أضرار التدخين على القلب

التدخين

يُعرّف التدخين (بالإنجليزية: Smoking) على أنّه استنشاق الدخان الناجم عن حرق التبغ، ويُمثل النيكوتين (بالإنجليزية: Nicotine) المكوّن الفعّال في التبغ، وعند استنشاقه فإنّ بعضه يمر ليصِل إلى مجرى الدم بحيث يتمّ نقله بعدها إلى الدماغ في غضون 10 ثوانٍ ومن ثمّ ينتشر في الأنحاء المُختلفة من الجسم في غضون 20 ثانية، أمّا ما تبقّى من مادة النيكوتين -وهو يمثّل النسبة العظمى- فيبقى في الرئتين ولا تدخل مجرى الدم، ويتواجد التبغ بثلاثة أشكال رئيسية؛ السجائر، والغليون، ولفافة السيجار،[١] ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (بالإنجليزية: Centers for Disease Control and Prevention) فإنّ التدخين بأشكاله المُختلفة يتسبّب بزيادة خطر الوفيات، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّه يُسبّب العديد من الآثار السلبية على الجسم، عدا عن مُضاعفاته الخطيرة التي تُهدّد حياة الشخص؛ فهو يؤثر في صحّة كلٍّ من الجهاز التنفسي، والجهاز التناسلي، والدورة الدموية، والجلد، والعيون.[٢]

أضرار التدخين على القلب

بشكلٍ عامّ يُعدّ التدخين أحد أكثر أسباب أمراض القلب التي يمكن الوقاية منها،[٣] وتكمن خطورة التدخين على القلب والأوعية الدموية في احتوائه على العديد من المواد الكيميائية الضارّة؛ تحديدًا مادتيّ النيكوتين وأول أكسيد الكربون، ويؤدي تعرّض القلب والأوعية الدموية لهاتين المادتين بشكلٍ مُستمر إلى حدوث تغيراتٍ من شأنها زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، تجعلان من ضخّ الدم والقدرة على تزويد الجسم بالأكسجين والعناصر الغذائية أمرًا صعبًا، ويترتب على ذلك زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية؛[٤] بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية (بالإنجليزية: Coronary heart disease)، والنوبات القلبية (بالإنجليزية: Heart attack)، والسكتة الدماغية (بالإنجليزية: Stroke)، ومرض الشريان الطّرفي (بالإنجليزية: Peripheral vascular disease)، والأمراض الدماغية الوعائية (بالإنجليزية: Cerebrovascular disease).[٥]

ويُمكن بيان تأثير التدخين والمواد الكيميائية الموجودة فيه على القلب والأوعية الدموية فيما يأتي:[٤]

  • يُساهم النيكوتين في الحدّ من كمية الدم المُتدفقة إلى أعضاء الجسم المُختلفة نظرًا لما يتسبّب به من تقلّص أو تضيّق في الأوعية الدموية، وقد يترتب على ذلك انخفاض كمية الأكسجين والمُغذيات التي تصِل إلى الخلايا، وكردّ فعل لذلك يزداد معدل ضربات القلب في محاولةٍ منه لتلبية حاجة الجسم من الأكسجين، ومن الجدير ذكره أنّ التضيّق المُستمر يؤدي إلى انخفاض مرونة الأوعية الدموية وزيادة صلابتها مع مرور الوقت.
  • يستطيع أول أكسيد الكربون الارتباط بجزيء الهيموغلوبين (بالإنجليزية: Hemoglobin)، الذي يحمل الأكسجين من الدم إلى الخلايا، بما يحول دون قدرة الأكسجين على الارتباط بهذا الجزيء، وبالتالي عدم القدرة على تلبية حاجة الخلايا منه، وكردّ فعل لذلك يتضخّم القلب في محاولةٍ منه لضخّ المزيد من الدم حول الجسم وتزويد الجسم بحاجته من الأكسجين.
  • تُحفّز المواد الكيميائية الموجودة في الدخان حدوث الالتهابات، وهذا بحدّ ذاته يؤدي إلى تراكم اللويحات (بالإنجليزية: Plaque) في الشرايين، وتحتوي هذه اللويحات على عدّة مواد؛ من بينها الدهون، والكوليسترول، والكالسيوم، ومن الجدير ذكره أنّ التدخين قد يُساهم في حدوث النوبة القلبية نظرًا لكونه قد يتسّبب بتمزّق هذه اللويحات وانفجارها.[٦][٣]
  • تُسبّب المواد الكيميائية الموجودة في الدخان تضيّق الأوعية الدموية، ممّا يؤدي إلى اضطراب مستويات الكوليسترول ووجودها بمستوياتٍ غير صحيّة، إذ تؤدي إلى ارتفاع مستويات كلٍّ من الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار، وانخفاض مستويات الكوليسترول الجيّد.[٦]
  • تُسبّب هذه المواد الكيميائية اضطراب نظم القلب (بالإنجليزية: Heart rhythms).[٦]
  • تزيد من لزوجة الدم وتجعله أكثر عُرضةً لحدوث التجلّط، وهذا بحدّ ذاته قد يحول دون تدفق الدم إلى الدماغ والقلب.[٣]

