ما هو التفكير العلمي

تعريف التفكير العلمي

يُشير مفهوم التفكير العلمي الى التفكير في محتوى العلم ومجموعة العمليات المنطقية التي تتخلّله؛ كالاستنباط، والتصميم التجريبي، والاستدلال السببي، وتكوين المفاهيم، واختبار الفرضيات، وغيرها من العمليات التي تسعى لإيجاد حلّ لمشكلة معينة،[١] كما ينطوي التفكير العلمي على مجموعة من العمليات المتتابعة المبنية على ممارسات ذهنية يقوم بها الفرد بهدف الوصول إلى الحل، حيث تبدأ هذه الخطوات بالوعي بوجود المشكلة، ثمّ السعي للبحث عن طرق لحلّها من خلال الملاحظة والقياس وغيرها من العمليات العلمية، مع مراعاة الدقة والموضوعية والاستناد إلى الحقائق في تفسير البيانات وصياغة المعلومات، انتهاءً بإيجاد حل مبتكر للمشكلة.[٢]

لا يقتصر مفهوم التفكير العلمي على مجموعة العمليات العقلية المتعلّقة بمحتوى علمي كالفيزياء مثلاً، أو الانخراط في أنشطة علمية كتصميم التجارب فقط، بل يشتمل أيضاً على العديد من العمليات المعرفية المتعلّقة بمجالات عامة في حياة البشر؛ كمجالات البحث، والاستنباط، والقياس، وغيرها من عمليات حلّ المشكلات، والتفكير بالأسباب الكامنة وراء مشكلة ما،[٣] كذلك فإنّ التفكير العلمي يُعدّ ظاهرةً اجتماعيةً تتأثّر بالعوامل والمتغيّرات والإطار المجتمعي التي ظهرت فيه المشكلة، وليس مجرّد نشاط ذهني يحدث دون سبب.[٤]

خصائص التفكير العلمي

يتّصف التفكير العلمي بعدد من الخصائص كالآتي:[٥]

  • التراكمية: حيث يُضيف كلّ باحث ما توصّل إليه عبر التفكير العلمي ممّا يؤدّي الى تراكم المعرفة.
  • التنظيم: إذ تجري عملية وضع الفرضيات واختبارها بأسلوب مُنظّم ودقيق لضمان فعالية النتائج.
  • البحث عن الأسباب: فالعلم لا يقتصر على جمع المعلومات واستنتاج الحقائق حول ظاهرة ما فقط، بل يتعدّى ذلك إلى تفسير أسباب حدوثها.
  • الشمولية واليقين: فالهدف من التفكير العلمي هو الوصول إلى نتائج وحلول عامّة يُمكن اللجوء إليها في عدّة مواقف أخرى.
  • الدقة والتجريد: فاللغة التي يستعملها الباحث هي لغة رياضية قائمة على أسس علمية دقيقة لضمان دقة وصحة النتائج.

خطوات التفكير العلمي

يتمّ التفكير العلمي من خلال عدّة خطوات مُنظّمة كالآتي:[٦]

  • إدراك المشكلة: والذي من شأنه التحفيز على البحث وطرح الأسئلة، إذ إنّ وجود المشكلة هو الدافع الوحيد لإيجاد حلّ لها.
  • تحديد المشكلة وصياغتها: وذلك من أجل حصرها وتسهيل مناقشة جميع الجوانب المتعلّقة بها.
  • جمع البيانات والمعلومات: فلكلّ دليل يتعلّق بالمشكلة أهمية من أجل الوصول الى استنتاج علمي حول المشكلة من جميع جوانبها.
  • وضع الفرضيات لحلّ المشكلة: والتي تشمل جميع التخمينات والحلول الممكنة القابلة للقياس لبيان صحتها من عدمه.
  • اختبار الفرضيات: وذلك باستخدام طرق علمية مناسبة للتوصّل الى حلّ مثاليّ للمشكلة.
  • الاستنتاجات والتعميمات: وهي اختيار الفرضية الأنسب ضمن مجموعة الفرضيات والتي تُشكّل حلّاً للمشكلة.
  • التطبيق وإعادة الاستخدام: فبعد إيجاد حلّ للمشكلة يتمّ التنبؤ بالأحداث والظواهر الجديدة، وإعادة استخدام الحلّ بالطرق المثلى.

أهمية التفكير العلمي

تُعتبر نتائج التفكير العلمي أدلّةً قاطعةً يُمكن الاستناد عليها والرجوع إليها عند الحاجة؛ نظراً لأنّ خلاصة التفكير العلمي هي إيجاد تفسير منطقي لظاهرة أو مشكلة ما بالاعتماد على مجموعة من الأساليب العلمية؛ كالتجريب، والتحليل، والاستدلال، ودراسة العلاقة بين جميع المتغيّرات وتفسيرها بدقة ووضوح،[٧] كما ينعكس التفكير العلمي إيجاباً على الأفراد من حيث تعزيز قدراتهم في المجالات الآتية:[٨]

  • طرح الأسئلة الدقيقة، والبحث عن مشكلات علمية مفيدة، وصياغتها بدقة ووضوح.
  • جمع البيانات والمعلومات ذات الصلة وتقييمها باستخدام أفكار مجرّدة للوصول الى تفسيرات فعّالة.
  • التوصّل الى نتائج وحلول منطقية واختبارها ضمن المعايير الملائمة.
  • تقبّل الأفكار الأخرى والإلمام بأكبر عدد من الفرضيات، وتبعاتها، وآثارها العملية، وتقييمها.
  • التواصل مع الآخرين بفعالية للتوصّل إلى الحل الأنسب عند مواجهة أيّة مشكلة.

