معوقات الإبداع عند المرأة

المرأة والإبداع

يُعرّف الإبداع على أنّه إنتاج شيء مفيد ومختلف عمّا هو موجود،[١] وهو بدوره يؤدّي إلى الابتكار الذي تنتج عنه طرق جديدة للقيام بالأشياء والوصول إلى منتجاتٍ جديدة، وهما معاً يُشكّلان محرّك التقدّم البشري؛ بسبب دورهما في تغيير حال العالم للأفضل من خلال قوة خيال المبدعين من كلا الجنسين،[٢] وبالرغم من دور النساء في الإبداع إلّا أنّ عدداً قليلاً من الأبحاث ناقشت دور النساء المبدعات، ومنتجاتهنّ الإبداعية، والتحديّات التي يواجهنها أثناء العمل الإبداعي، إلّا أنّ بعض الكتب والمقالات تُناقش كيفية تطوير الإبداع لدى النساء، وخلال العقود الخمس الماضية تمّ التركيز على المرأة من الناحية الإبداعية، ودورها في تقديم المنتجات الإبداعية في المجتمع، والقوى التي عزّزت ذلك الدور.[٣]

معوّقات الإبداع عند المرأة

معوّقات شخصية لإبداع المرأة

يوجد العديد من المعوّقات الشخصيّة التي قد تُعيق من الإبداع عند المرأة، ومنها ما يأتي:[٤]

  • تنوّع أولويات النساء: يوجد لدى العديد من النساء أولويات متنوعة قد تؤثّر على قدرتهنّ على تحقيق المساعي المهنية والإبداعية، فقد تقضي المرأة الوقت في رعاية الأشخاص الذين تُقدّر أنّهم أهم من العمل؛ كرعاية طفل مريض أو الآباء المُسنّين الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة، إلى جانب العديد من القضايا الشخصية الأخرى التي تجعل النساء الموهوبات تهتم بها أكثر من قضية العمل الإبداعي،[٤] كما أنّ العديد منهنّ يواجهن صعوبةً في موازنة علاقاتهن الاجتماعية ومجال إبداعهن، والكثير منهنّ يعتبرن العناية بالزوج والأطفال ومساعدتهم على التطوّر اجتماعياً من أهم الأولويات،[٥] علماً بأنّ بعض النساء يُحاولن تنظيم أوقاتهن وتقسيمها بين تلك الأولويات والعمل الإبداعي بالرغم من صعوبة ذلك.[٤]
  • الخوف من النجاح: قد تُعاني بعض النساء من متلازمة الخوف من النجاح التي اكتشفتها عالمة النفس ماتينا هورنر عام 1972م ممّا يُعيق إبداعهنّ، حيث إنّ هذه المتلازمة تجعل النساء يشعرن بالرفض من أقرانهن في حال تحقيقهن نجاحات باهرة، ممّا يؤدّي إلى اهتزاز ثقتهن في أنفسهنّ وقدراتهنّ، وفي حال أصابت هذه المتلازمة الفتيات في مراحل التعليم فقد تكون لها آثار سلبية عليهنّ، وجدير بالذكر أنّ اكتشاف هذه المتلازمة ساعد على فهم المشكلات التي قد تواجه النساء الموهوبات بشكلٍ كبير.[٥]
  • سوء التخطيط أو غيابه: إنّ عدم قدرة الفتيات الموهوبات على التخطيط الواقعي قد يؤثّر على مستقبلهنّ، إذ إنّ الكثير منهنّ لم يتعلّمن كيفية التخطيط الجيّد، فهنّ لا يُفكّرن في الطريقة الصحيحة في التوفيق بين الأسرة، والوظيفة، والدراسة، كما تتجاهل العديد منهنّ الواقع الاقتصاديّ، فبعضهنّ لا يدركن أنّهنّ قد يحتجنّ للعمل طوال حياتهن ليكنّ قادرات على إعالة أنفسهن وأسرهن، علماً بأنّ التخطيط الجيّد يُساهم في تمكين الفتيات والنساء الموهوبات من تحقيق الاختيارات الصحيحة في حياتهن.[٥]
  • عدم الثقة بالنفس: تُشكّك بعض النساء في قدرتهنّ على أداء عمل معيّن، وتُسمّى هذه الحالة بمتلازمة (Impostor)، وهي تمثّل إحدى العوامل التي تُؤثّر بشكلٍ سلبيٍّ على ثقة المرأة بنفسها، حيث تعتقد المرأة الموهوبة بأنّها غير مؤهلة لعمل معيّن أوأنّها ستتعرّض لعدم تصديق الناس لجهودها المبذولة واتهامهم لها بالاحتيال أو التزوير؛ لذا تتخلّى عن إنجازاتها وموهبتها بطريقة ما، ممّا يُضيع العديد من الفرص التي تُساعدها على التقدّم.[٦]

