كيفية مواجهة الآخرين

المقدمة

لا بد أنك مررت بمواقف عديدة احتجت فيها إلى أن تواجه شخصًا ما تسبب لك بالأذى أو أثار غضبك، أو حتى أردت أن تواجهه بحقيقة ما ولكنك لم تستطع وسيطر عليك الخوف أو التردد أو فقدت الثقة بقدرتك على فعل ذلك. فهل هناك ما يمكن أن تفعله لتكسب الثقة اللازمة لمواجهة الآخرين؟ وكيف يمكنك فعل ذلك؟

حدد السبب

قبل أن تواجه شخصًا ما فإن عليك أن تكون على دراية تامة بالسبب الذي تواجهه لأجله، قد يكون السبب أن هذا الشخص قد أساء إليك بالقول أو بالفعل، أو أنه قد تغير في معاملتك فجأة، أو ابتعد عنك بلا سبب واضح، فراجع بينك وبين نفسك الأسباب التي دفعته لفعل ذلك، وكن عازمًا على حل المشكلة وإعادة الأمور إلى طبيعتها، واجعل هدفك أن لا تخسر علاقتك بهذا الشخص، فترك المشاكل بلا حوار أو مواجهة يتسبب في تفاقم المشكلة وإفساد العلاقات بين الناس، أما الحوار ومواجهة الآخرين فيؤدي بالطبع إلى تفهم الطرف الآخر ويقود إلى حل المشاكل تدريجيًا، لذلك كن على يقين أن مواجهتك للطرف الآخر هو الصواب، وتحلى بالهدوء والصبر والتفهم لتحقق الغايات التي تريدها.

حدد ما ستقوله

من المهم قبل مواجهة أي شخص أن تتأكد من أن لديك ما تقوله وأن تبني ما تقوله على أدلة ملموسة وأن تثبت له صحة ما تقول، ولكن هذا لا يعني أن لا تترك مجالًا للشخص الآخر بأن يبدي رأيه ويشرح موقفه حتى وإن كنت تعتقد أنه على خطأ، واحرص على أن لا يخرج ما تريد أن تقوله عن نطاق الأدب، حتى وإن كان الشخص قد أساء إليك، وحاول تجنب الغضب والانفعال أو استعمال الكلام الجارح، فهذه الأمور لن تؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة وزيادة حدتها وتقطع العلاقات، اجلس إذًا مع نفسك وابدأ بمراجعة الأمور وتحديد ما تريد قوله، ويمكن تدوين ما تريد أن تقوله على شكل نقاط على ورقة إذا كنت تخشى أن تنسى ما تريد قوله، لأن نسيان هذه الأمور يمكن أن يتسبب لك بالإحراج.

تحلى بالشجاعة

لا يمكن أن تواجه الآخرين وأن تتحدث معهم إن كنت تفتقر للشجاعة اللازمة لفعل ذلك، قد يبدو هذا الجزء هو الأصعب في عملية مواجهة الآخرين، ولكن ومن حسن الحظ فإن الشجاعة والثقة أمران مكتسبان ويمكن أن يتغيرا في شخصية الإنسان، فما دمت تريد إصلاح العلاقات والأمور وحل المشاكل فهذا دافع كاف لك لتمتلك الجرأة اللازمة لتواجه الآخرين، وتذكر أن الجرأة والشجاعة لا تعنيان التطاول على الآخرين أو رفع صوتك عليهم أو غيرها من الأفعال السلبية التي ستؤدي إلى تفاقم المشكلة، بل على العكس تمامًا فإن الشخص الجريء الواثق من نفسه يكون دائمًا هادئًَا ويناقش الآخرين بما لديه من أخلاق وأدب، ويتجنب الكلام الجارح والانفعال ورفع الصوت على الآخر مهما حصل.

حدد الوقت والمكان

يخطئ الكثير من الناس عند مواجهة الآخرين حيث لا يتفقون على موعد محدد أو مكان محدد، لذلك تجنب أن تواجه الشخص المراد إذا لم تكن قد اتفقت معه على ذلك، حتى وإن رأيته صدفة في مكان ما أو اعتقدت أنه قد يكون متفرغًا الآن لهذا الأمر، ولكن احرص على أن تخبره بأنك تود الحديث معه وأن تسأله عن موعد يناسبه، واحرص على اختيار مكان مناسب تلتقيان فيه للحديث بأريحية عن الموضوع الذي يزعجك، ويمكن أن يكون هذ1 المكان مطعمًا أو حديقة أو في بيتك أو أي مكان هادئ آخر يتيح لكما التوصل إلى حل للمشكلة، فتهيئة الشخص الذي تريد أن تقابله نفسيًا أمر مهم جدًا لكليكما، وابدأ بالحديث عما يزعجك، واطلب منه أن ينصت إليك دون مقاطعة أثناء ذلك، وبين لهم مدى انزعاجك أو حزنك أو غضبك لما قد فعله هذا الشخص في حقك.