التدخين وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب

يؤدي التدخين إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب بنحو الضعف، وقد وُجِد أنّ الأشخاص المُدخنين معرضون بشكلٍ أكبر للإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية مُقارنةً بغير المدخنين، وإنّ الاستمرار بالتدخين بعد الإصابة بهذه الأمراض يؤدي إلى زيادة الحالة سوءًا بشكلٍ سريع، وهذا بحدّ ذاته يؤدي إلى زيادة احتمالية الوفاة الناجمة عن الإصابة بأمراض القلب، ومن الجدير ذكره أنّ خطورة الإصابة بأمراض القلب الناجمة عن التدخين تكون أشدّ لدى النّساء مُقارنةً بالرجال، كما أنّ خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو الوفاة الناجمة عنها يكون أعلى بين المُدخنين ممّن هم مُصابون فعليًا بأمراض القلب، ويكون تأثير التدخين في القلب والأوعية الدموية أعلى خطورةً في المُصابين بمرض السّكري أو النّساء اللاتي يستخدمن حبوب منع الحمل، أو في حال ترافق التدخين مع عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب الأخرى؛ كاضطراب مستويات الكوليسترول في الدم بصورةٍ غير صحية، أو ارتفاع ضغط الدم، أو السمنة.[٦][٧]

يُمكن بيان تأثير التدخين في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب على النّحو التالي:[٧][٦]

  • يُشكّل التدخين عامل خطر لزيادة تراكم اللويحات داخل الشرايين التي تزوّد عضلة القلب بالأكسجين والمعروفة بالشرايين التاجية، وتُعرف هذه الحالة بمصطلح الداء القلبي إقفاري أو مرض نقص تروية القلب (بالإنجليزية: Ischemic heart disease)‏.
  • يُسبب التدخين تراكم اللويحات في الشرايين فيما يُعرف بتصلّب الشرايين (بالإنجليزية: Atherosclerosis)‏، وكما هو معروف فإنّ تصلب الشرايين يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة.
  • إنّ تراكم اللويحات يُسبّب تضيقًا في الشرايين بما يحول دون حصول عضلة القلب على حاجتها من الدم، ويترتب على ذلك زيادة احتمالية تشكّل جلطات الدم في الشرايين، ويُشار إلى أنّ الجلطات الدموية بحدّ ذاتها تقف عائقًا أمام تدفق الدم؛ سواء أكان ذلك بشكلٍ تامّ أم جزئي.

التدخين وزيادة خطر الإصابة بمرض الشريان الطّرفي

يؤثر مرض الشريان الطّرفي في شرايين الساقين بصورةٍ أساسية، ويُشكّل التدخين أكبر خطر منفرد يُهدّد صحّة هذه الشرايين؛ ويُمكن بيان تأثيرات التدخين التي تؤدي مُجتمعةً إلى تعزيز احتمالية الإصابة بمرض الشريان الطّرفي لدى الأشخاص من جميع الأعمار وكِلا الجنسين فيما يأتي:[٨]

  • يُسبب التدخين التهاب شرايين الساقين ويتمثل ذلك بانتفاخها واحمرارها؛ ويترتب على ذلك تراكم اللويحات في جدران الشرايين، وتُصبح الشرايين ضيقة في حال تراكمها بكمياتٍ كبيرة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف تدفق الدم عبرها، وهذا بحدّ ذاته يتسبّب بزيادة خطر تشكّل الجلطات الدموية والإصابة بمرض الشريان الطّرفي.
  • يُسبّب التدخين زيادة سوء عوامل الخطر الأخرى الخاصّة بمرض الشريان الطّرفي؛ كارتفاع الكوليسترول، أو السكري، أو ارتفاع ضغط الدم.
  • تُسبب الإصابة بمرض الشريان الطّرفي زيادة احتمالية تأثر أجزاء الجسم الأخرى بالمرض؛[٩] وهذا بحدّ ذاته يُعرّض الشخص لخطر تشكّل الخثرات الدموية، والإصابة بالسكتة الدماغية، أو النوبة القلبية، أو الذبحة الصدرية (بالإنجليزية: Angina).[٢]

