تحاول منع ارتكابها، ومن هنا قد تتوصل الدولة لمنع تكرارها مستقبلاً.

استراتيجيّات العدالة الانتقاليّة

  • إقامة الدّعاوى الجنائية والتحقيقات مع المسؤولين عن ارتكاب الانتهاكات، ومن الأمثلة على مثل هذه الدّعاوى: المُحاكمات التي حدثت في نورمبرج التي أُجريت للنّازيّين في البلاد الألمانية من بعد الحرب العالمية الثّانية.
  • لجان الحقيقة: هي عبارة عن هَيئات غير قضائية تُجري تحقيقات تخصّ الانتهاكات التي حدثت في الماضي القريب، ثم تُصدر تقارير وتوصيات بهدف إيجاد طرق ووسائل لمعالجة الانتهاكات والترويج للمصالحة، وتعويض ضحايا الانتهاكات، وتقديم المُقترحات التي من شأنها الحدّ من تكرّرها في المستقبل ومَنعها.
  • برامج التّعويض: هي عبارة عن مُبادرات تدعمها الدّولة، من أجل المُساهمة في جبر الأضرار المعنويّة والماديّة التي نتجت عن انتهاكات الماضي، حيث تُوزّع تَعويضات رمزيّة وماديّة على الضّحايا، ومن ضمنها الاعتذارات الرّسميّة.
  • إصلاح المؤسّسات: الهدف هنا هو إصلاح المؤسّسات التي كان لها دور في الانتهاكات، مثل: القطاع الأمنيّ، والمؤسّسات القضائيّة والعسكريّة والشرطية ونحو ذلك من تدابير، مثل: التخلّص من بعض المسؤولين غير الأكفياء.