معوّقات مجتمعية لإبداع المرأة

يوجد العديد من المعوّقات المجتمعية التي قد تُعيق إبداع المرأة، ومنها ما يأتي:

  • الثقافة المجتمعية: إذ إنّ الثقافة التي تنشأ فيها المرأة تؤثّر في إمكانيّاتها الإبداعية، فالعادات التي تحملها بعض الثقافات قد تجعل النساء لا يملكن الدرجة المطلوبة من الثقة والإيمان بالنفس بما يُمكّنهنّ من الالتزام بعملٍ إبداعيٍّ مهم، فبدلاً من ذلك يقبلن بالعمل ضمن الأعمال الأقل أهمية ويكنّ راضيات بذلك؛ فالعديد منهنّ يتوجهنّ للعمل الأسهل وتنفيذ الأفكار الإبداعية لغيرهنّ من الأشخاص.[٤]
  • الصور النمطية حول المرأة: تنتشر بعض الآراء التقليدية حول اقتصار دور المرأة على بعض الأدوار التقليدية، وعدم إشراكها في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والأعمال، والفنون،[٢] كما تنتشر بعض الأفكار التي تُشير إلى أنّ تلك المجالات لا تُناسب المرأة لصعوبة موازنة المرأة بين واجباتها المنزلية وعملها في تلك المجالات، نظراً لأنّ تلك الأعمال تحتاج لساعات عمل طويلة ومرنة، وتدريب مستمر لتحقيق النجاح فيها.[٧]
  • أنماط تعليم المرأة: تؤثّر أنماط التعليم السائدة في الإبداع، فعادةً ما تسعى النساء إلى الحصول على شهادة الثانوية العامة والشهادة التي تليها، لكن يبدأ عدد النساء يقل في حال تعلّق الأمر بمتابعة التعليم العالي بسبب حاجة هذه المرحلة إلى وقت وطاقة من المرأة،[٨] ومن ناحيةٍ أخرى تقل أعداد الفتيات اللواتي يدرسن المواد العلمية والتقنية والهندسية والطبية في بعض البلاد، وهذا بدوره يؤثّر في أعداد النساء اللواتي يعملن ضمن تلك المجالات التي لها الدور الأساسي في إنتاج معظم الابتكار التقني.[٢]

معوّقات أخرى تحدّ من إبداع المرأة

يوجد بعض المعوّقات الأخرى التي قد تُعيق إبداع المرأة، ومنها ما يأتي:[٩]