ومن الجدير ذكره أنّ خطر الإصابة بمرض الشريان الطّرفي يتناسب طرديًا مع عدد السّجائر التي يتم تدخينها يوميًا، ووفقًا للأبحاث المُجراة عام 2010م والمنشورة في المركز الوطني للمعلومات التقنية الحيوية (بالإنجليزية: National Center for Biotechnology Information)‏ فإنّ الأشخاص الذين استمروا في التدخين بعد الخضوع لجراحة الأوعية الدموية الطرفية تكون احتمالية حدوث انسداد الشرايين اللاحق لديهم أعلى مُقارنةً بأولئك الذين أقلعوا عن التدخين، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ احتمالية تطوّر الحالة إلى نقص تروية الأطراف الحرجة (بالإنجليزية: Critical limb ischemia) تكون أقلّ في المدخنين المُصابين بالعَرَج (بالإنجليزية: Claudication) بعد انقطاعهم عن التدخين،[٨] ويُعرّف العَرَج على أنّه الشعور بالألم أثناء ممارسة التمارين الرياضية والناجم عن انخفاض تدفق الدم إلى العضلات، وتعتمد شدّته على حالة الشخص، وغالبًا ما يبدأ الشعور بهذا الألم في الساقين أثناء التمرين بعد المشي بنمطٍ مُعين لمدةٍ زمنية مُعينة، وينتهي عند الخلود للراحة، ولكن في بعض الحالات قد يشعر الشخص بهذا الألم حتّى في أوقات الراحة؛ ويدلّ ذلك على ازدياد حالة العَرَج سوءًا.[١٠]

خطر التدخين السلبي

يُعرّف التدخين السلبي أو القسري (بالإنجليزية: Secondhand Smoke) على أنّه التعرّض لدخان السجائر الناجم عن قيام أحد المّحيطين بالشخص بالتدخين، ووفقًا لدراسةٍ نشرتها مجلة جمعية القلب الأمريكية (بالإنجليزية: Journal of the American Heart Association) عام 2005م فإنّ التدخين السلبي يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة 30%، إذ إنّ هذه النسبة تعكس الخطر الحقيقي الذي يعتقد البعض بأنّه أقل من ذلك،[١١] وفي الحقيقة، يمتلك التدخين السلبي تأثيراتٍ ضارةٍ في القلب والأوعية الدموية بصورةٍ سريعة، إذ إنّه قد يؤثر في قدرتهم على ممارسة المهام بصورةٍ طبيعية، ومن الجدير ذكره احتمالية زيادة لزوجة الصفائح الدموية والأضرار التي تلحق ببطانة الأوعية الدموية حتّى بعد التعرّض للدخان السلبي لفترةٍ زمنيةٍ قصيرة، ومن شأنها جميعًا التسبّب بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين التاجية؛ بما في ذلك الإصابة بالنوبات القلبية التي قد تؤدي إلى الوفاة، كما أنّ خطر التدخين السلبي يكون أعلى لدى من هم مُصابون فعليًا بأمراض القلب، وبناءً على ما سبق يجدُر بالأشخاص أخذ الاحتياطات واتباع الإرشادات الموصى بها إذا ما كان أحد الأشخاص من حولهم مُدخنًا.[١٢]

قد يُعاني الأشخاص المُعرضين للتدخين السلبي من أعراضٍ عدّة نتيجةً لذلك، إذ تكون هذه الأعراض مُشابهة لأعراض العديد من الحالات الصحية والمشاكل الأخرى، بما يستوجب زيارة الطبيب في سبيل إجراء التشخيص المُناسب، ونذكر من هذه الأعراض ما يأتي:[١٣]

  • تهيج العيون، والأنف، والحلق.
  • السعال.
  • زيادة إنتاج البلغم.
  • الشعور بعدم الراحة في الصدر نتيجة تهيج الرئتين.
  • ألم الصدر.
  • التهاب الشعب الهوائية (بالإنجليزية: Bronchitis).