أنصت للطرف الآخر

حتى وإن كنت على حق، فهذا لا يمنع أبدًا من أن تستمع جيدًا لوجهة نظر الطرف الآخر، فهذا الأمر مهم جدًا في عملية التواصل السليم الذي سيقود كلًا منكما إلى حل الخلاف، واحرص على أن لا تقوم بمقاطعة حديث الطرف الآخر أبدًا حتى وإن لم يعجبك ما يقوله، وأبد له أنك تستمع له بإنصات، ولا تنشغل بالتفكير في رد على ما يقول، فهذا سيمنعك من أن تنصت جيدًا لما يقول، وغالبًا وفي أية مشكلة فإن لا يوجد مخطئ واحد فقط، وأحيانًا لا يكون أي من الطرفين مخطئًا، لذلك لا تلق اللوم عليه دائمًا وراجع نفسك بعد أن تستمع إليه فقد تكون أنت أيضًا قد أخطأت، واعتذر عن خطئك إن وجدت أنك قد أخطأت في أمر ما.

لا تواجه أمام الآخرين

من أكبر الأخطاء التي قد يقع فيها من يريد مواجهة شخص ما هو أن يواجه أمام الآخرين، إن هذا الأمر لن يزيد الأمور إلا سوءًا، وسيجعلك مخطئًا حتى وإن كنت على حق، وسيجعلك تبدو وكأن هدفك هو التشهير بالشخص بدلًا من إصلاح الأمور والعلاقات بينكما، وسيجعل الشخص الذي تواجهه يزداد غضبًا وتهجمًا عليك، لذلك احرص على أن تختار مكانًا مناسبًا لا يكون فيه أحدًا سواكما، فهذا يخفف من حدة ردة فعل الشخص التي تود مواجهته، وتذكر أن هدفك في نهاية الأمر هو هدف سامٍ وإيجابي، وهناك أمر آخر يجب أن تتنبه له وهو أن لا تقوم بإدخال طرف ثالث في المشكلة خصوصًا إن لم يكن له يد فيها، فبعض الناس يعتقد أن هذا الأمر قد يهدئ من حدة المواجهة، ولكنه في الواقع سيزيد الأمور سوءًا، فيجد الطرف الثالث أن كلًا منكما يحاول أن يكسبه في صفه، مما سيزيد من النفور بينك وبين الشخص الذي تواجهه، وسيجعل الأمور تبدو أكبر من حجمها الطبيعي.

الصدق

من المهم أن تتذكر أن التزام الصدق بينك وبين نفسك وبينك وبين الطرف الآخر أمر مهم جدًا، فإن كنت تعتقد أنك أيضًا مخطئ فلا تتردد في الاعتذار، واطلب المسامحة من الشخص الذي تواجهه، ولا تحاول أن تبالغ في سرد الأحداث أو وصف مشاعرك، بل كن واقعيًا وصادقًا حتى تسير الأمور كما تريد.

وتذكر ختامًا أن تلتزم الهدوء وأن لا ترفع صوتك فهذا يجعلك تبدو طرفًا ضعيفًا، وتوكل على الله وأخلص نيتك واجعلها في سبيل رضا الله وإصلاح ذات البين، وتذكر أن الصمت والهروب من المواجهة سبب لتفاقم المشاكل والمشاعر السلبية، لذلك تحلى بالثقة والجرأة والشجاعة الكافية كي تواجه الشخص المراد، واختر مكانًا هادئًَا ووقتًا مناسبًا لكليكما، وحاول أن لا تشرك طرفًا ثالثًا في الموضوع خصوصًا إذا كان الأمر شخصيًا، والتزم الصدق وأدب الحوار والأخلاق حتى وإن لم يلتزم بها الطرف الآخر وحاول أن تقرب وجهات النظر بينكما لتحل الأمور، هذه الأمور هي باختصار ما يجب أن تفعله إذا أردت أن تواجه الآخرين بشكل سليم.