  • عدم تقدير النفس: تضع المرأة نفسها في نهاية أولوياتها، لذا فهي ترفض عادةً القيام بعملٍ ما لذاتها وتعتبر ذلك أنانيةً، ولكن في حال تعلّق الأمر بمستقبلها فينبغي عليها اتّخاذ قرارات تساهم في تحسين حياتها.
  • عدم طلب المساعدة: من الصعب على بعض النساء عمل العديد من الأشياء بمفردهن؛ لأنّ ذلك سيؤدّي إلى الشعور بالإرهاق الذي بدوره يُشكّل ضغطاً عليهن، لكن في حال الحصول على المساعدة من الآخرين سيؤدّي ذلك إلى التخفيف من الضغط والإرهاق وأداء الأعمال بشكلٍ أفضل، ويُشار إلى أنّ العديد من النساء لا يُمانعن طلب المساعدة.
  • نفاذ الصبر بسرعة: ترغب بعض النساء برؤية النتائج الإيجابية لعملها بسرعةٍ وبوقتٍ قريب، وأحياناً يكون من الصعب عليهنّ الانتظار؛ لذا تُنصح النساء بتقدير الإنجازات الصغيرة التي حقّقنها خلال أوقات الصبر تلك لحين تحقّق الإنجازات العظيمة.
  • اعتقاد المرأة بأن انعزالها عن الآخرين يسهّل إبداعها: قد تُعيق تلك الفكرة إبداع المرأة، فمن المفترض امتلاك المرأة للمهارات الأساسية كمهارات حل النزاعات والحفاظ على العلاقات لتنجح في حياتها.[١٠]
  • غياب القدوة: في حال تواجد شخص تقتدي به المرأة في مجال وظيفتها، سيُساعدها ذلك على وضع أهداف أكثر منطقيةً تتعلّق بالنجاح في وظيفتها،[٨] لكن تُعاني بعض النساء من غياب القدوة التي تزيد من دافعيّتها وتُشجّعها على النجاح في عملها، أو تُقدّم المشورة والإرشاد لها عند الحاجة.[٧]

التخلّص من معوّقات الإبداع عند المرأة

دور المرأة نفسها في التخلّص من معوّقات إبداعها

تستطيع المرأة نفسها أن تتخطّى معوّقات الإبداع، وفيما يأتي بعض النصائح التي تُفيدها في ذلك:[٥]

  • تحلّي المرأة بالاستقلالية، وفهم الأفكار النمطية والتحيّزات الثقافية السائدة وتخطّيها.
  • المشاركة في الأدوار القيادية والأنشطة اللامنهجية.
  • الحوار مع الآخرين وطرح الأسئلة وتكرار المحاولات، والاستفادة من الأخطاء التي تمّ الوقوع بها.
  • المشاركة في مناقشات تطرح موضوع التحديات المتعلّقة بالإبداع وتحديد عناصر النجاح في العمل الإبداعي.
  • تعلّم التخطيط الفعّال للمستقبل وأهميّته للمرأة، وتعلّم أساليب الاتصال المختلفة.
  • إكمال التعليم الرسمي.
  • التعرّف على الأصدقاء الذين يُساعدون المرأة على تحديد أهدافها ويدعموها لتحقيقها وخاصةً الأهداف الأكاديمية.
  • تحديد أهداف المرأة، ثمّ وضع خطة تهدف إلى تحقيقها.

دور المجتمع في التخلّص من معوّقات إبداع المرأة

يوجد دور مهم للمجتمع في تجاوز معوّقات إبداع المرأة، وذلك من خلال ما يأتي:[١١]

  • تكوين وعي لدى روّاد الأعمال بأهمية الابتكارات التي أعدّتها المرأة والتي تُلبّي العديد من الاحتياجات.
  • تحديد أهم المعوّقات والتحديات التي تواجه المرأة في الإبداع، وريادة الأعمال، والتكنولوجيا؛ لدراسة كيفية تجاوزها.
  • التعاون بين مختلف المؤسسات من أجل اتّخاذ مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى حل تلك المعوّقات والتحديّات.
  • الاعتراف بمواهب المرأة الإبداعية وتشجيعها من خلال تسليط الضوء على إنجازاتها الإبداعية.[١٢]
  • تشجيع المرأة على التعبير عن التحديات التي تواجهها بعدّة طرق.[٥]
  • فهم العوائق الشخصية التي تُعيق إبداع المرأة أو تُقلّل من نجاحها وحلّها.[٥]
  • تشجيع المرأة الموهوبة على تكوين علاقات مع غيرها من النساء الموهوبات.[٥]
  • تعريف المرأة بالمهن المستقبلية، وتشجيعها على اختيار مجال تُبدع فيه، والتخطيط الفعّال لتحقيق النجاح فيه.[٥]
  • تدريب المرأة على التفكير الإبداعي، وحلّ المشكلات، واتّخاذ القرارات.[٥]
  • تقديم الدعم المستمر للمرأة المبدعة في أيّ مجال، وتجنّب النقد السلبي.[٥]
  • مساعدة المرأة على تطوير ثقتها بنفسها، وإيمانها بذاتها، وبقدرتها على الإبداع.[٥]