مُعوّقات التفكير العلمي

هناك بعض المُحدّدات التي تُعيق التفكير العلمي؛ ومنها ما يأتي:[٩]

  • التمسّك بالأساطير والخرافات: على الرغم من التطوّر الذي حقّقه العلم في القرن العشرين إلّا أنّ الكثيرين لا زالوا متمسّكين ببعض السلوكيات الناتجة عن الإيمان بأفكار وهميّة وخرافات لا أساس لها من الصحة وبعيدة كلّ البُعد عن الأسس العلمية السليمة، وهذا من شأنه إعاقة التفكير العلمي المبني على تحليل دقيق ونتائج واقعية.
  • الانقياد: فالأشخاص يميلون لتأييد الأفكار والأدلّة التي تتوافق مع رغباتهم، أو تلك التي تُشعرهم بالأمان، أو التي تتوافق مع معتقدات أجدادهم التي توارثوها لسنوات عدّة، فالأفكار المبنية على أسس علمية سليمة تضعف بسبب الانقياد وراء سلطة الأقدمية، أو الشهرة، أو الانتشار.
  • التعصّب: حيث إنّ التعصّب الذي يحتكر فكرةً ما لم تثبت صحتها ويرفض أيّ رأي من شأنه الوصول للحقيقة يتعارض مع الهدف الأساسي للتفكير العلمي؛ والذي يدعو لدراسة أكبر عدد من الفرضيات والتعميمات مهما بدت مختلفةً ومتعارضةً مع بعضها البعض؛ للوصول إلى حلٍّ للمشكلة وقبول أيّ تغيير قد يطرأ بسبب الظروف والمتغيّرات.
  • الإعلام المُضلّل: فالإعلام سلاح ذو حدّين؛ إمّا أن يقود الشعوب الى التطوّر والنمو أو يُعيق تقدّمها بتشكيله عقبة أمام التفكير العلمي؛ وذلك عبر توجيه أعداد كبيرة نحو فكرة ما قد تحوز على تأييد الأغلبية وتُحقّق انتشاراً واسعاً على حساب الرأي الصواب الذي من شأنه إيجاد حلّ لمشكلة ما.

الفرق بين التفكير العلمي والتفكير الاعتيادي

يتّصف التفكير العلمي على عكس التفكير الاعتيادي بما يأتي:[٦]

  • يعتمد في حلّ المشكلات على نظريات علمية، لا مجرّد أفكار وهميّة أو بديهيات لا مجال لها من الصحة.
  • يقوم على اختبار النظريات عمليّاً ويرصد النتائج، ولا يكتفي بالجانب النظري فقط.
  • يقبل التعديلات والتغييرات؛ لإعطاء الحل المقترح فرصةً للتطوّر وإحداث نتائج أفضل.
  • تتأثّر نتائجه بالمتغيّرات المُحيطة دون انحياز لفكرة ما.
  • يبحث عن الأدلة المؤيّدة منها والمعارضة، ولا يكتفي بالمؤيّدة فقط.
  • يربط السبب والنتيجة باستخدام أساليب علمية ومنهجية.

وللتعرف أكثر على إيجابيات وسلبيات العلم يمكنك قراءة المقال إيجابيات وسلبيات العلم

المراجع

  1. Kevin Dunbar, David Klahr (2012), Scientific Thinking, Britain : Oxford University Press, Page 611, Part chapter 35. Edited.
  2. “مهارات التفكير العلمي”، http://thesis.univ-biskra.dz/، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-29. بتصرّف.
  3. Kevin Dunbar, Jonathan Fugelsang (2004), Scientific Thinking and Reasoning , Britain : Oxford University Press, Page 705, Part chapter 29. Edited.
  4. Deanna Kuhn (2010), What is Scientific Thinking and How Does it Develop? , New York: Teachers College Columbia University , Page 2. Edited.
  5. د. فايزة الحسيني، أ.م.د عبدالناصر محمد (2020)، مهارات الطالب الجامعي المتفوق (الطبعة الأولى)، الإسكندرية-مصر: دار التعليم الجامعي، صفحة 218-219، جزء الفصل العاشر. بتصرّف.
  6. ^ أ ب د. نادية العفون، د. وسن جليل (2013)، التعلم المعرفي واستراتيجيات معالجة المعلومات (الطبعة الأولى)، عمان-الأردن: دار المناهج للنشر والتوزيع، صفحة 130-133، جزء الفصل الثالث. بتصرّف.
  7. “ما مهارات التفكير العلمي؟”، www.mobt3ath.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-29. بتصرّف.
  8. Dr. Richard paul, Dr. Linda Elder (2003), A Mini-Guide to Scientific Thinking, Tomales, California : Foundation for Critical Thinking , Page 2, Part The first section. Edited.
  9. أ.د. مصطفي النشار, د.حسني الهاشمي (٢٠١٧ )، التفكير العلمي وتنمية البشر، القاهرة-مصر: دار روابط للنشر وتقنية المعلومات ودار الشقري للنشر، صفحة 97-104، جزء الفصل الثالث. بتصرّف.