تعريف الرشوة

الرشوة

اقتحمت الرشوة الكثير من الجوانب في المجتمعات المختلفة حتى لم يكد يسلم منها مجال من المجالات، ولا سيّما فيما يُسمّى دول العالم الثالث، فهناك الرشوة في الحكم، فيقضي الحاكم لمن لا يستحق، أو يمنع من يستحق، أو يقدم مَن ليس من حقه أن يتقدّم، ويؤخّر الجديرين بالتقدير والتقديم، أو يحابي في حكمه لقرابة أو جاه أو رشوة أكلها سُحتًا، كما تكون الرشوة في تنفيذ الحكم أيضًا.

الرشوة تكون في الوظائف أيضًا؛ حيث يقوم الشخص بدفع الرشوة للمسؤول عن الوظيفة فيعينه رغم استحقاق غيره، وهذا بالإضافة إلى أنّه أكلٌ للحرام والسحت، فإنّه كذلك خيانة للأمانة؛ حيث ينبغي أن يوظّف الأصلح والأكفأ.

الرشوة في اللغة

من بعض التعاريف التي قيلت في المحاباة والجعل؛ فقد قال صاحب القاموس بأن: الرشوة مثلثة الجعل، ورشاه أعطاه، وارتشى أخذها، واسترشى طلبها، والفصيل طلب الرضاع، والرشاء ككساء: الحبل. وزاد صاحب اللسان عليها وقال: هي مأخوذة من رشا الفرخ؛ إذا مدّ رأسه إلى أمه لتزقه.

كما أنّ ابن الأثير قال: الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء؛ فالراشي الذي يعطي من يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا

من الألفاظ المرادفة للرشوة: السحت والبرطيل: والسحت لغة: الحرام، أو ما خبث من المكاسب فلزم عنه العار؛ سمي بذلك لأنه يسحت البركة ويذهبها، يقال: (سحته الله) أي أهلكه، ويقال: (أسحته)، وقرئ بهما في قوله تعالى: {فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} أي يستأصلكم ويهلككم، واستدلّ له بقول الفرزدق: وعض زمان يا ابن فروان لم يدعمن المال إلا مستحثاً أو مجلف.

الفرق بين الرشوة والهدية

ممّا لا شكّ فيه أن الرشوة والهدية قد يتشابهان في الصورة لكن الفرق الرئيس بينهما هو في القصد والباعث على كلٍّ منهما؛ حيث قصد المهدي في الأساس استجلاب المودة والمعرفة والإحسان.

ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى أنّ أخذ الحاكم للهدية هو نوع من الرشوة؛ لما رواه الشيخان عن أبي حميد الساعدي قال: (استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتيبة على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أُهدي لي. قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: “ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أُهدي لي! أفلا قعد في بيت أبيه – أوفي بيت أمه – حتى ينظر أُيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر” ثم رفع يديه حتى رأينا عُفرتي إبطيه، ثم قال: “اللهم هل بلغت؟” مرتين).

قال النووي رحمه الله: في الحديث بيان أنّ هدايا العمال حرام وغلول؛ لأنّه كان في ولايته وأمانته، وقد بيّن صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وأنّها بسبب الولاية بخلاف الهدية لغير العامل فإنّها مستحبة، وأمّا ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية فإنه يردّه إلى مُهْديه، فإن تعذّر فإلى بيت المال.

وقال ابن بطال: هدايا العمال تُجعل في بيت المال، وإنّ العامل لا يملكها إلّا إذا طلبها له الإمام.