للتعرف أكثر على دور المرأة في المجتمع يمكنك قراءة المقال مقال عن دور المرأة في المجتمع

أهمية التخلّص من معوّقات الإبداع عند المرأة

للإبداع والابتكار أهمية كبيرة في أيّ مجتمع لما ينتج عنهما من العديد من الأفكار الفريدة التي تجلب العديد من الفوائد للمجتمع، وفي حال تمّ تقييدهما فإنّ ذلك يؤثّر سلباً على دعم الاقتصاد؛ لذا لا بدّ من الاستفادة من الإبداع والابتكار من كلا الجنسين، فقد بيّنت الأبحاث أنّ الشركات والمنظمات التي تضم موظفين من كلا الجنسين تكون أكثر ابتكاراً وإبداعاً وبالتالي تُحقّق أرباحاً أكثر، ويُشار إلى أنّ زيادة مشاركة المرأة يُحسّن الأداء الابتكاري في تلك الشركات والمنظمات؛ وذلك لأنّ إتاحة الفرص للنساء للمشاركة في الإبداع يزيد من فرص ظهور رؤى جديدة وأفكار قيّمة، كما أنّ المرأة تستطيع تقديم منظور مختلف عمّا هو سائد، بالإضافة إلى أنّ المرأة المبدعة قادرة على ضمان تلبية المنتجات والعمليات الجديدة لاحتياجات جميع العملاء.[٢]

للتعرف أكثر على حقوق المرأة يمكنك قراءة المقال ما هي حقوق المرأة

المراجع

  1. KH Kim (11-10-2016), “Does Science Say Men Are More Creative Than Women?”، www.creativitypost.com, Retrieved 4-6-2020. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث “Innovation, Creativity and the Gender Gap”, www.wipo.int, Retrieved 4-6-2020. Edited.
  3. Sally Reis (8-6-2010), “Toward a Theory of Creativity in Diverse Creative Women”، www.tandfonline.com, Retrieved 4-6-2020. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث Mark Runco, Mark Pritzker, Steven Pritzker, and others ( 1999), Encyclopedia of Creativity, Page 704, Part 2. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز Sally Reis, “Internal Barriers, Personal Issues & Decisions Faced by Gifted and Talented Females”، gifted.uconn.edu, Retrieved 4-6-2020. Edited.
  6. “How to Overcome 5 Obstacles That Keep Women from Moving Up to the C-Suite”, www.womensworldbanking.org,5-12-2016، Retrieved 4-6-2020. Edited.
  7. ^ أ ب EUROPEAN COMMISSION (25-7-208), Promotion of Women Innovators and Entrepreneurship- Final Report , Page 103, 104. Edited.
  8. ^ أ ب Sally Reis, “External Barriers Experienced by Gifted and Talented Girls and Women”، gifted.uconn.edu, Retrieved 4-6-2020. Edited.
  9. Kimberly Buchanan (4-6-2020), “The Top 5 Things That Hold Most Women Back”، thriveglobal.com. Edited.
  10. Melissa Williams (16-8-2019), “Why Do We Treat Women’s Creativity Differently?”، www.psychologytoday.com, Retrieved 5-6-2020. Edited.
  11. UN Women (2019), INNOVATION FOR GENDER EQUALITY, Page 3. Edited.
  12. UNESCO (2014), Gender equality, heritage and creativity, France: UNESCO/CLD, Page 83. Edited.