أما كان في تلك الدموع السوائل – الشاعر البحتري
أَمَا كَانَ في تَلْكَ الدُّموعِ السَّوائلِ
بَيانٌ لِنَاهٍ أَو جَوَابٌ لِسائل ؟
سَوَابِقُ دَمْعٍ مِنْ جُفُونٍ سَوَائلٍ
إِذا سُكِبَتْ سَحًّا ذَرَتْ بالأَنامِلِ
دَلاَئلُ مَكْنُونٍ مِنَ الوَجْدِ لاعِجٍ
وسَحُّ دُموعِ العَيْنِ أَقْوَى الدَّلائلِ
نَعمْ ، قَدْ أَفَاقَ اللاَّئِمونَ وأَسْلَمُوا
نُهَاهُ لآجَالِ الظِّبَاء الخَوَاذِل
سَمَاءٌ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَةِ تَغْتَدِي
بِسُقْيَا الخَلِيطِ المُسْتَقِلِّ المُزَايِلِ
فَتَنْهَلُّ فِي جَوّ تَرُبُّ ظِبَاؤُهُ
كِنانةَ كَلْبٍ لا كِنَانة وائِلِ
أَنائلُ ، جاوَرْتَ الأَحصَّ وَأَهْلَهُ
وما جُدْتَ لِلصَّبِّ المشُوقِ بِنَائلِ
لَئِنْ طَالَ لَيْلي في هَواكَ ولَوْعَتي
لما كَانَ حَظِّي في هَواكَ بِطائلِ
عَدِمْتُ النِّساءَ بَعْدَ شَمْسَةَ إِنَّها
أَرَتْنَا كُسُوفاً في شُمُوسِ الأَصَائِلِ
لَبِسْنَا بِمَا أُلْبِسَتْ مِنْ حُلِيّهَا
حُلِيًّا مِن المَخْزَاةِ صُحْلَ الجلاَجِلِ
تَضَاءَلُ مِنْ لُوْمِ الضَّجِيع إِذا الْتَوَى
عَلَى كَشْحِهَا عَيْرٌ عَظِيمُ الأَباجِلِ
إِذا حاشِهَا الفَحْلُ اللَّئِيمُ تَلَكَّأَتْ
لَيْهِ ، ونَادَتْ : يَا لَشَمْسِ بْنِ زَامِلِ
وَمِنْ خَلْفِ بَابِ الجِسْرِ خَمْسُ حَفَائِرٍ
ظِمَاءِ التَّرَابِ عَابِسَاتِ الجنَادِلِ
لَوِ استَحْدثَتْ عِلْماً بِذَاكَ تَبَجَّسَتْ
ينَابِيعُ مِنْ فيْضِ الدُّمُوعِ الهَوامِلِ
فَيَا ذِلَّةَ الخَصْرِ اللَّطِيفِ ، وقَدْ خَلاَ
بِهِ وَهَلُ الأَقْرَابِ نَهْدُ المَراكِلِ
وَيا ضَيْعَةَ الَُّغرِ الرَّقيقِ إِذا سرَى
لِتَقْبيلِهِ رَشْفاً بِتِلْكَ الجَحَافِلِ
ويَا سَوْءَتَا مِنْ وَجْهِ بَغْلٍ مُذَرَّعٍ
يُجِدُّ سَوَاداً في وُجُوهِ القَبَائلِ
يَغِيضُ غَداً في خَالِهِ دُونَ عَمِّهِ
عَشِيَّةَ فَخْرٍ أَو غَدَاةَ تَفَاضُلِ
عَلَى وَدِّهِ لَوْ أُمُّهُ حِينَ يَنْتمِي
أَبُوهُ ، وجُزَّتْ مِنهُ عَشْرُ الأَناملِ
يَظَلُّ هَجِيناً مِنْ أَبِيهِ إِذا دَعَا
لأنْبَاطِ تَرْعُودٍ وأَعْرَابِ حَايِلِ
لَهُ سَلَفٌ منْ آلِ شُوخَى إِذَا انْتَموْا
فَلاَ لِلذُّرى يَوْماً ولاَ لِلْكَوَاهِل
إِذَا رَجَّعَ القِسِّيسُ قُلُوبُهُمْ
حَنِيناً إِلى دَيْرٍ بِحَرَّانَ آهِلِ
مَعاشِرُ لَمْ تُضْرَبْ بسَلْمى قِبَابُهُمْ
ولا ارْتَبَعُوا في يَذْبُلٍ ومُوَاسِلِ
رأَوْا رفْعَةَ الآباءِ أَعْيَ مَرَامُها
فَكَرُّوا مُرِيغِي رِفْعَةٍ بالحلاَئَلِ
إِذا مَا أَعالِي الأَمْرِ لَمْ تُعْطِكَ المُنى
فَلا بأْسَ في اسْتِنجاحِها بالأَسافِلِ
مَنَاكِحُ فِي حَيٍّ فَخَيٍّ ، تَرَاهمُ
يَسِيرونَهَا باللُّؤْمِ سيْرَ المَرَاحِلِ
بُيُوتَاتُ مَجْدٍ أَخْرَبُوها بِلُؤْمِهِمْ
فَعَادَتْ قَوَاءٌ كالرُّسُوم المَوائِلِ
وَقَدْ تَدْرُسُ الأَحْسابُ إِنْ هِيَ ضُيِّعَتْ
منَاكِحُ أَهْلِيهَا دُرُوسَ المَنَازِلِ
بنِي أُدَدٍ ،ذُلاًّ ،فَهَاتَا عَظِيمَةٌ
أَذَلَّتْكُمُ بِالعَارِ دُونَ القَبائلِ
وَفِيكُمْ أُبَةُ الضَّيْمِ مِن كُلِّ أَغْلَبٍ
أَشَمَّ طَوِيلِ اللَّيلِ دُونَ الطَّوائلِ
فَلَمْ تَدَّعُوا قِرْياضَ فِيها إِذا دَعَتْ
عَلَى غَضَبٍ مِنها تَنُوخ بِواصِلِ
أَيَسْخَطُهَا الأَذْوَاءُ مِنْ سَرْوِ حِمْيَرٍ
وَيرْضَى بِهَا أَوْلاَدُ سَعْدٍ ونابِلِ
فَلا كُسِيَتْ تِلْكَ السُّيُوف لِزِينَةٍ
بَيَاضَ اللُّجَيْنِ واحْمِرَارَ الحَمَائلِ
وما كُنتُ أَخْشَى أَنْ أَرَى لِرِمَاحِكُم
عَوَامِلَ في الهَيْجَاءِ غَيْرَ عوَامِلِ