مفهوم القيم الروحية لغة واصطلاحاً

القيم

قبل أن نتحدّث عن القيم الروحية، ينبغي أن نبدأ بالمفهوم العام للقيم؛ حيث تُعرّف القيم على أنّها المعايير والمقاييس التي نتصرف ونحكُم وفقًا لها، ونحدد المرغوب وغير المرغوب من السلوكات على أساسها. تُعتبر القيم المسؤول الأوّل عن توجيه سلوكات الإنسان وتحديد أهداف أفعاله، ويمكننا القول إنها ما يُميّز الإنسان عن غيره من المخلوقات.

وضع الإنسان قيمه عبر الزمن، كقوانين تُنظّم حياته وتحكم أهواءه، تبعاً لشكل المجتمع الذي يعيش فيه وضوابطه الاقتصادية والتاريخية والمجتمعية، ولا نغفلُ بالطبع عن ذكر الأديان كمشرّع مهم للقيم، حيث أخذت الحضارات المتديّنة قيمها ومبادئها من الدين، الذي حدد علاقة الإنسان بالكون والآخر، ونظّم حياته وشؤونه.

القيم الروحية لغة واصطلاحاً

لغةً تُنسب القيم الروحية إلى الروح، أي إنّ محلها عالم الروح ومكنوناته لا الجسد، أمّا اصطلاحاً؛ فيمكننا القول إنّها مجموعة العقائد والتراث والمفاهيم المجتمعية والآداب، التي تظهر في سلوك الأفراد والجماعات وعلاقاتهم ببعضهم، غير القائمة على النفعيّة أو المصالح المباشرة.

الحاجة إلى القيم الروحية

يتكون الإنسان من جسدٍ ونفسٍ وروح، وهذا يعني حاجته لقيم تُهذّب وتنظم جانبه النفسي والروحي- دون إغفالٍ لمتطلباتِ الجسد وحاجاته- وتسيّرها في الاتجاه الصحيح الذي يحقق سعادته الذاتية وينظّم علاقته بالآخر، ويسهم في الارتقاء بمجتمعه.

القيم الروحية في الإسلام

ركز الإسلام على الجانب الروحي للإنسان، ويتجلّى هذا في الخطاب الإلهي له في القرآن الكريم، وتركيز السنة على الأخلاق، والحث عليها، من هنا نستطيع تعريف القيم الروحية في الدين الإسلامي على أنها مجموع الأخلاق والفضائل والعبادات، التي تخاطب باطن الإنسان وكيانه الداخلي، وتنظم علاقته مع ربّه ونفسه ومجتمعه، واستناداً إلى كونها معتمدة على القرآن والسنة فهي ثابتة وشاملة ولا تتأثر بالزّمان أو المكان.

مظاهر التّحلي بالقيم الروحية

  • تحقيق استقرار النفس وسلامها وسعادتها.
  • تخليص المجتمعات من الآفات التي قد تدمّرها؛ كالسرقة والقتل والظلم.
  • ترابط الأفراد في المجتمع، وسموّ الروابط الروحية، كالحب والصداقة والأخوّة.
  • زيادة إنتاجية الأفراد، وسعيهم نحو صلاح المجتمع الذي ينتمون إليه وخدمته.
  • الحد من انتشار الفقر، بزرع قيم التكافل والتعاون الاجتماعي.
  • تقدّم المجتمع ورفعته بصلاح أفراده.

تنويه
إنّ التقدّم الحضاري والعلمي أدى اليوم إلى سيادة القيم المادية وطغيانها في سلوك الإنسان وعلاقاته واضمحلال القِيم والرّوابط الروحية النقية، وإذا لم نحاول استعادة القيمة الروحية وسيادتها في حياة الفرد، فإنّ الحضارات ستكون مهدّدةً بالزوال حتماً؛ حيث إنّ التقدم المادي وحده لن يُسهم في استمرارها، وانطلاقاً من حقيقة تلازُم الروح والمادة في الحياة، تظهر أهمية تلازم القيم الروحية والمادية.