ما آثار الغلوّ على الفرد والمجتمع

الغلوّ

هُناك العديد من الأمور التي يجب أن تنضبط في النفس البشريّة، وأن يتحكّم بها الإنسان حتّى لا تكبُر وتتحوّل إلى مُشكلةٍ لديه ويتأثّر بها الآخرون أيضاً، ومِن هذهِ الأمورمسألة الغلوّ والتطرّف، حيث إنَّ الغلوّ هو تجاوز الحدّ والإسراف في أمرٍ ما إلى الحدّ الذي يخرج فيهِ الشخص عن الحقّ ويدخل في دائرة الباطل والخطأ.

ويُستخدَم مُصطلح الغلوّ في كثيرٍ من الأمور كالأمور الدينيّة والفكريّة وغير ذلك الكثير، وممّا لا شكَّ فيه أنَّ لهذا الغلوّ أثراً سلبيّاً على الفرد والمُجتمع، وسنسلّط الضوء في هذا المقال على الغلوّ والنواحي التي قد يتطرّق لها الغلوّ، وكيف يكون تأثير هذا الغلوّ على الأفراد والمُجتمعات.

آثارالغلوّ في الدين والفِكر

كما قُلنا سابقاً فإنَّ الغلوّ هو تجاوز الحدّ، وإذا أردنا أن نتحدّث عن الغلوّ في الدين والعبادات كمثالٍ قويّ وشائع على هذا الأمر، فسنتحدّث عن الغلوّ في العبادات لدرجة أن تفعل ما ليسَ من السُنّة أو من الدين، فكثرةُ الصلاة بلا توقّف، واستمرار الصيام بلا إفطار، واليقظة بلا نومٍ هيَ من الغلوّ في العبادات التي لم يكُن عليها نبيّنا -عليهِ الصلاةُ والسلام-، فقد كانَ رسولنا مُحمّد -صلّى الله عليهِ وسلّم- يُصلّي ويرقد ويصوم ويُفطر، فكانَ وسطاً بين الأمور -عليهِ الصلاةُ والسلام-، والوسطيّة والاعتدال هيَ خيرُ الأمور.

كما أنّ الغلوّ قد يكونُ بالفِكر، فترى الذين يُغالونَ في تطرّفهِم الفكريّ ويُصدرونَ الأحكام التي ما أنزلَ اللهُ بها من سُلطانٍ، وبسبب الفهم السقيم للأمور قد يجرّونَ الويلات على أنفسهم وعلى المُجتمع، فهُم قد لا يحترمون الآخرين، بل قد يرونَ كُلَّ مُخالفٍ لهُم في الرأي إنساناً لا يستحقُّ الحياة أو هوَ مُتطرّفٌ، ويجب التخلّص منه وهذا هو بعينهِ الغلوّ والتطرّف والفساد في الأرض.

ومِن نيرانِ الغلوّ ورحِم التطرّف الفكريّ والتشدد العقليّ خرجتَ الجماعات التي ألّهت أفكارها واستبدّت بآرائها، فحكمت على الآخرينَ بالخطأ والفشل والرجعيّة، ونصّبوا أنفسهم أرباباً للحقّ وحُماةً له، والغلوّ مما لا شكَّ أنّهُ يقتل التنوّع في المُجتمع، ويقضي على الإبداع الفرديّ والجماعيّ، كما أنّهُ يجعل الشخص مبغوضاً عند الناس لتعاليه عليهِم برأيه واستبداده به، والغلوّ هوَ في نهايةِ الأمر نارٌ لا تأكلُ إلاّ أصحابها.