مراحل التطور التاريخي للاتصال

الاتصالات

من مفرزات الثورة العلمية والتكنولوجيَّة الهائلة هذا التقدم الهائل والكبير في وسائل الاتصال، حيث أضحى ذلك آية من آيات العصر الحديث، حتى بتنا نلمس تطوراً نوعيَّاً متزايداً في وسائل الاتصال، وهذا لم يأت من فراغ، وإنّما هو ضمن تراكمات متصاعدة مرت بها وسائل الاتصال عبر التاريخ، حتى وصلت إلى يومنا هذا، فقد مرت وسائل الاتصال عبر التاريخ في مراحل متعددة، تبعاً للتقدم المحيط بتلك المرحلة، والمنبثق من درجة الوعي البشري.

مراحل التطور التاريخي للاتصال

الاتصال غير اللفظي وعبر الإشارات

اقتصر الاتصال بين البدائيين عبر مجموعة محدودة من الأصوات؛ كالزمجرة، والصراخ، والهمهمة، والهدهدة، وكذلك من خلال الإشارات بالأيدي والأرجل، واتَّصف الإنسان في هذه المرحلة بضعف التعبير عن ذاته، وما يجول في خلده، وتفكيره.

التخاطب والاتصال اللفظي

انتقل الإنسان في مرحلة التخاطب والاتصال اللفظي من بدائيات العهد الحجري في التواصل، نحو الاستقرار التدريجي، وقدرٍ معقول من التواصل بين البشر، بدافع حبِّ البقاء، وما يستلزم ذلك من اتِّصالات بين البشر لتنظيم شؤون حياتهم اليوميّة، وكانت الرسومات المنقوشة على الحجارة والجلود هي أدوات التواصل والتعبير في هذه المرحلة، وكان ذلك قبل سبعة آلاف سنة من الميلاد.

الكتابة بالرموز الصوتية والاتصال غير الشخصي

اعتمد الناس في هذه المرحلة على الكتابة التصويريَّة على الحجارة والمعابد، وكانت الحاجة إلى ذلك لتسجيل الأراضي والأملاك، حيث تزايدت درجة استقرار المجتمعات الزراعيَّة، ولا سيَّما عند قدامى المصريين، فكانت هذه الرسومات رموزاً للتواصل والتعبير، حيث ترمز كلُّ صورة إلى رمز معيَّن، أمّا السومريون العراقيون فقد طوَّروا الكتابة، حيث يُعَبَّرُ من خلال هذه الحروف عن الدلالات الصوتيِّة، حيث أصبح للغة العربيَّة 28 حرفاً، وللغة الانجليزية 26 حرفاً، وهكذا فلكل امّة لغتها الخاصة بها.

الطباعة

تطوَّرت وسائل الكتابة من الكتابة على الحجارة، ثمّ العصا المدببة للكتابة على ألواح الطين، وأخيراً اكتشف المصريون الكتابة على أوراق البردي، وقبائل المايا عرفت الكتابة على لحاء الأشجار، وأخيراً عرف الصينيون الورق، ليحققوا بذلك إنجازاً عظيماً، وانتشر بعد ذلك في العالم، وفي عام 1436م استُخدمت الطباعة من خلال آلة ضخمة لعصر النبيذ، ومع بداية القرن السادس عشر انتشرت مطبوعات الصحافة الورقية.

الإعلام والاتصال الجماهيري

شهد القرن التاسع عشر نقلة كبيرة في أدوات الاتِّصال ووسائله، فاختُرع التلغراف عام 1837م، واخترع جراهام بيل التلفون عام 1876م، واخترع أديسون الفونغراف عام 1890م، واخترع الايطالي ماركوني اللاسلكي ، حيث انتقل الصوت من خلاله إلى مسافات بعيدة، وَتُوِّجَ ذلك الاختراع بظهور الإذاعات الصوتيَّة لأول مرة في كندا وألمانيا عام 1919م، وبعد ذلك اختُرعت التلفزة في أمريكا، فظهر أول بثٍّ تلفزيوني عام 1941م وكذلك اختُرعت السينما عام 1895م حيث ظهر أول فيلم فرنسي صامت، وفي عام 1927م اخترعت السينما الناطقة.

الإنترنت والاتصال التفاعلي

شهد القرن العشرين قفزة هائلة في وسائل الاتصال، فكان البث الفضائي، وكان القمر الصناعي السوفييتي عام 1957م، ثمَّ الأقمار الصناعيَّة الأمريكيَّة، ليكون أول بثٍّ تلفزيوني خلالها عام 1964م، وأطلق العرب القمر الصناعي عربسات عام 1990م، وأطلقوا كذلك النايلسات عام 1996م، وبعد ذلك كانت ثورة الإنترنت كثمرة للاندماج بين تكنولوجيا الأقمار الصناعيّة، وتكنولوجيا الحواسيب الالكترونية، وإزاء هذه الثورة الهائلة في وسائل الاتِّصال والتواصل، حري بنا أن نستفيد منها بالشكل الذي يحقق المصالح العليا لما فيه سعادتنا ووجودنا ومستقبلنا، وأمننا في ذات الوقت، حيث أضحى الكون كله كتاباً مفتوحاً، فلنحسن القراءة فيه، أو الكتابة بأيدينا في ذات الوقت.