قصة قوم ثمود
ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قصص الأمم السابقة، ولم يذكرها رب العزة للتسلية، ولكنه ذكرها؛ لآخذ العظة والعبرة، وعدم تكرار ما وقعت فيه الأمم السابقة من كفر وتدليس .
ونذكر اليوم قصة قوم ثمود، وما وقع عليهم من عذاب وسخط من الله سبحانه وتعالى؛ بسبب معصيتهم وكفرهم بالله.
قوم ثمود وهم عرب سكنوا في منطقة الحجر، وهي شمال غرب المدينة، وتسمى اليوم مدائن صالح، وتعود أصول هؤلاء القوم إلى نفس اصول قبيلة عاد، ولكنهم سكنوا منطقة مختلفة، أرسل الله لهم النبي صالح بن عبيد بن هشام ينتسب الى ثمود بن عاد بن آرم بن سام، وقد كانوا ذوي قدرة جسمانية هائلة فحفروا البيوت في الجبال وبنوا القصور فيها.
أما عن النبي صالح عليه السلام فقد كان قبل أن يبعث من أشرافهم من عائلة عظيمة وعريقة جدا، وكان يتصف بالعقل والحكمة، وكانوا يرجعون اليه في خصوماتهم، ويسترشدون برأيه في مشاكلهم، بل إنهم كانوا على وشك أن ينصبونه ملكا عليهم .
عند بدأ الرسالة دعاهم النبي صالح عليه السلام إلى توحيد الله والايمان به، وترك الأصنام وعبادتها، وذكرهم بأنعم الله عليهم وأنه حكمهم في الأرض، وأسبغ عليه برحمته الواسعة، وحذرهم من خسران ذلك كما حدث لقوم عاد، فتعنتوا وتجبروا ورفضوا ولم يلقوا بالا لكلامه، فلم يمل أو يتعب بل أنه دعاهم للتفكر والتدبر في خلق الله وعدم اتباع كبرائهم المسرفين المضللين فلم يصدقوه، وتسائلوا فيما بينهم لماذا اختارك الله لتبلغنا الرسالة من بيننا؟ واتهموه بالكذب، وأنه قد سحر من قبل الالهة .
ثم انهم ذهبوا لمن آمن بدعوة النبي –صالح عليه السلام –، وقالوا لهم إنا كفرنا بما آمنتهم به زيادة في الاستهزاء بهم وعتوا وتكبرا وتجبرا منهم، ولكن نبي الله لم يمل أو يتعب من الدعوة لتوحيد العزيز القدير، فاحتار كبرائهم وجعلوا يبحثون عن الطرق وينسجون الخطط لإيقافه في دعوته، حتى وصلوا إلى حيلة غريبة تبعد الناس عن دعوة صالح عليه السلام، حيث أنهم قاموا بنشر اشاعة في القوم مفادها أن صالح ومن معه قوم مشؤومين: أي أن من يتعامل معهم أو يؤمن بهم سوف يبتلى بالمصائب والنحس، و أن من يبتعد عنهم تكن له حياة سعيدة كريمة .
ولكن دعوى الحق كانت يجب أن تستمر ولذلك استمر صالح عليه السلام في دعواهم وتذكيرهم، ثم قال قائل منهم “يا صالح إن كنت نبيا حقا فأتنا بمعجزة لنصدقك”، وكان ذلك في اجتماع كبرائهم فبدأوا بالاستهزاء والسخرية، ومن ثم قالوا نحن نريد أن نختار هذه المعجزة وليس أنت فطلبوا منه إخراج ناقة من صخرة كبيرة؟، واشترطوا أن تكون هذه الناقة من الضخامة حيث أن كمية الماء الذي تشربه تعادل ما تشربه القرية مجتمعة، وأن تكون عشراء .
فطلب الني الكريم بجمع الناس فجمعوا وعكف على دعاء ربه بأن يخرج الناقة من هذه الصخرة، فتبدأ الصخرة بالتزلزل والاهتزاز، وتخرج الناقة الضخمة جدا في مشهد مهيب تقشعر له الأبدان، بجميع المواصفات التي طلبوها، فتشخص أبصارهم وتجف حلوقهم وتربط ألسنتهم .
ومن ثم قال لهم صالح عليه السلام أن هذه الناقة هي ناقة الله سوف تعيش بينكم تلمسونها وترونها وهي أية الله الموجهة لكم ونظرا لحجمها فهي سوف تشرب من شربكم يوم ولكم أنت يوم، فذروها تأكل وتشرب في أرض الله الواسعة ومن ثم نبههم بأن أي شيء يحدث لها فسوف ينزل الله عليكم العذاب والعقاب .
ثم عندما رأى كبرائهم أن كثيراً من الناس بدأت تلين لصالح في وجود الناقة التي هي معجزة إلهية، اجتمعوا واتفقوا على قتل الناقة، وأوكلوا هذه المهمة لرجل منهم.
وقام هؤلاء النفر بمشاورة كبراء القوم عن نيتهم في عقر وقتل الناقة، فوافقوا على ذلك فقاموا بقتلها، فهددهم صالح عليه السلام بإنزال العذاب عليهم خلال ثلاثة ايام، فاجتمع النفر الذين قتلوا الناقة وبدأوا يخططون لقتل صالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين، فجاءت الأوامر لصالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين قبل أن يهجموا عليهم بالخروج من القرية، وأرسل الله صيحة عظيمة فلم يبق من المشركين أحد.