تأثير الإقلاع عن التدخين على القلب

يُعد الإقلاع عن التدخين الطريقة المُثلى لحماية القلب والأوعية الدموية من الأمراض المُرتبطة بالتدخين والموت الذي قد يترتب على ذلك، كما يُساهم أيضًا في تخفيف كثافة الدم ممّا يُقلل احتمالية تشكّل الجلطات الدموية الخطيرة ويُحسّن قدرته على التحرّك بسهولةٍ في أنحاء الجسم المُختلفة، كما أنّ التوقف عن التدخين يلعب دورًا في تقليل كمية الكوليسترول والدهون في الدم وهذا بحدّ ذاته يُساهم في إبطاء تراكم المزيد من اللويحات في الشرايين ولكنّ الإقلاع وحده غير قادر على تخليص الجسم من اللويحات الموجودة بالفعل إذ يستلزم الأمر اتباع إجراءات أخرى لتخفيف ذلك، وبشكلٍ عامّ كلما تمّ الإقلاع عن التدخين أبكر انعكس ذلك إيجابًا على الوقاية من آثاره الضارة، ويُمكن بيان التسلسل الزمني لتأثير الإقلاع عن التدخين على القلب على النّحو التالي:[١٤][١٥]

  • ينخفض معدل ضربات القلب بعد عشرين دقيقة من الإقلاع عن التدخين.
  • ينخفض ​​مستوى أول أكسيد الكربون في الدم ويعود إلى طبيعته بعد 12 ساعة فقط من الإقلاع عن التدخين، وهذا بحدّ ذاته يُتيح وصول المزيد من الأكسجين إلى أعضاء الجسم الحيوية؛ بما في ذلك القلب.
  • ينخفض ​​خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ليُصبح مُكافئًا لنفس الخطر لدى غير المُدخنين لمدى الحياة على الإطلاق وذلك في غضون أربع سنوات من الإقلاع عن التدخين.

على الرغم من كون الإقلاع عن التدخين أمرًا صلبًا، إلّا أنّه قابل للتحقيق، وفي الحقيقة تتوافر العديد من الخيارات والطُرق التي تُساعد على الإقلاع عن التدخين والتي يُمكن استشارة الطبيب بشأنها لاختيار الأنسب منها لحالة الشخص، ومن الخيارات التي تمّت الموافقة عليها من قِبل إدارة الغذاء والدواء ما يُعرف بالعلاجات البديلة للنيكوتين (بالإنجليزية: Nicotine replacement therapy)، إذ إنّها تعمل على تزويد الشخص بكمياتٍ مُحددة من النيكوتين دون تعريضه للمواد السّامة الأخرى الموجودة في السجائر وهذا بحدّ ذاته يُساهم في تخفيف الأعراض الانسحابية للنيكوتين وتقليل الرغبة الشديدة تجاه الدخان، وقد أثبتت العديد من الدراسات فعالية وأمان العلاجات البديلة للنيكوتين بحسب ما نشرت إدارة الغذاء والدواء.[١٤]

المراجع

  1. “Smoking”, www.healthofchildren.com, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  2. ^ أ ب “How does smoking affect the body?”, www.medicalnewstoday.com, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  3. ^ أ ب ت “Smoking and Heart Disease”, www.cardiosmart.org, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  4. ^ أ ب “How Tobacco Affects the Heart and Blood Vessels”, www.impella.com, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  5. “How smoking affects your body”, www.nhs.uk, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث ج “Smoking and Your Heart”, www.nhlbi.nih.gov, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  7. ^ أ ب “How Smoking Affects Your Heart”, www.verywellhealth.com, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  8. ^ أ ب “How Tobacco Smoke Causes Disease: The Biology and Behavioral Basis for Smoking-Attributable Disease: A Report of the Surgeon General.”, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  9. “Smoking and Peripheral Arterial Disease PAD”, www.mountnittany.org, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  10. “claudication”, www.mayoclinic.org, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  11. “Cardiovascular Effects of Secondhand Smoke”, www.ahajournals.org, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  12. “Health Effects of Secondhand Smoke”, www.cdc.gov, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  13. “Smoking and Cardiovascular Disease”, www.hopkinsmedicine.org, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  14. ^ أ ب “How Smoking Affects Heart Health”, www.fda.gov, Retrieved June 26, 2020. Edited.
  15. “Benefits of Quitting”, smokefree.gov, Retrieved June 26, 2020. Edited.